ولاء يهود فرنسا لإسرئيل بين رفّ الكتب

2020-06-04

مساندة غير مشروطةساهم يهود فرنسا منذ الثورة الفرنسية في تطوير الديمقراطية والعَلمانية، ما عرف بمرحلة الفرنكويهودية. ورغم الاضطهاد الذي لحقهم من حكومة فيشي، ورغم إنشاء دولة إسرائيل، ظلوا متمسّكين بالاندماج، ولكن استقلال بلدان المغرب العربي وهجرة جالياتها اليهودية إلى فرنسا خلق منعرجا أول، فالوافدون الجدد لم يكن لهم نفس ثقافة الاندماج التي ليهود أوروبا الشرقية، ثم كان المنعرج الثاني خلال حرب الأيام الستة، حيث دعت إسرائيل كل يهود العالم إلى مساندتها بغير شروط، فظهرت الفرنكوصهيونية التي اتسمت بالوفاء لبلد المنشأ بالإضافة إلى الوفاء لإسرائيل وسياستها أيا ما تكن، فصارت مؤسسات اليهودية الفرنسية تسعى لإقناع اليهود بأن مصيرهم لم يعد مرتبطا بفرنسا، بل بـ”دولة/أمّة للشعب اليهودي” ذات منحى توراتي عنصري.

ليبرالية تحتية
الليبرالية، التي كانت تعدّ تاريخيا ضامنا للحريات الفردية ضد الاستبداد، صار ينظر إليها اليوم كسلوك خاص بالنخبة، وثقافة حكر على “المنتصرين في العولمة”، وفئات مدينية محظوظة تصم آذانها عن مشاكل الأغلبية.

كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟ يتساءل عالم الاجتماع الألماني الشهير يان فيرنر مولر في كتاب “الخوف أو الحرية”. ويبين كيف ولماذا فرضت مثل هذه الأفكار نفسها بعد نهاية الحرب الباردة، وكذّبت انتظارات المنتصرين الليبراليين.

إنسانية زائفة عبر العالم

واستنادا إلى تأملات المفكرة الأميركية جويت شكلار، يتوقف عند “ليبرالية تحتية” يعتقد أنها يمكن أن تضمن وجودا مستقلا، بعيدا عن الخوف. مثل هذه الليبرالية في رأيه يمكن أن تقدم بشكل غير مسبوق سياسة تقوم على فكرة الأمن، للحيلولة دون ميز. وفي اعتقاده أن ذلك قد يساعدنا على الخروج من الصراع بين نخب ليبرالية وشعبويين.

 

التنقل كحق إنساني

كوسط خرسانات أبراج المدن ما بين الخمسينات والستينات صاغ المفكر الكاميروني أشيل مبيمبي مصطلح “العنفوية”، لوصف العنف السياسي الذي يميز هذا العصر، والنزوع إلى حركة تدمير وإزالة للنسيج الحيّ تمارَس على المخيال والأجساد والأدوات وكل ما هو حيّ. فقد حوّل القرن الحادي والعشرون الإنسانية إلى مادة وطاقة وفضلات، ونفث في الأشياء والآلات أنفاس الحياة.

لقد سبق لمبيمبي، الذي يعدّ من أهم نقاد ما بعد الكولونيالية، أن حلل تواصل “هَرْس” الأجساد السوداء منذ الاسترقاق، ولكنه هنا يتوقف عند صنع إنسانية زائفة عبر العالم، حيث باتت الشعوب والدول تقيم الحواجز حول نفسها لمواجهة المهاجرين، القادمين خاصة من القارة الأفريقية، وتستعبدهم حينا وتتركهم يموتون غرقا حينا آخر، ويلح على حق الناس جميعا في التنقل، لخلق كوسموبوليتية تقوم على المشترك الذي يوحّد ولا يفرّق.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي