الزراعة المنزلية تزدهر في زمن كورونا.. هكذا تُنشِئ حديقتك الخاصة

مصدر: The human needs driving the rise in gardening, and how to start one
2020-06-04

شهدت مشاتل النباتات المحلية ارتفاعًا كبيرًا في مبيعات البذور؛ إذ بدأ الناس بزراعة الخضراوات على مساحات مختلفة، الصغيرة منها والكبيرة، حتى إنهم أقبلوا بقوة على زراعة أفنية المنازل وأحواض النوافذ. هذا ما لاحظته الصحافية «كريستين روجرز» وأعدت حوله مقالًا نشرته صحيفة «سي إن إن» الأمريكية تحدثت فيه عن الاحتياجات البشرية التي أدت إلى رواج الزراعة المنزلية في زمن كورونا، إضافة إلى بعض النصائح لمن يرغب في خوض التجربة.

تقول كريستين: انخرط بعض محبي النباتات في زراعة الحدائق المجتمعية  – قطعة أرض يتطوع في زراعتها مجموعة من الناس –  حيث يعملون في نوبات عمل محددة ويحافظون أثناءها على مسافات تباعد مناسبة، ويرتدون الكمامات ويتركون أدواتهم نظيفة للاستعمال القادم.

وبينما يحتمي الناس الآن في منازلهم، فإنهم يمارسون هوايات جديدة، ويبدأون مشروعات تعينهم على ملء أوقات فراغهم في ظل تفشي فيروس كورونا، وفي هذا المناخ ازدهرت زراعة الحدائق.

فرعاية الحدائق توفر نوعًا من الاسترخاء في ظل الرعب الذي يعيشه العالم بسبب الفيروس، إذ تلبي العديد من الحاجات الطبيعية للإنسان خاصة تلك التي تتعلق بالإنجاز، والمجتمع، والانتماء والبقاء على تواصل مع الطبيعة.

تستطيع الزراعة أن تجمع الشريكين وجميع أفراد العائلة في الخارج، يتعاونون بسعادة للقيام بنشاط معًا. ومن الممكن أيضًا أن تساعد الزراعة في التخفيف من التوتر بشأن الأمن الغذائي؛ إذ انخفض دخل بعض الأسر، وبدأت المخاوف بشأن توفر المواد الغذائية تتزايد.

يقول أستاذ ورئيس قسم البستنة في جامعة تكساس آي أند إم، شارلي هول: «هناك قدر كبير من الترابط يحدث بين أفراد الأسرة وأنت هناك في الخارج ويداك في التراب. ليس هناك تذمر من المراهقين، ولا مشاجرات بين الأشقاء. و أيضًا كلمات قاسية أقل بين الزوجين».

الزراعة المنزلية وتلبية الحاجات البشرية

تتابع الكاتبة مع هول الذي يقول إن وجود يديك في التراب يبقيك على تواصل مع الطبيعة، بينما نبقى في منازلنا لفترة أطول هذه الأيام. كما أن التنظيم الذي تحتاجه الزراعة – بقواعدها وصفوفها – من الممكن أن ينتقل لينظم إدارتنا لمهام الحياة الأخرى. والهدوء الذي يتطلبه هذا النشاط، قد يساعد في تسكين الإحباطات المكبوتة.

ويضيف: «تنخفض مستويات الكورتيزول انخفاضًا كبيرًا وأنت منغمس في الزراعة؛ والكورتيزول هو: هرمون الإجهاد في جسمك؛ فأنت تصبح أقل إجهادًا عندما تنخفض مستوياته».

ولأن هناك نسبة موازنة بين الخطر والعائد متأصلة في نشاط الزراعة؛ فعليك أن تتعلم المحافظة على التوازن بينهما؛ كيلا يذهب مجهودك سدى. ولكن هذه التجربة تثمر الطماطم حلوة المذاق، وخيارًا منعشًا، ما يمنحكَ شعورًا ملموسًا بالإنجاز، عندما ترى ثمرة جهدك المضني. هذه لحظة يتعلم الناس منها دروسًا في حياتهم.

وقد يكون لزراعة الحدائق أيضًا درس فلسفي مناسب لنا في هذه الفترة، يقول هول: «نقلِّم النباتات لتخرج أكثر صحة». فبينما يحتاج النبات إلى الماء والأسمدة وضوء الشمس لينمو، فإننا أيضًا ننمو بالتحدي وممارسة ما نحب.

وعندما تُزرع النباتات ويعتنى بها جيدًا، تنمو متجاوزة المكان الذي زُرعت فيه، ويصبح على البستاني إعادة زراعتها في مكان آخر، حيث يكون لها متسع أكبر للنمو. يتابع هول: ينتقل الناس إلى مستويات أكبر من المسؤولية في مسيرتهم المهنية، وهناك استعارات شتى تأتي من الزراعة والبستنة تنطبق على حياتنا مثل أنها: «تحتاج في بعض الأحيان أن تُزرع في مساحات أخرى، حيث يمكن لها أن تنمو فيها أكثر».

أثرها يمتد لعموم صحتك

قد تكون الزراعة آلية جيدة للتكيُّف مع هذه المرحلة المقلقة من الحياة، ولكن فوائدها تمتد لتشمل صحتك العقلية والجسدية، بحسب كاتبة المقال. إذ خلصت  دراسة إلى أن الزراعة – ضمن نشاطات ترفيهية أخرى – قد تمنع تقلص حجم الدماغ عند كبار السن. فقدراتنا الإدراكية بما فيها التعلم والتذكر تعتمد إلى حد كبير على حجم أدمغتنا.

وأشارت الدراسة أيضًا إلى ارتباط الزراعة باليقظة الذهنية والتخفيف من أعراض الاكتئاب. فهي نشاط من النوع المعتدل يوفر لك فترة راحة من التحديق في شاشتك طوال اليوم. كما يمكنها تحسين التنسيق بين اليد والعين وثني الأصابع – أي القدرة على ثني مفاصلك بكفاءة – التي تساعدك أيضًا في مهامك اليومية الأخرى.

كيف تنشئ حديقة منزلية؟

ربما لا يكون الوقت متأخرًا جدًّا لإنشاء حديقة منزلية، إليك كيفية إنشاء حديقة خضراوات للمبتدئين وفقًا لدورية «ذا أولد فارمرز ألماناك» الإلكترونية التي توفر مخططات وجداول زراعية، بالإضافة إلى توقعات الطقس والوصفات منذ عام 1792.

اختر المكان المناسب

يقول الدليل الإرشادي إن اختيار الموقع المناسب مهم للغاية؛ لأنه يؤثر في جودة الخضراوات؛ إذ تحتاج معظمها لست ساعات على الأقل من التعرض لضوء الشمس يوميًّا؛ لذا، اختر مكانًا مشمسًا. إذا لم ترغب في شراء تربة جديدة، افحص التربة الموجودة في فناء منزلك، إذا كان لديك فناء ملحق، للكشف عن احتوائها على الرصاص.

فوفقًا لمجلة «جاردن كوليج» فإن التلوث بالرصاص أمر شائع في المناطق الحضرية؛ بسبب سنوات التطوير الصناعي والتلوث بالسموم الصناعية. وإذا كانت تربتك ملوثة وتسببت في تلوث خضراواتك، فهذا يعني تسممًا بالرصاص لك ولأي حيوانات أليفة قد تتجول في الجوار. يمكنك فحص تربة منزلك عبر إرسال عدة عينات إلى أي مكان اختبار بثمن بسيط.

ومن ناحية أخرى، ازرع خضراواتك في تربة ليست مشبعة بالماء تمامًا بل رطبة، إذا كان نوع التربة الذي لديك لا يصرف الماء بشكل جيد، ازرع الخضار في إصيص مرتفع عن الأرض. كما يجب عليك أن تضع نباتاتك في مكان مستقر نسبيًّا؛ لأن تعرضها للرياح القوية أو الفيضانات، أو وضعها في مكان مرور الأشخاص، يمكن أن يتلفها.

اختر حجم قطعة الأرض

تشير الكاتبة إلى أن الدليل الإرشادي يقترح أن يبدأ المبتدئون بزراعة قطعة صغيرة، تناسب ما يمكنهم التعامل معه والكمية التي سيأكلونها بالفعل. ويوصي الدليل بأحد عشر صفًّا يبلغ طول كل منها ثلاثة أمتار ونصف تقريبًا. ولكن هذه التوصية مناسبة لعائلة مكونة من أربعة أشخاص تكفيهم طوال فترة الصيف، لذا لا تتردد في تقليص المساحة إن كنت تعيش وحدك.

تأكد أيضًا من وجود مسافة كافية بين الصفوف لتتمكن من المشي خلالها بسهولة من أجل إزالة الأعشاب وجني ثمار نباتاتك. ولكن لا يجب أن يزيد عرض الصفوف على أربعة أقدام؛ لأنك ربما لن تتمكن من الوصول إلى عرضٍ أكبر لرعاية نباتاتك.

اختر ما ستزرعه

هناك الكثير من الخضر الشائعة وسهلة الزراعة مثل: الطماطم، والفجل، والسلق، والكوسا، والفلفل، والملفوف (الكرنب)، والخس، والجزر. ضع في اعتبارك أيضًا ما الذي تحب تناوله وكميَّة استهلاكك المحتملة. يمكنك شراء نباتات بادئة (زُرعت البذور وبدأ يظهر النبات الصغير)، أو يمكنك البدء من الصفر مع البذور. ولكن اختر بذورًا ذات جودة عالية كي لا تضيع أموالك على بذور لا تنبت، وتقترح دورية «ألمانك» أن تشتري بذورًا من مشاتل النباتات، كما يمكنك طلبها عبر الإنترنت أيضًا.

حدد أين ومتى ستزرع

لا تتطلب زراعة نبات أو اثنين تخطيطًا استراتيجيًّا، ولكن إن كنت ستزرع حديقة بأكملها، فعليك أن تفكر في مكان كل نوع من الخضار ومتى ستزرعه. فبعض النباتات مثل الخس والخضراوات الجذرية تنمو في الربيع، بينما يجب زراعة الأنواع الأخرى مثل الطماطم والفلفل في الأشهر الأكثر دفئًا.

تختم الكاتبة مقالها بالنصيحة التالية: ازرع النباتات الأطول في الجزء الشمالي  من حديقتك؛ حتى لا تحجب الشمس عن النباتات الأقصر طولًا، وتحقق كذلك من المعلومات المرفقة مع نبتتك إذا ما كانت تحتاج إلى حوض دائم.

وأخيرًا، تدرج في زراعة نباتاتك، لا تزرع كل البذور في وقت واحد وإلا سيكون لديك كمية من الخضار التي يجب حصادها واستهلاكها في فترة زمنية ضيقة. أما إذا تدرجت في زراعة نباتاتك، فستحصل على إمدادات ثابتة من الطعام.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي