كيف زكى فيروس كورنا "الجمود" بين دول المغرب العربي؟

2020-04-15

باستثناء دعوة فريدة من نائب برلماني مغربي لإرسال كمامات طبية إلى الجزائر، واتصالات يتيمة من الرئيس التونسي لقادة البلدان المغاربية، زكّت أزمة وباء فيروس كورونا غياب أي تنسيق بين دول اتحاد المغرب العربي الخمس، في مواجهة الجائحة، إذ اختارت كل دولة الانغلاق على نفسها ومواجهة الفيروس بطريقة أحادية.

النائب البرلماني المغربي عمر بلافريج، طالب الإثنين 14 أبريل 2020، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بتصدير الكمامات الواقية من فيروس كورونا، إلى الجارة الجزائر، من أجل سد النقص الكبير الحاصل لديها، ثم للقارة الإفريقية.

هذه الدعوة، تأتي في ظل ندرة المبادرات التنسيقية، بين بلدان المغرب العربي، وتوحيد الجهود في مقاومة تفشي فيروس كورونا، الذي ترتفع أرقام المصابين به والمتوفين بسببه، بشكل يومي، خاصة في المغرب والجزائر وتونس.

اتصال هاتفي

بعد حوالي أربعة أسابيع من تفاقم الأزمة في البلدان المغاربية الثلاثة، لم تشر أي تقارير صحفية فيها، إلى أي مبادرات مشتركة من أجل توحيد الجهود في مواجهة خطر تفشي الوباء، باستثناء اتصال هاتفي وحيد من الرئيس التونسي قيس سعيد، مع رؤساء هذه البلدان.

فحسب وسائل اعلام تونسية، فإن رئيس الجمهورية التونسي أجرى في 26 من شهر مارس/آذار الماضي، اتصالات هاتفية مع عدد من رؤساء الدول، من أجل التباحث بخصوص سبل مواجهة مشتركة للوباء، شملت أيضاً الدول المغاربية.

المصدر نفسه أكد أن الرئيس التونسي اتصل بكل من “ملك الأردن عبدالله الثاني، والرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، وملك المغرب محمد السادس، ورئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، والرئيس الإيطالي سيرجيو ماتيريلا، والرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وملك إسبانيا فيليب السادس”.

كان موضوع هذه الاتصالات، وفق المصدر ذاته، “التعبير عن تعاطف تونس خاصة مع البلدان المتضرّرة جراء انتشار وباء كورونا المستجد، على غرار إيطاليا وإيران وإسبانيا، وتباحث الوضع الصحي، كما كانت فرصة لحشد قيس سعيد الدعم العربي والعالمي لمبادرته الرامية إلى عرض مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي يهدف إلى توحيد الجهود على مستوى عالمي لمكافحة الجائحة، وأن لا تواجه كل دولة على حدة هذا الوباء العالمي”.

مبادرة برلمانية

على أرض الواقع، لم يُترجم اتصال الرئيس التونسي إلى إجراءات ملموسة، تنسق الجهود بين بلدان المغرب العربي.

لكن المبادرة الفعلية، انطلقت من مجلس النواب المغربي، حيث طالب النائب عمر بلافريج، عن حزب فدرالية اليسار الديمقراطي، بضرورة تصدير الكمامات للجزائر أولاً، قبل أي دول أوروبية أو إفريقية أخرى.

بلافريج، قال في خطاب وجهه لرئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العتماني: “أطالب رئيس الحكومة المغربية، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير في الكمامات والمطهرات، بأن نعطي الأسبقية للشعوب الإفريقية، وعلى رأسها الشعب الجزائري”.

مضيفاً: “الشعوب لا يمكنها أن تنسى من يقف إلى جانبها في الظروف الصعبة، أعتقد أن مقترحي عملي، وينسجم مع التوجه المغربي الحالين الرامي إلى إنتاج عدد كبير من الكمامات وتوجيهها إلى الخارج”.

يشار، أن وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي والأخضر المغربي، مولاي حفيظ العلمي، أكد بأن المغرب قد وزع 13 مليون كمامة على الأسواق المحلية، كما سينتج ابتداءً من اليوم، 5 ملايين كمامة بشكل يومي، ستوجه للسوق المحلي أولاً، ثم للتصدير لاحقاً.

أزمة الكمامات

أظهر تقرير لصحيفة “الشروق اليومي” الجزائرية، نشر الإثنين 13 أبريل/نيسان 2020، معاناة الجزائريين من أجل إيجاد كمامات واقية أو مواد معقمة، بعد أن اشتكى العديد من ندرتها في المحلات والأسواق والصيدليات.

وحسب نفس التقرير، فإن “الصيدليات عبر مختلف ولايات الوطن تعرف نقصاً حاداً في الكمامات الطبية ما اضطر المواطنين لاستعمال كمامة واحدة وغسلها يومياً لإعادة استعمالها مجدداً، مع ما تشكله من خطر.. فيما يضطر آخرون لوضع أقمشة على أفواههم وأنوفهم لحين توفر الكمامات الطبية بالصيدليات، في وقت تحجز الجمارك كميات منها بسبب إجراءات الجمركة”.

الصحيفة، نقلت تصريحاً لمصطفى زبدي، رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، يقول فيه: إن منظمة الصحة العالمية أكدت على جميع المواطنين ارتداء الكمامات الطبية، ولأن جائحة كورونا جاءت مفاجئة لم تستعد لها الدول بتصنيع كمامات تكفي احتياجاتها، ما أنتج أزمة ندرة حادة”.

مضيفاً: “نحن في حالة تشبه الحرب، وكل الحلول مرحب بها، الجزائر قدمت طلبيات استيراد من الخارج وستصل تباعاً، وتكون الأولوية في توزيعها للأسلاك الطبية”.

المتحدث نفسه، استغرب مما وصفه بـ “التضييق الذي تفرضه مصالح الجمارك على دخول كمامات طبية إلى الجزائر، يرسلها متعاملون اقتصاديون أجانب إلى شركائهم بالجزائر كمساعدات، وأخرى يستوردها محسنون، إذ لا تزال كثير منها محجوزة لدى المصالح الجمركية”.

يشار إلى أن وزير الصحة الجزائري، عبدالرحمن بن بوزيد، قد قال اليوم، في تصريح للإذاعة الجزائرية، إن بلاده تتوفر على 11 مليون كمامة، وأن “رياضياً رفيع المستوى” قد قرر شراء 50 مليون كمامة لبلاده، كما أكد بأن الجزائر تتجه لاستيراد كميات إضافية من الكمامات.

ملك المغرب يتجه للجنوب

أجرى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، اتصالين هاتفيين، على التوالي، مع درامان واتارا، رئيس جمهورية كوت ديفوار، وماكي سال، رئيس جمهورية السنغال.

وفقاً لبلاغ الديوان الملكي، فإن المحادثات “همت التطور المقلق لجائحة (كوفيد-19) في القارة الإفريقية”. وخلالها، “اقترح العاهل المغربي إطلاق مبادرة لرؤساء الدول الإفريقية تروم إرساء إطار عملياتي بهدف مواكبة البلدان الإفريقية في مختلف مراحل تدبيرها للجائحة”.

يتعلق الأمر “بمبادرة واقعية وعملية تسمح بتقاسم التجارب والممارسات الجيدة لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة”، يقول البيان.

من جانبها، أعلنت الرئاسة السنغالية، اليوم أن “مبادرة الملك محمد السادس لتوحيد بعض الدول الصديقة، من بينها السنغال، لتقديم رد متضامن ومنسق ضد جائحة “كوفيد 19″، ستكون قريباً موضوع محادثات بالفيديو بين رؤساء دول وحكومات البلدان المعنية”.

الخطر مازال قائماً

بالرغم من التطمينات التي أرسلتها الحكومات المغاربية باستقرار مؤشرات الإصابات في البلدان الثلاثة، إلا أن الأرقام مازالت تدل على تزايد عدد المصابين والمتوفين جراء الإصابة بالفيروس.

ففي الجزائر، ارتفع عدد المصابين ليصل إلى 2070 حالة مؤكدة، منها 87 خلال الـ24ساعة الماضية، كما تم تسجيل 326 حالة وفاة، منها 8 حالات اليوم.

أما في المغرب، فقد ارتفع العدد ليصل إلى 1888 حالة اليوم، بعد أن تم تسجيل 124 حالة جديدة، فيما وصل إجمالي الوفيات 126 حالة.

في حين، سجلت تونس، إلى غاية الإثنين 726 إصابة بـ “كورونا”، بينها 34 وفاة.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي