من بول رواد الفضاء.. خرسانة لبناء مستوطنات على سطح القمر

2020-04-03

في غمار رحلة الإنسان لاستكشاف الفضاء، تسعى العديد من وكالات الفضاء العالمية إلى بناء مستوطنات على سطح القمر خلال العقود القادمة. وهو الأمر الذي تواجهه العديد من التحديات التي يحاول العلماء التغلب عليها، ومن بينها توفير مواد البناء اللازمة.

وخلال السعي لإيجاد حلول غير تقليدية لمواد بناء قمرية، توصل فريق من الباحثين إلى إمكانية استخدام أحد مكونات بول رواد الفضاء في تحضير خرسانة للبناء على سطح القمر.

فقد كشفت دراسة حديثة نشرت في فبراير/شباط الماضي في دورية "جورنال أوف كلينر برودكشن"، وصدر البيان الصحفي الخاص بها يوم 27 مارس/آذار الماضي، أنه يمكن تكوين خرسانة قمرية عبر إضافة اليوريا الموجودة بكثرة في البول البشري إلى مواد محضرة من تربة القمر.

إذ يمكن استعمال تلك الخرسانة في بناء مستوطنات قمرية باستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد.

عائق مواد البناء

يعد توفير مواد البناء الضرورية على سطح القمر هو العائق الرئيسي أمام إنشاء مستوطنات قمرية. إذ تربو تكلفة نقل قرابة نصف كيلوغرام من المواد من كوكب الأرض إلى الفضاء على 10 آلاف دولار أميركي. الأمر الذي يجعل من نقل مواد البناء من الأرض إلى القمر باهظ التكلفة.

وقد دفع ذلك الأمر العلماء إلى التفكير في استخدام مواد موجودة بالفعل على سطح القمر، أو مواد يمكن لرواد الفضاء توفيرها بأنفسهم لتحضير مواد بناء للاستخدام على سطح القمر.

وهذا ما قام به الفريق البحثي بالفعل عبر تحضير نوع من الخرسانة باستخدام مواد مفككة بتربة القمر تعرف باسم ريغوليث، وإضافة اليوريا الموجودة ببول رواد الفضاء إليها كمادة ملدنة.

يوضح ذلك الأمر الأستاذ بجامعة قرطاجنة متعددة التقنيات بإسبانيا وأحد أعضاء الفريق البحثي رامون باميس في البيان الصحفي قائلا "لتحضير خرسانة يمكن استخدامها على سطح القمر، كانت الفكرة هي استخدام المتاح هناك بالفعل وهي مادة الريغوليث (المادة المفككة من سطح القمر) والماء الموجود ببعض المناطق".

ويضيف رامون أنهم من خلال هذه الدراسة بينوا أنه يمكن أيضا استخدام الفضلات مثل بول الأشخاص الذين يقطنون المستوطنات القمرية.

مزيج اليوريا والريغوليث

السر وراء استخدام اليوريا في تحضير خرسانة من الريغوليث القمري أنها تعمل كملدن حيث تزيد من ليونة تلك الخرسانة وقابليتها للتشكيل. حيث يكسر مركب اليوريا الروابط الهيدروجينية داخل المزيج الخرساني، مما يقلل من لزوجته ويجعله قابلا للاستخدام في أعمال البناء.

وبالفعل قام الفريق البحثي الذي يضم علماء من النرويج وهولندا وإسبانيا وإيطاليا، بتحضير تلك الخرسانة القمرية واختبار خصائصها، حيث أضافوا اليوريا إلى مادة شبيهة بالريغوليث القمري طورتها معامل وكالة الفضاء الأوروبية، ثم تمكنوا من تصنيع قوالب من تلك الخرسانة باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد.

وعبر اختبار تلك القوالب الخرسانية، وجد العلماء أنها يمكنها تحمل الأوزان الثقيلة مع حفاظها على ثبات شكلها. كما يمكنها الاحتفاظ بخصائصها البنائية في درجات حرارة مرتفعة تصل إلى 80 درجة مئوية. ويمكنها أيضا تحمل الظروف البيئية غير المألوفة على سطح القمر من تعاقب دورات ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة بشكل كبير.

بمزيد من الدراسة للتركيب البنائي الدقيق للخرسانة الجديدة باستخدام تقنيات التصوير بالأشعة السينية، وجد الباحثون أن إضافة اليوريا كملدن فائق يحفز من تكوين فراغات إضافية من الهواء بداخلها. الأمر الذي قد يكون مسؤولا عن منحها تلك الخواص التي تجعلها ملائمة للاستخدام في أعمال البناء على سطح القمر.

ويعكف الفريق البحثي حاليا على إجراء المزيد من الاختبارات لإيجاد الوصفة المثالية للخرسانة القمرية لإنتاجها باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد. الأمر الذي سيكون الخطوة الأولى نحو إنشاء مستوطنات على سطح القمر، يليها العديد من الخطوات نحو إنشاء مستوطنات فضائية بكواكب أخرى كحلم للبشرية يتخطى حدود المكان والزمان.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي