العلم يفسر.. لماذا تخرج الأوبئة دائما من آسيا وأفريقيا؟

2020-03-25

يعتبر فيروس كورونا المستجد أو "كوفيد-19" حلقة من عائلة الفيروس التاجي أو كورونا، والذي بدأ قبل عشرين عاما، إلا أن الفيروس الذي نعاصره الآن هو الأشد من ناحية الانتشار.

وتشترك معظم الفيروسات التي ظهرت مؤخرا في شيء: أنها بدأت إما من آسيا أو أفريقيا، وذلك بحسب مقال على موقع "يو إس نيوز"، كتبه عالم الفيروسات بجامعة ولاية بنسلفانيا، سورش كوتشيبودي.

ويقول كوتشيبودي في مقاله إن التحول غير المسبوق في عدد السكان، كان أحد الأسباب وراء ظهور المزيد من الأمراض مصدرها آسيا وأفريقيا.

وقد شهدت قارة آسيا وخاصة منطقة المحيط الهادي حيث يعيش 60 بالمئة من البشر حول العالم، عملية عمران سريعة. حيث انتقل نحو 200 مليون شخص لعيشوا في المناطق الحضرية بشرق آسيا في العقد الأول من القرن الـ 21.

وتعتبر هجرة بالحجم هذا مدمرة بالنسبة للغابات حيث تهدف إلى خلق مناطق عمرانية. وتضطر الحيوانات البرية إلى العيش قرب المدن والبلدات، مما يؤدي في النهاية إلى احتكاك الحيوانات البرية بالحيوانات الأليفة والبشر.

الخفافيش والفيروسات

ودائما ما تكون الحيوانات البرية حاملة للفيروسات، فالخفافيش على سبيل المثال تحمل المئات منها. ويمكن للفيروسات أن تنتقل من فصيلة إلى أخرى.

وتصبح عملية العمران الشديدة في نهاية المطاف جزءا من حلقة مفرغة، تقوم فيها الأعداد المتزايدة من الناس بإزالة الغابات والتوسع في العمران، فيما يؤدي القضاء على مناطق عيش الحيوانات المفترسة لموتها، بما في ذلك تلك التي تتغذى على القوارض.

وعندما تموت الحيوانات المفترسة أو يقل عددها بشدة، تبدأ أعداد القوارض في الازدياد بشكل كبير، وبالتالي تزداد مخاطر الأمراض الحيوانية، بحسب ما أشارت الدراسات في أفريقيا.

ومن المتوقع بحسب كوتشيبودي أن يسوء الأمر، إذ لا يزال يعيش جزء من سكان شرق آسيا في مناطق ريفية، ومن المتوقع أن تستمر عملية العمران والتمدن لتشملهم في العقود القادمة.

وتعتبر المناطق الاستوائية غنية بالتنوع البيولوجي، حيث يوجد بها مجموعة كبيرة من مسببات الأمراض، مما يعني زيادة فرص ظهور مسبب مرض جديد. فيما لا يقي النظام الزراعي في آسيا أو أفريقيا من الوقوع ضحية لهذه الأمراض.

ففي كلا القارتين، تعتمد الكثير من العائلات على زراعة الكفاف، وإمدادات ضئيلة من الماشي. لذلك تعتبر القدرات المتعلقة بعملية السيطرة على الأمراض وتغذية الحيوانات، وإسكان تلك الحيوانات محدودة للغاية.

الماشية والدجاج، والخنازير في تلك المناطق يمكن أن تحمل أمراض متوطنة، حيث تكون في الأغلب على اتصال وثيق ببعضها البعض، ومجموعة أخرى من الحيوانات غير الأليفة والبشر.

أسواق الحيوانات الحية

ولا يحدث هذا في المزارع فقط، إذ تعتبر أسواق الحيوانات الحية في جميع أنحاء آسيا وأفريقيا، والتي تعرف بازدحامها واختلاط العديد من الأنواع فيها، بما في ذلك البشر، تلعب دورا في كيفية ظهور مسببات الأمراض وانتشارها بين الأنواع.

هناك خطر آخر، وهو صيد لحوم الطرائد والحيوانات البرية وذبحها، والتي تنتشر بشكل واسع في جنوب الصحراء الأفريقية. هذه النشاطات بجانب أنها تهدد فصائل الحيوانات وتغير النظم البيئية بشكل لا رجعة فيه، فهي تقرب بين البشر والحيوانات البرية، ويعتبر صيد لحوم الطرائد مسارا واضحا لانتقال الأمراض حيوانية المنشأ.

 

ويمكن أن يضاف إلى ما سبق، الطب الصيني التقليدي، والذي يدعي توفير علاجات لمجموعة متنوعة من الأمراض مثل التهاب المفاصل، والصرع، وضعف الانتصاب، بالرغم من عدم وجود دليل علمي على ذلك. وتعتبر قارة آسيا مستهلكا ضخما لمنتجات الطب الصيني التقليدي.

وفي هذا الطب، يتم سلق حيوانات كالنمور والدببة، ووحيدي القرن، وآكلي النمل الحرشفي، حتى يتم استخدام أعضاء من أجسامهم في علاجات عليها علامات شك. ويعتبر هذا أحد الأسباب الرئيسية التي تساهم في زيادة التفاعلات بين البشر والحيوانات. ويزداد الطلب على هذه العلاجات، في ظل ارتفاع نمو التسوق الإلكتروني والاقتصاد الآسيوي.

ويخلص كوتشيبودي في نهاية مقاله، إلى أن الآلاف من الفيروسات مستمرة في التطور، وما هي إلا مسألة وقت حتى نشهد تفشي آخر بمنطقة أخرى في العالم. فكل الفيروسات التاجية التي تسببت في أوبئة خلال السنوات الماضية، بما في ذلك "كوفيد-19" انتقلت من الخفافيش إلى حيوانات أخرى ثم تصيب البشر.

ويصعب توقع سلسلة الأحداث التي تؤدي إلى الوباء، لكن المؤكد أن هذه المخاطر يمكن التخفيف منها عن طريق تطوير استراتيجية تحد من التأثير البشري الذي يساهم في الاضطرابات البيئية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي