نائب زعيم طالبان: هذا ما نتعهد به ونتوقعه من اتفاق السلام

مصدر: What We, the Taliban, Want
2020-02-21

كاتب: Sirajuddin Haqqani

«أنا مقتنع بضرورة وقف القتل والتشويه». سراج الدين حقاني، نائب زعيم حركة طالبان الأفغانية

كتب سراج الدين حقاني، نائب زعيم حركة طالبان الأفغانية مقالًا في صحيفة «نيويورك تايمز» حول الاتفاق بين الحركة والولايات المتحدة، والذي تقول التقارير الإخبارية إنه بات وشيكًا، إذ تمضي المحادثات المستمرة منذ أكثر من عام بسلاسة.

يحاول نائب زعيم حركة طالبان إرسال رسالة طمأنة إلى المواطنين الأفغان في الداخل وإلى الخارج أيضًا، مؤكدًا على أن البلاد لن تكون ملاذًا للإرهابيين، وأنها ستحترم حقوق المرأة وتسعى إلى التعاون مع الآخرين من أجل البناء والسلام. وفيما يلي الترجمة الكاملة لنص المقال:

عندما بدأ ممثلونا في التفاوض مع الولايات المتحدة في عام 2018، كانت ثقتنا في أن المحادثات سوف تسفر عن أي نتائج، تقترب من الصفر. لم نثق في النوايا الأمريكية بعد 18 عامًا من الحرب، والعديد من المحاولات السابقة للتفاوض التي أثبتت أنها غير مجدية.

ومع ذلك، قررنا أن نحاول مرة أخرى. ولأن الحرب الطويلة تسببت في كلفة فادحة للجميع؛ اعتقدنا أنه ليس من الحكمة رفض أي فرصة محتملة للسلام، بغض النظر عن مدى ضآلة فرص نجاحها. فمنذ أكثر من أربعة عقود، تزهق أرواح أفغانية ثمينة يومًا بعد. وفقد كل شخص أحدًا من أحبائه. والجميع سئم الحرب. وأنا مقتنع بأن القتل والتشويه يجب أن تكون لهما نهاية. 

لم نختر حربنا مع التحالف الأجنبي الذي تقوده الولايات المتحدة. بل أُجبِرنا على الدفاع عن أنفسنا، وكان انسحاب القوات الأجنبية مطلبنا الأول والأهم. إن كوننا نقف اليوم على عتبة اتفاق سلام مع الولايات المتحدة ليس معلمًا يستهان به.

لقد عمل فريقنا التفاوضي، بقيادة زملائي الملا عبد الغني برادر وشير محمد عباس ستانيكزاي، بلا كلل طوال الثمانية عشر شهرًا الماضية مع المفاوضين الأمريكيين لجعل الاتفاق أمرًا ممكنًا. وتمسكنا بالمحادثات على الرغم من القلق والغضب المتكررين داخل صفوفنا بسبب حملة القصف المكثفة من قبل الولايات المتحدة ضد قرانا والتقلب وتغيير الأهداف بالاستمرار لدى الجانب الأمريكي.

حتى عندما ألغى الرئيس ترامب المحادثات، أبقينا الباب مفتوحًا أمام السلام؛ لأننا نحن الأفغان نتحمل أكبر عبء من المعاناة من استمرار الحرب. ولا يمكن أن يأتي اتفاق سلام، في أعقاب هذه المحادثات المكثفة، بدون تنازلات متبادلة. إن تمسكنا بهذه المحادثات المضطربة مع العدو الذي قاتلناه قتالًا مريرًا على مدى عقدين من الزمن، حتى في الوقت الذي كانت السماء تمطر فيه الموت، يشهد على التزامنا بإنهاء القتال وإحلال السلام في بلدنا.

نحن ندرك المخاوف والأسئلة المثارة داخل أفغانستان وخارجها حول نوع الحكومة التي ستكون لدينا بعد انسحاب القوات الأجنبية. ردي على هذه المخاوف هو أن ذلك سيعتمد على توافق الآراء بين الأفغان. يجب ألا ندع مخاوفنا تعرقل عملية النقاش والمداولات الصادقة ونحن متحررون للمرة الأولى من الهيمنة والتدخل الأجنبيين.

من المهم ألا يقوم أحد باستباق هذه العملية بنتائج وشروط مقررة سلفًا. نحن ملتزمون بالعمل مع الأطراف الأخرى بطريقة تشاورية من الاحترام الخالص توطئة للاتفاق على نظام سياسي جديد وشامل يعكس صوت كل أفغاني ولا يشعر فيه أي أفغاني بالاستبعاد.

أنا واثق من أننا، في حال تحررنا من الهيمنة والتدخل الأجنبيين، سنجد معًا طريقة لبناء نظام إسلامي يتمتع فيه جميع الأفغان بحقوق متساوية، حيث تحظى حقوق المرأة التي يمنحها الإسلام – من الحق في التعليم إلى الحق في العمل – بالحماية، وحيث الجدارة هي أساس تكافؤ الفرص.

كما أننا ندرك المخاوف بشأن إمكانية استخدام الجماعات المعطلة لأفغانستان في تهديد الأمن الإقليمي والعالمي. لكن هذه المخاوف مبالغ فيها؛ لأن التقارير حول الجماعات الأجنبية في أفغانستان هي مبالغة ذات دوافع سياسية يروج لها اللاعبون الداعون للحرب من جميع الأطراف.

ليس من مصلحة أي أفغاني أن يسمح لمثل هذه الجماعات باختطاف بلدنا وتحويلها إلى ساحة معركة. لقد عانينا بالفعل بما فيه الكفاية من التدخل الأجنبي. وسنتخذ جميع التدابير بالشراكة مع الأفغان الآخرين للتأكد من أن أفغانستان الجديدة هي معقل للاستقرار وأن أحدًا لا يشعر بالتهديد على أرضنا.

نحن على وعي بالتحديات الهائلة المقبلة. وربما يكون التحدي الأكبر لدينا هو: ضمان أن تعمل الجماعات الأفغانية المختلفة بجد وإخلاص من أجل تحديد مستقبلنا المشترك. أنا واثق من أن ذلك ممكن. إذا كان بوسعنا التوصل إلى اتفاق مع عدو أجنبي، فيتعين أن نكون قادرين على حل الخلافات بين الأفغان من خلال المحادثات.

وهناك تحدٍ آخر يتمثل في: إبقاء المجتمع الدولي مهتمًا ومشاركًا بشكل إيجابي أثناء الانتقال إلى السلام وبعد انسحاب القوات الأجنبية. وسيكون دعم المجتمع الدولي حاسمًا لتحقيق الاستقرار والتنمية في أفغانستان.

ونحن على استعداد للعمل على أساس الاحترام المتبادل مع شركائنا الدوليين بشأن بناء السلام والإعمار على المدى الطويل. وبعد أن تسحب الولايات المتحدة قواتها، يمكنها أن تلعب دورًا بناءً في تنمية وإعمار أفغانستان بعد الحرب.

نحن نقرّ بأهمية الحفاظ على العلاقات الودية مع جميع البلدان ونأخذ مخاوفهم على محمل الجد. فلا تستطيع أفغانستان أن تعيش في عزلة. وستكون أفغانستان الجديدة عضوًا مسؤولًا في المجتمع الدولي.

سنظل ملتزمين بجميع الاتفاقيات الدولية طالما كانت متوافقة مع المبادئ الإسلامية. ونتوقع أن تحترم الدول الأخرى سيادة بلدنا واستقراره وأن تعتبرها أرضًا للتعاون وليس التنافس والصراع.

والأمر الأكثر إلحاحًا، أنه سيكون هناك تحد يتمثل في تفعيل اتفاقنا مع الولايات المتحدة. إذ بنيت درجة من الثقة من خلال محادثاتنا مع المفاوضين الأمريكيين في الدوحة بقطر، ولكن بما أن الولايات المتحدة لا تثق بنا الثقة الكاملة، فنحن أيضًا بعيدون جدًا عن الوثوق بها ثقة كاملة.

نحن على وشك التوقيع على اتفاق مع الولايات المتحدة، ونحن ملتزمون تمامًا بتنفيذ كل بند من البنود، نصًا وروحًا. إن تحقيق إمكانيات الاتفاق وضمان نجاحه واكتساب السلام الدائم، سيعتمد على مراعاة الولايات المتحدة لالتزاماتها بكل دقة. عندها فقط يمكن أن تكون لدينا ثقة كاملة ونضع الأساس للتعاون – أو حتى الشراكة – في المستقبل.

سيحتفل أبناء وطني الأفغان قريبًا بهذا الاتفاق التاريخي. وبمجرد أن ينجز بالكامل، سيرى الأفغان رحيل جميع القوات الأجنبية. ومع وصولنا إلى هذا الإنجاز الذي يمثل علامة مميزة، أعتقد أنه ليس حلمًا بعيد المنال أن نشهد قريبًا اليوم الذي سنجتمع فيه مع جميع إخواننا وأخواتنا الأفغان، ونبدأ التحرك صوب سلام دائم ووضع الأساس لأفغانستان جديدة.

عندئذ سنحتفل ببداية جديدة تدعو جميع مواطنينا للعودة من المنفى إلى بلادنا؛ إلى وطننا المشترك، حيث سيكون لكل شخص الحق في العيش بكرامة وفي سلام.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي