هل تسعى الإمارات لتكرار السيناريو المصري في السودان؟

الامة برس/متابعات:
2019-09-07

 

تسود حالة من التململ السياسي والشعبي في السودان، من محاولة الإمارات التدخل في شؤون البلاد وبسط نفوذها وتحويل مسار الثورة، خصوصاً بعد أن كانت من أوائل الدول المرحبة بقرارات المجلس العسكري الانتقالي في السودان، وتقديم مساعدات للخرطوم.

ويشعر السودانيون بالقلق من مخططات الإمارات في بلادهم، من خلال دعم العسكر، وتجاهل المدنيين، خصوصاً بعد التهنئة التي وجهها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، إلى رئيس المجلس السيادي السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان، وتجاهل تهنئة رئيس الحكومة المعين من المدنيين.

ويبدو أن لرجال السودان العسكريين الجدد، صلات واضحة بأبوظبي، وقد يلعبون خفية على حبال التناقضات الإقليمية ويدخلون لعبة المحاور المنهكة، في حين يُخشى أن تستعيد الإمارات دور العابث بمسار الثورات، مدخلها إليه المجلس العسكري واقتصاد متعب بتوالي الأزمات.

 

بداية التحركات الإماراتية

كان الرئيس السوداني المعزول عمر البشير قد خدم مصالح الإمارات في اليمن، حيث تخوض أبوظبي والرياض حرباً باليمن، إلا أنه في نهاية 2018 ومع تفاقم الوضع الاقتصادي في السودان خرج المحتجون إلى الشوارع واكتشف البشير أن هذا الصديق القوي والثري ليس بجانبه.

 

وفي 21 أبريل 2019 أعلنت الإمارات وإلى جانبها السعودية أنهما ستقدمان مساعدات للسودان قيمتها ثلاثة مليارات دولار، عقب الإطاحة بالبشير في 11 من الشهر ذاته.

 

واستقبل عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي حينها، وفداً إماراتياً سعودياً مشترك تُجهل صفته، قدم إلى البلاد يمد يد العون للسودان الخارج من عسف الاستبداد.

كما تناقلت وسائل إعلام في مايو الماضي، عن زيارة إلى الخرطوم قام بها محمد دحلان، القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح" والذي يعمل مستشاراً أمنياً لدى ولي عهد أبو ظبي، رفقة مسؤول كبير إماراتي، والتقى قيادات المجلس العسكري حينذاك.

 

كما كتب أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات تغريدة على "تويتر" في يونيو 2019 قال فيها "أنه ما من شك أن هذه فترة حساسة بعد سنوات من ديكتاتورية البشير والإخوان المسلمين".

 

زيارة البرهان إلى الإمارات

وسبق أن قام البرهان، في مايو من العام الجاري، بزيارة إلى العاصمة الإماراتية، أبوظبي، بعد زيارة إلى مصر، التي يحكمها العسكر بقيادة عبدالفتاح السيسي، الذي تدعمه الإمارات والسعودية.

تلك الزيارة، اعتبرها نشطاء ومعارضين في السودان، بداية لثورة مضادة تخطط لها أبوظبي في بلادهم، حيث قال أحد المغردين على "تويتر": "رئيس المجلس العسكري السوداني يتوجه إلى الإمارات في زيارة رسمية، وحميدتي في السعودية؛ ثورة السودان تتحول سريعاً إلى ثورة مضادة للأسف الشديد".

 

ورأى البعض أنها محاولة من العسكر في السودان، للاستقواء على الشعب الذي رفض أي تدخل خارجي، وتظاهر مرات في السودان رافعاً لافتات وشعارات تندد بالتدخل الإماراتي في السودان.

 

الإمارات وتجاهلها للمدنيين

في الـ6 من شهر سبتمبر الجاري، بعث ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بتهنئة إلى البرهان، بمناسبة تعيينه رئيساً للمجلس السيادي المتفق عليه بالسودان، متجاهلاً تهنئة المدنيين المتمثل برئيس الحكومة عبدالله حمدوك.

 

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، إن "بن زايد" أكد خلال اتصال هاتفي مع البرهان، وقوف الإمارات إلى جانب السودان والحفاظ على وحدته، مشيرة إلى أنهما بحثا، في اتصال هاتفي "العلاقات الأخوية بين البلدين وإمكانية تنميتها في المجالات كافة، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".

ولم يسلم بن زايد من هجوم شنه سياسيون وناشطون سودانيون، على خلفية تجاهله لرئيس الحكومة، وكتب الدكتور أحمد مقلد مؤسس تيار "السودان أولاً" رداً على تغريدة بن زايد، قائلاً: "تجاهلك لحكومة حمدوك والمدنية في السودان واستمرارك في دعم الشق العسكري في السودان ومحاولة شراء الجيش لن تجدي نفعاً."

وأضاف: "الشخص الأهم والحدث الأكبر هو حمدوك و ليس البرهان، السودان مدني بقرار الشعب و لن يصبح عسكرياً مرة أخرى بإختيار الإمارات".

وقال آخر: "كفوا أيديكم عن الشعوب دعوهم يعيشوا بسلام… لم تمتد أياديكم إلى بلد إلا وحل فيها الشقاء والدمار وما حل ببلدٍ من أمن وأمان وسكينة إلا وكانت أيديكم تعبث بها وتريد زعزعتها".

 

السيناريو المصري!

ولم يغب السيناريو المصري حتى اليوم وما آلت إليه الثورة المصرية عقب الانقلاب العسكري على المدنيين عن التعليقات، كخوف الكثير من أن يلقى السودانيون مصير المصريين.

ومن وجهة نظر بعض المحللين، فإن الإمارات والسعودية ومصر تحاول تعزيز نفوذها في السودان بعد إزاحة البشير واعتقاله في 11 أبريل المنصرم بعد ثلاثة عقود من الحكم.

وقال المحلل السياسي السوداني مجدي الطيب، إن التدخلات الإماراتية في بلاده، مستمرة منذ عهد البشير وحتى اليوم، مشيراً إلى أنه رغم رحيل البشير "جاء بشير آخر يسعد ابن زايد ويحقق رغبته في التحكم بالسودان".

وأضاف: "لكننا في السودان اكتسبنا دروس من التجربة المصرية، وخاصة فيما يتعلق بالتمسك بالسلمية منذ اللحظة الأولى، وصولاً إلى اختيار حكومة تمثل الشعب وتسحب الصلاحيات من يد العسكر".

وأوضح قائلاً: "نحن نختلف عن مصر ونستطيع أن نقاوم بشكل مختلف ما تحيكه الإمارات أو السعودية لبلادنا، ونحن منظمون تحت مظلة قوى سياسية وتحالفات في مقدمتها الحرية والتغيير، بينما الأحزاب الجديدة في مصر تلاشت بسرعة وأصبحت مصر اليوم تحت سيطرة الفرد الواحد، وهذا ما ساعد الإمارات في التحكم بالمشهد هناك".

 

ويتهم المصريون الإمارات والسعودية بدعم السيسي بشكل مباشر لإسقاط حكم الإخوان في مصر، والانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً في تاريخ البلاد، وتقديم مليارات الدولارات لتنفيذ مخططها الذي أنهى على الديمقراطية في مصر.

 

الشارع من يحكم السودان

ويقول الناشط في الثورة السوداني حسام فتاح، إن التعاملات السرية بين دول الخليج وجنرالات السودان، لن تؤثر على ما يحدث في السودان، كون الاحتجاجات في الشوارع "هي التي حددت المرحلة المقبلة"، موضحاً أن الإمارات تطمح لتكرار التجربة المصرية، والقضاء على المدنيين.

ويؤكد فتاح، أن أبوظبي وشقيقتها الرياض، "وجدتا فرصة في تعزيز مصالحهما الإستراتيجية في القرن الأفريقي عبر السودان، والاحتفاظ بقوات سودانية إلى جانبهما في الحرب باليمن".

وأشار إلى أن السودانيين "تنبهوا منذ اللحظة الأولى للتدخلات الإماراتية والسعودية، من خلال خروجهم بتظاهرات تندد بها، وتطالب بتسليم إدارة البلاد لحكومة مدنية، وهو ما حدث مؤخراً".

وأضاف: "مسارعة الثوار خلال الأشهر الماضية لإعلان رفضهم للتقارب المفاجئ بين المجلس العسكري الانتقالي والإمارات والسعودية -على وجه التحديد- تنبع من تجارب الشعب السوداني مع هاتين الدولتين، لذلك على أبوظبي أن تعي أن الشارع هو من يحكم السودان وليس البرهان أو جنرالات الجيش الذين يطمحون في استخدامهم لصالحهم".

جدير بالذكر أن صحفي استقصائي أمريكي كشف أن سيارات مصفحة إماراتية الصنع شاركت في فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش بالعاصمة السودانية الخرطوم (3 يونيو 2019)، وما تلاه من أحداث عنف.

 

كما اتهم رواد مواقع التواصل الاجتماعي السعودية والإمارات ومصر بالوقوف وراء أحداث فض اعتصام القيادة العامة، خاصة بعد زيارة قادة المجلس العسكري لتلك الدول قبل استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي