جهود أولية لإصلاح السلطة الفلسطينية والتحديات ما زالت هائلة

أ ف ب-الامة برس
2024-03-26

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يستقبل وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في مكتبه بمدينة رام الله بالضفة الغربية في 25 آذار/مارس 2024 (أ ف ب)   القد المحتلة- يبذل الرئيس محمود عباس تحت تأثير ضغوط دولية جهوداً لإصلاح السلطة الفلسطينية في إطار ترتيبات ما بعد الحرب في غزة، لكن هذه التدابير ما زالت محدودة بانتظار تشكيل محمد مصطفى المقرب منه حكومة جديدة يتوقع إعلانها في بداية نيسان/أبريل.

في كانون الثاني/يناير، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي التقى عباس في رام الله أهمية إجراء "إصلاحات إدارية" لمصلحة الفلسطينيين.

ومع استمرار الحرب في غزة التي اندلعت إثر هجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي خلف 1160 قتيلاً في إسرائيل، دعت جهات أخرى إقليمية وغربية إلى إصلاح السلطة الفلسطينية التي ستتولى في النهاية إدارة الدولة التي ستشمل الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

ووصلت حصيلة الضحايا إلى أكثر من 32 ألف قتيل ونحو 75 ألف جريح معظمهم من الأطفال والنساء في القطاع بعد خمسة أشهر ونصف من الحرب، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

ولكن محمود عباس (88 عاما)، الذي انتخب في عام 2005، يريد المشاركة في محادثات إعادة إعمار قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس منذ عام 2007 ولكنه يعد نظرياً رئيساً له أيضا.

ومن المقر الرئيسي للسلطة في رام الله، في الضفة الغربية المحتلة، أُعلن عن قرارات أولية لإصلاح المؤسسة السياسية التي شهدت فضائح فساد وتجاوزات تسلطية.

وتمثل ذلك أولاً في تعيين رؤساء محافظات الضفة الغربية، وهي مناصب ظلت شاغرة منذ آب/أغسطس، ومن ثم تكليف الاقتصادي محمد مصطفى (69 عاما) منتصف آذار/مارس تشكيل حكومة جديدة.

ويرى سياسيون ومحللون فلسطينون أن جهود عباس "الإصلاحية" التي تمثلت في تشكيل حكومة "مهنية" برئاسة شخصية ليس لها انتماء سياسي مع استمرار الحرب في غزة، لن تؤدي إلى نتيجة مقنعة.

- رئيس ملك! -

في حين أن نهاية الحرب بين إسرائيل وحماس لا تبدو وشيكة، تطرح تساؤلات حول مستقبل قطاع غزة الذي تحول إلى ركام وبات سكانه على حافة المجاعة.

يقول المحلل خليل شاهين إن "الإصلاحات التي تطالب بها الولايات المتحدة الاميركية تتمثل في أن تؤدي السلطة الفلسطينية دورا أمنيا يوفر الهدوء في الضفة الغربية".

ويتفق نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني المعطل حسن خريشة مع شاهين ويقول إن خطوة عباس "لن تكون مقنعة وهي غير كافية" للإدارة الاميركية.

وقال خريشة غير المنتمي إلى حزب سياسي إن "هذه الخطوة مجرد بداية، والاميركيون يريدون خطوات أكثر اتساعا ليقولوا إن هناك سلطة متجددة".

في الواقع، استقبل الدبلوماسيون الغربيون الذين تحدثت إليهم وكالة فرانس برس خطوة عباس بحذر قائلين إن "هذا لا يغير الأمور كثيرا"، و"نتساءل عن تأثير هذه القرارات" و"ننتظر لنرى ما سيحدث بعد ذلك".

وفي ما يتعلق برئيس الوزراء الجديد، يشير المعلقون إلى أنه ليس عضوا في حركة فتح التي يرأسها عباس. ولكن بصفته المستشار المالي للرئيس ونائبا سابقا لرئيس الوزراء ووزيرا سابقا للاقتصاد، فإنه لا يمثل بالضرورة تجديداً للمؤسسة السياسية الفلسطينية.

ولكنه عمل من ناحية أخرى لأكثر من عشر سنوات في البنك الدولي في واشنطن، ويعرف "جميع المانحين الدوليين"، وفق دبلوماسي غربي.

وفي مقالة نشرها بعد تعيينه، قال محمد مصطفى "إننا نؤمن بشكل راسخ وغير قابل للشك بأن وجود حكومة فعالة وخاضعة للمساءلة أمر بالغ الاهمية، ليس فقط لحشد الدعم والمصداقية الدوليين، ولكن الأهم من ذلك لكسب ثقة شعبنا".

وقال إن من ضمن أهدافه "إنشاء وكالة مستقلة متخصصة، تعمل بشفافية وكفاءة لقيادة جهود التعافي وإعادة إعمار غزة، وصندوق ائتماني يدار دوليا لجمع وإدارة الاموال المطلوبة لهذه المهام الكبرى".

ويمنح القانون الأساسي الفلسطيني وهو بمثابة دستور، رئيس الوزراء المكلف ثلاثة اسابيع لتشكيل الحكومة، وأسبوعين إضافيين في حال تعذر تشكيلها.

وأعلن مصطفى في مقالته "ستشرع الحكومة فور تشكيلها في وضع وتنفيذ برنامج اصلاح شامل يتضمن تحسين الضوابط المالية والشفافية ... لإعادة التأكيد نقول بوضوح إننا سننتهج سياسة عدم التسامح مطلقا تجاه الفساد مع الالتزام الكامل بالشفافية".

لكن العديد من المعلقين الفلسطينيين يرون أنه ما زال يتعين على عباس الموجود في السلطة من دون انتخابات منذ انتهاء ولايته في عام 2009، أن يُبرهن أنه يرفض كل أشكال الاستبداد.

وبحسب القانون الأساسي الفلسطيني، يتعين عرض الحكومة على المجلس التشريعي الذي لم يجتمع منذ 2007 وحله عباس في عام 2018.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب من "ائتلاف النزاهة والمساءلة -أمان" لوكالة فرانس برس "يمكن وصف حالة سيطرة الرئيس عباس على النظام السياسي الفلسطيني بأنه صار ملكاً في نظام جمهوري".

وقال "بحكم الواقع وليس الدستور، بات للرئيس القدرة على إصدار القوانين والتعيينات من دون أن يشاركه أحد في هذه السلطة".

- "خنق" -

وأضاف" فعلا لم تعد هناك أي سلطة تشاركه الحكم او تسائله على اجراءاته، والسبب أنه رئيس الحزب الحاكم وهو ما يعطيه حق السيطرة على كل شيء".

وفي ظل سيطرة عباس المُحكمة على النظام السياسي، لم يبادر إلى تعيين نائب له.

وهناك من يرى أن جهود عباس لا تعدو كونها بحثا عن دور للسلطة الفلسطينية في إدارة قطاع غزة بعد الحرب، في ظل حالة الانقسام بين السلطة وحركة حماس.

ولم يعلق عباس ولا مصطفى على مستقبل حماس ضمن إدارة واحدة محتملة في المستقبل لغزة والضفة الغربية. ولم يشر مصطفى إلى "مصالحة وطنية" محتملة.

قال رئيس الوزراء السابق محمد اشتيه، لدى تقديم استقالته، إنه من الضروري الأخذ في الاعتبار "الواقع الجديد في قطاع غزة" و"الحاجة الملحة للتوافق الفلسطيني".

ولكن في الوقت نفسه، تدور تساؤلات عن تأثير الإصلاح المؤسسي في وضع تسيطر عليه إسرائيل وتتحكم فيه.

يؤكد غسان الخطيب، الوزير السابق والأستاذ في جامعة بيرزيت، "لكي تكون الحكومة المقبلة قادرة على إحداث تغيير، يجب أن تكون قادرة على أن تتنفس ماليا وسياسيا"، مستنكراً "خنق" السلطة الفلسطينية جراء حرمان إسرائيل لها من جزء كبير من عائداتها الضريبية التي تجمعها نيابة عنها.

ويضيف "إذا كنا نريد الإصلاح، فنحن بحاجة إلى إجراء انتخابات، ويجب على إسرائيل أن تسمح للفلسطينيين بأن يفعلوا ذلك".

ألغى عباس الانتخابات الرئاسية والتشريعية عام 2021، بحجة أن السلطات الإسرائيلية رفضت السماح بإجراء التصويت في القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل وضمتها. وتوقعت استطلاعات الرأي يومها فوز حماس.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي