مراحل هوكشتاين :في جارور الحكومة" و"حزب الله" مصرّ على نصرة غزة.. والسنوار "ليس في عجلة من أمره"  

2024-03-21

 

القناة الدبلوماسية الهادفة إلى إنقاذ لبنان من أزمته السياسية تركز على مسألة تعيين رئيس جديد، لكنها تعاني أيضاً من شلل بسبب ارتهانها للتطورات في غزة (أ ف ب)“وقف إطلاق النار في غزة مسألة مؤكدة”، قال المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوكشتاين في أثناء زيارته لبيروت في 4 آذار. وضع هوكشتاين وضع على طاولة رئيس الحكومة الانتقالية في لبنان نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، خطة المراحل التي قد تدفع قدماً بوقف لإطلاق النار في لبنان، إلى جانب قطاع غزة، وتحريك حوار يهدف إلى تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 1701 حسب التعديلات التي طلبتها إسرائيل. كان شهر رمضان في حينه على وشك البدء، والتقديرات الأمريكية والإسرائيلية واللبنانية عزت لشهر الصوم تأثيراً سياسياً مهدئاً. كان الافتراض أن تكون حماس معنية بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار لإعادة التنظيم والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بحجم أكبر من أجل سكان غزة قبل الصوم.

عندما بدأ رمضان ولم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، استبدلت التقديرات بتحليل جديد، الذي بحسبه حماس معنية بـ “إشعال” الحرم لتحقيق تنازلات من إسرائيل، وربما حتى إيقاظ “وحدة الساحات” مرة أخرى مع وكلاء إيران في المنطقة، من خلال تطلع حماس إلى أن الاستفزازات في إسرائيل ستفيدها وستصل إلى الحرم، أو على الأقل تقييد دخول المصلين المسلمين بشكل كبير فيتصاعد الحريق من تلقاء ذاته.

ظهر في هذه الأثناء أن هذا التقدير بحاجة أيضاً إلى تعديل؛ ففي الحرم ما زال هناك هدوء نسبي، لكن الجهود الدبلوماسية المستمرة في قطر تراوح في المكان. الرد الأول الذي نشره أحد المتحدثين بلسان حماس أمس، يقول إن رد إسرائيل غير مرض وأن إسرائيل رفضت لاقتراح الذي قدمته حماس. ليس بالضرورة أن يدور الحديث عن الكلمة الأخيرة، لكن عندما تقول مصادر سياسية إسرائيلية تقدم إحاطات للمراسلين الإسرائيليين، إن المفاوضات قد تستمر أسبوعين بسبب الصعوبة في الاتصال، فيبدو أن يحيى السنوار أيضاً ليس في عجلة من أمره.

في المقابل، يزداد الضغط في لبنان. وفي ظل عدم وجود وقف لإطلاق النار في غزة، الشرط الأساسي الذي وضعه حزب الله من أجل وقف النار أيضاً من جانبه، فليس لحكومة بيروت ولدول الوساطة التي بينها وبين إسرائيل والغرب، ما يمكن أن تطرحه في هذه الأثناء. أكثر من الـ 100 ألف مواطن الذي هربوا من بيوتهم في قرى الجنوب حتى الآن لا يمكنهم العودة إلى بيوتهم، وما بقي من اقتصاد لبنان آخذ في التبخر. أعلنت حكومة لبنان هذا الأسبوع أنها ستخصص 20 ألف دولار لكل عائلة قتل أحد أبنائها في الحرب الحالية، و40 ألف دولار تعويضاً عن كل بيت تدمر بالكامل. حسب التقديرات الرسمية، تدمر ألف بيت حتى الآن، لذا فالمبلغ المطلوب للتعويض عن هدمها هو 40 مليون دولار.

وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام، بين في نهاية الشهر الماضي حجم الأضرار التي تكبدتها الدولة في الحرب. وحسب المعطيات، فإن الضرر الذي لحق بفرع الزراعة، الفرع الأهم في جنوب لبنان، أكثر من 2.5 مليار دولار، بسبب المس بالحقول والمحاصيل، وخصوصاً أشجار الزيتون وفروع التصدير الزراعي الرئيسية في الدولة. وقدر سلام أيضاً بأن الضرر الاقتصادي قد يبلغ 10 مليارات دولار إذا استمرت الحرب، وهو ضرر سيقضي على توقعات النمو في لبنان، التي لم تكن متفائلة حتى بدون الحرب.

ثمة فرع رئيسي آخر تضرر، وهو فرع السياحة، الذي احتل حتى قبل ثلاث سنوات أكثر من 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. في الحقيقة، هذا الفرع تلقى ضربة قاسية في فترة كورونا، لكنه بدأ ينهض قبل سنتين، والكثير من السياح عادوا لملء الفنادق. ولكن منذ بداية الحرب، توقفت الحجوزات تقريباً تماماً، ولم يعد السياح من الدول الغربية يأتون، ولم يأت سوى رجال أعمال من دول عربية ولفترات قصيرة. مواقع التزلج والسياحة الشتوية بشكل عام، التي جذبت الكثير من السياح من دول الخليج ومصر على مدى السنين، تجمدت بالكامل تقريباً. واللبنانيون يطمحون اليوم لرؤية مصير السياحة في الأعياد القادمة، عيد الفطر بعد انتهاء شهر رمضان، وعيد الفصح الذي سيصادف بعد فترة قصيرة.

القناة الدبلوماسية الهادفة إلى إنقاذ لبنان من أزمته السياسية تركز على مسألة تعيين رئيس جديد، لكنها تعاني أيضاً من شلل بسبب ارتهانها للتطورات في غزة. سفراء الدول الخمس التي تم تكليفها بالوساطة، الولايات المتحدة ومصر والسعودية وفرنسا وقطر، اجتمعوا مرة أخرى في هذا الأسبوع، ولكن لم يتم التوصل إلى أي نتائج ملموسة. المبادرة الفرنسية تحدثت عن وقف منفصل لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل دون علاقة بغزة؛ وسحب قوات حزب الله مسافة 10 كم عن الحدود؛ وانتشار 15 ألف جندي لبناني على طول الحدود؛ وتعزيز قوة الأمم المتحدة “اليونيفيل”. ولكنها مبادرة ظلت حبيسة الجرار حتى الآن.

الحكومة اللبنانية علقت ردها لثلاثة أسابيع، وأصدرت رداً عاماً ضبابياً في هذا الأسبوع، وهي بحسبه تؤيد تطبيق القرار 1701 وتطالب بوقف إطلاق النار شريطة أن تنفذ إسرائيل التزاماتها حسب القرار.

لكن ولاستكمال طرفي المعادلة، فالمطلوب مفاوضات ثلاثية بين [القدس] وبيروت والأمم المتحدة. في الواقع، هي عملية يتفق عليها الحكومة اللبنانية وحزب الله، لكنها مشروطة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقدر محللون لبنانيون في هذا الأسبوع بأن إيران تستطيع تحريك العملية الدبلوماسية، والتي ليست عضواً في الدول الخمس، لكن تملك في يدها أداة ضغط على حزب الله. وأوضحت طهران للولايات المتحدة بأنها لا تسعى إلى توسيع المواجهة، كما أعلنت دائماً في البيانات المغطاة إعلامياً. وحسب هذه التقديرات، فالانتقاد الجماهيري والسياسي لحزب الله، والخوف من اشتعال حرب واسعة، التي ربما تبادر إليها إسرائيل، هي ذرائع كافية للدفع قدماً بالحل السياسي؛ لأن المواجهة مع إسرائيل والخسائر الكبيرة التي تكبدها حزب الله لن يأتي بمكاسب سياسية، سواء لإيران أو حزب الله.

ويعترف المحللون بأن الربط الذي وضعه حزب الله بين غزة ولبنان سيصعب على إيران وضع اقتراح على الطاولة يحرر الربط بين القطاع وبيروت. والنتيجة حتى الآن، أن الوضع في لبنان وصل إلى طريق لا يملك أي طرف، داخلياً كان أم خارجياً، القدرة على الحسم أو فرض قرار. تصب الولايات المتحدة جهدها الآن لمنع توسيع المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، وتجري محادثات حول ذلك، ليس فقط مع الحكومة الإسرائيلية والحكومة اللبنانية التي لا تسيطر بالكامل على قرارات حزب الله، بل أيضاً مع السعودية، التي ما زالت لم تحقق حتى الآن أي فائدة سياسية من علاقتها الغضة مع إيران، وكذلك مع قطر التي تمول الجيش اللبناني جزئياً، ومؤخراً أيضاً مع الإمارات التي تمد يدها إلى الساحة اللبنانية، بالأساس عبر سوريا. ومثلما في غزة، فمفتاح لبنان في يد حزب الله، الذي يسيطر على احتكار إدارة المواجهات، وليس في يد الحكومة أو حلفائها.

 

تسفي برئيل

هآرتس 21/3/2024

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي