تقرير للأمم المتحدة يعتبر أن الأنواع الغريبة الغازية خطر لا يُعطى الأهمية الكافية

ا ف ب - الأمة برس
2023-09-04

سرب من طيور الزرزور فوق مدينة أجاكسيو الفرنسية في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 (ا ف ب)

تشكّل الأنواع الغريبة الغازية تهديداً شبه خفيّ لكنّه قائم فعلياً، يتناوله تقرير يُصدره الاثنين 04/09/2023 المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال  التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية (IPBES) ويهدف إلى التنبيه من هذه الظاهرة والسعي إلى إيجاد سبل للتصدي لها.

فهذه الحيوانات أو النباتات الشديدة القابلية للتكيف والتي قد يُدخلها الإنسان إلى منطقة ما طوعاً أو لا إراديا، تتكاثر وتحل محل الأنواع المحلية أو تُبعدها. ويصل الأمر بالأنواع الغازية إلى جعل تلك المحلية تنقرض، وتنجم عن دخولها تبعات عدة غالباً ما لا يمكن توقعها أو التنبّه لها قبل فوات الأوان.

وأوضح المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية الذي يتألف من مجموعة خبراء متعددي الجنسية يجتمعون تحت رعاية الأمم المتحدة، أن الأنواع الغازية تُعدّ مع التغيّر المناخي والتلوث مثلاً، من "العوامل المباشرة لتراجُع التنوع البيولوجي على مستوى العالم". 

واستند تقرير المجموعة الجديد الذي أعدّه 86 خبيراً دولياً من 49 دولة، إلى أكثر من 13 ألف دراسة مرجعية، تم تجميعها وتوليفها مدى أربع سنوات بتكلفة إجمالية تزيد على مليون ونصف  مليون دولار.

وصدر التقرير بعد أشهر قليلة من اتفاق كونمينغ-مونتريال الذي حدد فيه المجتمع الدولي لنفسه هدفاً يتمثل في خفض معدل إدخال الأنواع الغريبة الغازية بنسبة 50 في المئة بحلول سنة 2030.

ولاحظ الباحث في معهد الأبحاث من أجل التنمية في مدينة مونبلييه الفرنسية كريستوف ديان أن "هذه الظاهرة غير معروفة كثيراً، ولم تكن حتى وقت قريب تُعطى الأهمية الكافية إلا لدى عدد محدود من العلماء،  لكنها مع ذلك تطرح مشكلة كبيرة على المستوى البيئي والصحي وحتى الاقتصادي". 

انقراضات ومليارات

وأوضح ديان أن استقرار هذه الأنواع الدائم في مناطق جديدة "يغيّر البيئة المحلية، مما يؤدي إلى عواقب لا  يمكن تقديرها في البداية، لكنها قد تصل إلى انقراض بعض الأنواع المحلية".

 وتكثر الأمثلة على ذلك، ومنها طائر الدودو في موريشيوس الذي انقرض بسبب افتراسه من الحيوانات التي أتى بها المستوطنون (كالجرذان والقطط والكلاب)، وجراد البحر الأميركي، وهو حيوان مفترس يعيش في المجاري المائية  الفرنسية، والنحلة الطنانة الأوروبية التي تبدو ظاهرياً غير مؤذية لكنها توشك على إبادة نظيرتها التشيلية بواسطة طفيليات تتسبب بنفوقها.

ولاحظت دراسة نشرتها مجلة"غلوبل تشينج بايولوجي" عام 2021 أن الغزوات البيولوجية تهدد 14 في المئة من "التنوع الوظيفي" (الموطن والكتلة) للثدييات متوقعة أن ينقرض خلال السنوات الخمسين المقبلة ما نسبته 27 في المئة من الطيور، أبرزها تلك المعرضة للخطر.

أما في ما يتعلق بصحة الإنسان، فيمكن أن تكون التأثيرات قوية، كما هي مثلاً حال بعوضة النمر التي تتسبب  بوباءي حمى الضنك وشيكونغونيا.

ولا تقلّ العواقب على الصعيد المالي أهمية، إذ قدّرت دراسة نشرتها مجلة "نيتشر" عام 2021 تكلفة أضرار هذه الظاهرة  منذ عام 1970 بنحو 1288 مليار دولار على الأقل.

ووصف ديان الذي تولى تنسيق هذه الدراسة حجم الأضرار هذا بأنه "مبلغ ضخم!"، مشيراً "على سبيل المقارنة"، إلى أنه "أعلى من الناتج المحلي الإجمالي لمعظم الدول الإفريقية مجتمعة". وأفادت دراسة أخرى في نيسان/أبريل الفائت بأن حجم الأضرار مماثل تقريباً لتلك الناجمة عن الزلازل أو الفيضانات.

وشرحت قاعدة "إنفاكوست" (Invacost) للبيانات التي يتولى المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية الدور الرئيسي في تنسيقها أن هذه التكلفة "تتضاعف ثلاث مرات كل عقد منذ عام 1970" في حين أن "النفقات المستثمرة لتجنب هذه الغزوات أو ضبطها تتناقص في المقابل بما بين 10 مرات و100 مرة".

واشار المنبر الحكومي الدولي إلى أن "التهديد المتزايد" الذي تشكله الأنواع الغريبة الغازية "غير مفهوم بشكل عام".

 ويهدف تقريرها غير المسبوق هذا إلى توفير مرجع "موثوق به" وإلى "المساهمة بشكل كبير في سد النواقص البالغة الأهمية في المعلومات (عن الظاهرة)، ودعم صناع القرار، وتوعية العامّة"، بحسب ما تقول هيلين روي من المركز البريطاني للبيئة والهيدرولوجيا التي شاركت في إدارة التقرير المنشور.

الغازية قد لا تعود كذلك

ولا يتوافر سوى عدد قليل من التعدادات الرسمية. وذكّر ديان بأن قاعدة البيانات العالمية للأنواع الغازية التي ينسقها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة قدّرت عددها بـ 1071 نوعاً، لكنّ التغيّر المناخي يسرع انتقال الأنواع.

وقد تبقى التأثيرات الضارة غير ظاهرة لمدة طويلة، وبعض الأنواع التي كانت تُعتَبَر غازية قد لا تعود مصنّفة كذلك بعد بضع سنوات لأن البيئة تكون قد تكيفت معها أو لكونها تنقرض من تلقائها.

وشدد ديان تالياً على ضرورة عدم شيطنة الأنواع، إذ "ليست بينها +أنواع جيدة وأخرى سيئة+ في ذاتها، بل إن المشكلة تنشأ من نزوحها، ولا تكمن في النوع نفسه".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي