هكذا قد تؤدي درجات الحرارة المرتفعة في الصيف إلى الوفاة

الأمة برس - متابعات
2022-06-18

ارتفاع متزايد في درجات الحرارة في العالم (أ ف ب)

نشرت مجلة «تايم» مقالًا لآرين بيكر، كبيرة المراسلين الدوليين للبيئة والمناخ في المجلة الأمريكية، حول ما يمكن أن يحدث من تدهور في جسم الإنسان إذا ما واصلت درجات الحرارة ارتفاعها بالمعدل الحالي، مشيرةً إلى أن عدد مَنْ يموتون من موجات الحرارة في الولايات المتحدة يفوق عدد مَنْ يموتون بسبب الأعاصير، والزلازل، والبرق، والعواصف، والكوارث الطبيعية الأخرى.

وتقول الكاتبة في مستهل مقالها: في نهاية الأسبوع الثالث على التوالي، أصاب الذبول مساحاتٍ شاسعة من الولايات المتحدة بفعل موجات الحر في بداية الموسم، والتي سجَّلت درجات حرارة مرتفعة من كاليفورنيا إلى تكساس. ويواجه ما يقرب من 100 مليون أمريكي تحذيرات وتنبيهات من ارتفاع درجات الحرارة من الجنوب الغربي إلى نهر المسيسبي، مع ارتفاع درجات الحرارة ارتفاعًا كبيرًا في كاليفورنيا، وتكساس، وأريزونا، وكولورادو. ونظرًا لأن معظم النصف الشمالي من الكرة الأرضية يتجه إلى ما يُتوقع أن يكون صيفًا أكثر حرارة من المعتاد، سيتعرض مزيد من الناس لمستوياتٍ خطيرة من الحرارة والرطوبة المرتفعتين.

وتمضي الكاتبة إلى أن موجات الحر تقتل عددًا من الناس سنويًّا في الولايات المتحدة أكبر من العدد الذي تقتله الأعاصير، والبرق، والعواصف، والفيضانات، والزلازل مجتمعةً. وتشير التقديرات إلى أن موجة الحر التي اكتسحت أوروبا عام 2003 تسببت في وفاة ما يصل إلى 70 ألف شخص. ومع ذلك فإن قلة من الناس هم الذين يفهمون حقًا كيف تؤثر الحرارة على جسم الإنسان، ربما لأنه أمر أفظع من أن يحيط به تصورنا.

التعرق والدفاع الذاتي للجسم

توضح الكاتبة أن جسم الإنسان العادي يُشع في حالة السكون كمية الحرارة نفسها التي يُشعها مصباح كهربائي بقوة 100 واط. وهو أمر جيد عندما تكون درجة الحرارة المحيطة مساوية لدرجة حرارة الجسم البالغة 37 درجة مئوية أو أقل منه. وعندما يتجاوز محيطنا درجة حرارة الجسم الطبيعية، فإن الطريقة الوحيدة للوقاية من ارتفاع درجة الحرارة هي التبريد التبخيري — ويعرف أيضًا باسم التعرق، حيث تتمدد الشعيرات الدموية – تلك الأوعية الدموية الدقيقة المجاورة للجلد – في محاولة للاستفادة من هذا البرودة السطحية.

وهذه هي إحدى العلامات الأولى لدخول الجسم في وضع التبريد. ولكن عندما تكون الرطوبة مرتفعة، يصبح التعرق أقل فاعلية لأن الهواء مشبع بالرطوبة بالفعل. ولا يبرد الدم، ونتيجةً لذلك ترتفع درجة حرارة الجسم؛ مما يؤدي إلى سلسلة من بروتوكولات الطوارئ لحماية الوظائف الحيوية.

وتوضح الكاتبة أن تدفق الدم إلى الجلد يزداد؛ مما يجهد القلب. ولكل 0.5 درجة مئوية ارتفاع في درجة حرارة الجسم، يرتفع معدل ضربات قلب الشخص العادي 10 نبضات في الدقيقة؛ مما يؤدي إلى تسارع نبضات القلب والإحساس بالدوار. ويطلب المخ من العضلات أن تبطئ؛ مما يسبب الإرهاق. وتختل الخلايا العصبية؛ مما يؤدي إلى صداع، أو غثيان، أو حتى قيء. ويؤدي التعرق المفرط إلى خروج الإلكتروليتات (electrolytes) عن مسار عملها المعتاد ويمكن أن يسبب ذلك تشنجات. وهذه بداية الإرهاق الحراري، وإذا لم يُعالَج ذلك بالظل، والراحة، ونوع من استبدال الإلكتروليتات، فقد تتحول الأمور بسرعة إلى مرحلة خطرة.

تعطل الأعضاء وتدهور الخلايا

تلفت الكاتبة إلى أنه إذا استمرت درجة حرارة الجسم في الارتفاع إلى ما بعد 40 درجة مئوية، تبدأ الأعضاء في الانغلاق وتتدهور الخلايا. ويمكن أن يؤدي إرهاق القلب إلى توقُّفه عن العمل، وهذه هي ضربة الشمس. وقد يبدأ المصابون في الهلوسة، أو قد يصابون بنوبات صرع. وسيتوقف كثيرون عن التعرق تمامًا، وسيظهرون جلدًا جافًا ساخنًا بدلًا عن ذلك. وداخليًّا يتسارع الالتهاب؛ مما يضغط على الكليتين.

ويقول جيسون كاي وي لي، الخبير في تأثير الحرارة على جسم الإنسان في برنامج البحوث الانتقالية ذات الإمكانات البشرية في كلية طب نوس يونج لو لين في سنغافورة، «عادةً ما تكون الكلى أول ما يتلف في جسم الإنسان. وعندما تتعطل الكلى، لا يمكن التخلص من جميع السموم التي تراكمت ويصبح جسمك مسمَّمًا». وهذا بدوره يؤثر على الأعضاء الأخرى التي تبدأ بالفشل واحدًا تلو الآخر.

وتنقل الكاتبة عن كاميلو مورا، الأستاذ المساعد بجامعة هاواي قسم الجغرافيا في مانوا، وصفه لـ27 طريقة مختلفة يستسلم بها الجسم لارتفاع درجة الحرارة، من الفشل الكلوي إلى تسمم الدم عندما تتحلل بطانة الأمعاء، وكل هذا يمكن أن يؤدي إلى الموت في غضون ساعات قليلة.

ومورا هو المؤلف الرئيس لدراسة نُشرت عام 2017 في مجلة (Nature Climate Change) توضح أنه بحلول عام 2100، يمكن أن يتعرض 75% من سكان العالم لموجات حر قاتلة لمدة 20 يومًا على الأقل سنويًّا، وذلك في حال استمرار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الارتفاع بمعدلاتها الحالية، مقارنةً بنسبة 33% حاليًا.

ساعد بحث مورا على فهم عميق لمدى فظاعة تأثير درجات الحرارة المرتفعة على جسم الإنسان؛ إذ يقول: «الموت بضربة الشمس يكون أحيانًا أفضل من البقاء على قيد الحياة. والأضرار التي لحقت بأعضائك لها عواقب طويلة المدى. لقد جرى إطلاق النار على كليتيك، وتحطمت أمعاؤك، ومن المحتمل أن تخضع لغسيل الكلى بقية حياتك. إن الناس يجب أن يدركوا مدى خطورة الحرارة الشديدة. لقد حان الوقت لكي نبدأ في الاهتمام بذلك»، بحسب ما تختم الكاتبة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي