مفاوضات دولية في جنيف تركّز على الاستثمار في حماية التنوع البيولوجي

أ ف ب-الامة برس
2022-03-27

 مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي "كوب15" في مدينة كونمينغ بمقاطعة يونان جنوب غرب الصين في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2021 (أ ف ب)

هل العالم مستعدّ لدفع المال لحماية الطبيعة عوضًا عن إنفاق مبالغ طائلة لتدميرها؟ تقع هذه المعضلة في صلب مفاوضات دولية تجري في جنيف بشأن حماية البيئة بشكل أفضل، قبل أشهر من انعقاد مؤتمر الأطراف حول التنوع البيولوجي "كوب15" في الصين.

فالأرقام هائلة، إذ تُساهم سنويًا 1800 مليار دولار من المنح الحكومية، أي نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، في تدمير البيئة، بحسب دراسة لتحالف "بزنس فور نيتشر" Business for Nature.

وتطرح دراسات أخرى أرقامًا منخفضة أكثر، لكنها تعترف أيضًا بأن العالم ينفق أكثر على تدمير البيئة مما ينفق على صونها.

وتقول الباحثة جوليات لاندري في معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية في فرنسا "ينقصنا بيانات" حول المبالغ المُكرّسة لهذا الدعم المالي الحكومي المضرّ بالبيئة.

وتجتمع الدول الـ196 المنضوية في اتفاقية التنوع البيولوجي حتى الثلاثاء في جنيف لمناقشة نصّ يهدف إلى حماية البيئة بطريقة أفضل بحلول العام 2030، بالإضافة إلى القدرات المالية اللازمة للقيام بذلك. وسيتمّ العمل بالنص خلال مؤتمر "كوب15" هذا العام.

ويعتبر الأستاذ المتقاعد من قسم العلوم النباتية والبيئية في جامعة غانا ألفرد أوتينغ أن "تعبئة الموارد أصبحت موضوعًا ساخنًا في هذا الاجتماع".

- دعم حكومي لممارسات مؤذية -

ويوضح جيريمي ايبيل، الذي أعدّ تقارير حول هذا الموضوع لاتفاقية التنوع البيولوجي، أن هناك حاجة "لموارد إضافية من جميع الجهات - الدولية والمحلية والعامة والخاصة - لتخفيف الإنفاق المؤذي (للبيئة) ولاستخدام أفضل للموارد المالية المتاحة".

ويحتوي النص الذي تتم مناقشته على أهداف مرقّمة، تحديدًا "إعادة توجيه أو إعادة تخصيص أو إصلاح أو إلغاء دعم الممارسات المؤذية (...) من خلال تخفيضها بـ500 مليار دولار على الأقلّ سنويًا"، بالإضافة إلى "زيادة الموارد المالية من جميع المصادر الممكنة بغية بلوغها ما لا يقلّ عن مئتي مليار دولار أميركي سنويًا (...) من خلال زيادة التدفقات المالية الدولية إلى الدول النامية بما لا يقلّ عن عشرة مليارات دولار أميركي على الأقلّ سنويًا"، فضلًا عن تقليص النقص في التمويل "بـ700 مليار دولار أميركي على الأقلّ سنويًا بحلول العام 2030".

ويبقى تحديد الجهة التي ستدفع. فالدول النامية لا يكفيها تحويل سنوي بقيمة 10 مليارات دولار. وغواتيمالا تطالب علنًا بستين مليارا. وفينود ماتور، رئيس الهيئة الوطنية للتنوع البيولوجي في الهند، يطالب بمئة مليار من "الأموال الجديدة والإضافية والسريعة".

ويشير إلى أن التفكير بأهداف طموحة لحماية البيئة مستحيل في ظلّ غياب تمويل يكفي لذلك.

ويموّل صندوق البيئة العالمية حاليًا مشاريع حول التنوع البيولوجي. لكن الدول النامية تستنكر تباطؤها وقلة المبالغ المستثمرة. ويدعو البعض إلى إنشاء صندوق جديد - الأمر الذي قد يستغرق سنوات بحسب الدول المعارضة لهذه الفكرة - أو على الأقل إصلاح صندوق البيئة العالمية.

وبحسب أحد ممثلي صندوق البيئة العالمية، تعترف الدول الغنية بأن "هناك جهود إضافية لازمة"، لكن دون الموافقة على المبالغ التي تطالب بها الدول النامية. ويعتبر المصدر نفسه أن حشد المزيد من طاقات القطاع الخاص والاستفادة بشكل أفضل من الأموال المتاحة هما من الطرق المناسبة لتحقيق ذلك.

وتدافع الحكومات عن الدعم المالي للممارسات المؤذية بحجة أنها "تساعد أو تستهدف الفقراء، لكن (...) المستفيدين الرئيسيين هم غالبًا الأكثر ثراءً"، بحسب رونالد ستينبليك الذي كتب دراسة تحالف "بزنس فور نيتشر". فنسبة 80% من الدعم لصيد السمك تذهب للصيد الصناعي وليس لصغار الصيادين.

ويُعدّ إصلاح الدعم الحكومي لهذه الممارسات صعبًا لأن قطاعات كاملة من النشاط تعتمد عليها. لكن يجب معالجة المشكلة، وفق إيفا زابي، المديرة التنفيذية لتحالف "بزنس فور نيتشر".

وتضيف "إن الشركات تحتاج إلى طمأنة سياسية لكي تستثمر وتبتكر وتغيّر نماذج أعمالها، وبسرعة".

وكما حال الكثير من المفاوضات الدولية، قد لا يتوصل العالم إلى حلّ إلّا في اللحظة الأخيرة، أي خلال "كوب15" في الصين، المرتقب في الربع الثالث من العام 2022.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي