الطب النانوي يلجأ إلى الجسيمات الدقيقة لمعالجة الأورام السرطانية

ا ف ب - الأمة برس
2022-02-21

خلال إجراء تصوير مقطعي لأورام سرطانية في أحد مستشفيات فرنسا في 16 كانون الأول/ديسمبر 2021. وباتت الجسيمات النانوية تستخدم لمعالجة أورام خبيثة(ا ف ب)

باتت الجسيمات النانوية تستخدم بصورة متزايدة في أكثر من مجال، وليس فقط في المكونات الإلكترونية، إذ إنّ هذه الجسيمات الدقيقة التي سُلطت عليها الأضواء بفعل الاستعانة بها في اللقاحات ضدّ كوفيد-19، يمكن أن تكون أساساً لتطبيقات صحية واعدة، وخصوصاً في مكافحة السرطان.

ومع أن انتقادات توجه إلى استخدام الجسيمات النانوية، وخصوصاً في مستحضرات الوقاية من أشعة الشمس، يدرس عدد من الباحثين في مختلف أنحاء العالم مِن كثب إمكان الاستعانة بها في الطب. 

ويوضح رئيس الجمعية الفرنسية للطب النانوي جان لوك كول أن الطب النانوي يستخدم خصائص الجسيمات اللامتناهية الصغر.  

ويوضح كول أن "حجم الجسيمات النانوية يراوح بين واحد وبضع مئات من النانومتر"، علماً أنّ النانومتر يعادل جزءاً من المليار من المتر. ويشرح أنّ "أهم ما يجب فهمه هو أنّه تجميع لجزيئات عدة ذات وظائف متعددة".

ويشير إلى أنّ الطب النانوي يتيح "إنتاج هياكل تشبه الفيروسات في الحجم".

ويضيف أنّ "وضع الجزيئات معاً في جسيم نانوي يولّد وظائف جديدة ومتعدّدة، وهنا تكمن أهمية الجسم النانوي".

وسبق لعدد كبير من سكان العالم أن اختبروا الجسيمات النانوية إذ هي مستخدمة في اللقاحات المضادة لكوفيد-19 التي تعمل بتقنية الرنا المرسال. وتقوم هذه اللقاحات على نقل الحمض النووي الريبي في جسيمات نانوية دهنية تكفل حمايته عندما يدخل الجسم تمهيداً لنقله إلى المكان الصحيح.

واستخدام الجسيمات النانوية في هذا المجال ليس سوى أحد الاستعمالات الكثيرة الممكنة لها في الطب النانوي.  

فمن الممكن مثلاً استخدام الجسيمات النانوية لنقل دواء إلى هدفه، أو إتاحة استعمال مكوّن نشط لم يكن بالإمكان إعطاؤه سابقاً. وتشمل إمكانات استخدام هذه الجسيمات مختلف المجالات، سواء في التشخيص، أو في الطب التجديدي، وكذلك أيضاً وخصوصاً في علم الأورام.

وتعمل شركة "نانوبيوتيكس" للتكنولوجيا الحيوية في منطقة فيلجويف في ضواحي باريس على التوصل إلى منتج تأمل في أن يساعد في محاربة السرطان بفضل جسيمات الهافنيوم النانوية، وهو معدن ذو قدرة عالية على امتصاص الإشعاع.

وتسعى "نانوبيوتيكس" في مختبرها إلى إنشاء تركيبة يُحقن بها بعد ذلك المرضى الذين يخضعون لعلاج إشعاعي.

- معالجة الأورام-

ويوضح مؤسس "نانوبيوتيكس" لوران ليفي أنّ "العلاج بالأشعة يسبب أضراراً (...) ما يحدّ من استخدامه بدرجات عالية".

ويقول إنّ الحلّ يتمثّل في "إدخال أجسام صغيرة جداً موضعياً، تدخل إلى الخلية السرطانية، فتمتصّ طاقة العلاج الإشعاعي. ومن شأن هذه الأجسام أن تزيد الفاعلية من دون أن تزيد السميّة خارج الورم".

وبالإضافة إلى هذا التدخّل الموضعي، تدرس شركة "نانوبايوتكس" التي تأسست عام 2003، إمكان استخدام هذه العلاجات على المستوى العمومي.

ويوضح ليي أنّه "إضافة إلى تدمير الورم عملياً، نكتشف مختلف أجزائه مما يتيح للجهاز المناعي التعرّف عليها"، إذ لا يستطيع هذا الجهاز عادةً التعرّف على الخلايا السرطانية.

وبدأت الشركة تجربة سريرية لدراسة هذا الإجراء المناعي، بينما تجري تجارب عدّة أخرى أصبحت في مراحل متقدمة في شأن سرطان الرأس والرقبة خصوصاً.

ويُعتبر هذا المجال واعداً، إذ تعمل شركة "إن آش تيراغيكس" (NH TherAguix) الفرنسية على التوصل إلى دواء نانوي لتحسين التصدي للأورام عبر العلاج الإشعاعي.

وبينما يبدو الأمر بسيطاً من حيث المبدأ، فإنّه يحتاج في الواقع إلى سنوات من الأبحاث لتصبح مراحله مثبّتة.

ويقول جان لوك كول إنّ "الطب النانوي غنيّ بالتطبيقات، لكنّه يتأخر بسبب طبيعة الأجسام التي يتمّ التعامل معها، وصعوبة الحصول على منتج تكون تركيبته مضمونة".

ويأمل لوران ليفي في ألّا تحول هذه الصعوبات دون الاستمرار في الأبحاث، ويقول "على فرنسا أن تأخذ رهانات، وإلا فلن نتبوّأ يوماً الصدارة في مجال التكنولوجيا الحيوية أو الأدوية".

ويعرب جان لوك كول عن أسفه لنقص التمويل في مجال الطب النانوي، ويقول "نحن في منتصف العملية"، ورغم كل شيء قدّمت اللقاحات بتقنية الرنا المرسال والأطر النانوية الدهنية التي تغلّفها "إضاءة سحرية، وهذا هو المثال المطلوب".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي