إيران تؤكد وأمريكا تنفي.. أين وصلت مفاوضات الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن؟

متابعات الامة برس:
2021-05-03

محادثات فيينا بن ايران وأمريكا حول الاتفاق النووي

تتواصل مفاوضات إحياء الاتفاق النووي في فيينا، ويكشف تضارب الأنباء الخاصة بها أن ما يتم الكشف عنه ربما يمثل قمة الجليد، فإلى أين وصلت الأمور بين إيران وأمريكا؟

كانت تلك المفاوضات قد انطلقت في العاصمة النمساوية فيينا بمشاركة جميع الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي وهي إيران والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت قد انسحبت من الاتفاق الموقع عام 2015 وتهدف تلك المفاوضات إلى إعادة إحياء ذلك الاتفاق النووي.

كان أطراف الاتفاق، الذي يعرف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، قد توصلوا إليه عام 2015 أثناء إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وهدف الاتفاق هو وضع الضمانات لمراقبة أنشطة إيران النووية بشكل صارم لمنعها من تطوير سلاح نووي تقول طهران إنها لا تسعى إليه، لكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحب من الاتفاق عام 2018 وأعاد فرض العقوبات الأمريكية على طهران.

ومع تولي الرئيس الحالي جو بايدن المسؤولية خلفاً لترامب، بدأت لعبة شد الأصابع بين طهران وواشنطن رغم رغبتهما المعلنة في إعادة إحياء الاتفاق النووي، فطهران تصر على أن ترفع واشنطن جميع العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب أولاً قبل أن تعود إيران لالتزاماتها ببنود الاتفاق بينما تصر واشنطن على العكس أي أن تلتزم طهران أولاً قبل رفع العقوبات.

الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب

وفي ظل تصريحات مستمرة ومتكررة من طهران ترفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى قبل رفع كامل العقوبات الأمريكية، تم التوصل إلى إطلاق جولة المفاوضات الحالية في فيينا والتي بدأت يوم 6 أبريل/نيسان الماضي، وتشارك فيها جميع الأطراف، وإن كان الوفد الأمريكي لا يجلس مباشرة مع الوفد الإيراني، أي أنها مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين.

ما قصة اتفاق تبادل سجناء بين طهران وواشنطن؟

وكانت آخر جولات التفاوض قد اختتمت السبت 1 مايو/ آيار الجاري على أن يتم استئناف الاجتماعات مرة أخرى الجمعة المقبل 7 مايو/ آيار، وأمس الأحد أعلن التلفزيون الإيراني أن طهران ستطلق سراح أربعة أمريكيين متهمين بالتجسس مقابل الإفراج عن أربعة إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة وسبعة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة.

وذكر تقرير التلفزيون الإيراني أن "مصدراً مطلعاً يقول إن إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن وافقت على إطلاق سراح أربعة إيرانيين سجنوا لانتهاكهم العقوبات الأمريكية مقابل أربعة (جواسيس) أمريكيين".

وأضاف التقرير "تم كذلك وضع اللمسات الأخيرة على الإفراج عن نازانين زاغاري راتكليف مقابل أن تدفع المملكة المتحدة لإيران دينها البالغ 400 مليون جنيه إسترليني. وقال المصدر أيضاً إن إدارة بايدن وافقت على دفع سبعة مليارات دولار لإيران"، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

لكن واشنطن من جانبها نفت التقرير الإيراني على الفور، حيث قال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية لرويترز "التقارير التي تفيد بالتوصل إلى اتفاق لتبادل السجناء ليست صحيحة".

وكرر رون كلين كبير موظفي البيت الأبيض النفي أيضاً، وقال لشبكة (سي.بي.إس) "للأسف، هذا التقرير غير صحيح. ليس هناك اتفاق على إطلاق سراح هؤلاء الأمريكيين الأربعة"، وأضاف أن المسؤولين الأمريكيين يثيرون بانتظام قضية الأمريكيين المحتجزين مع إيران.

الرئيس الأمريكي جو بايدن

التقرير الإيراني ونفي واشنطن له يشير، بحسب مراقبين، إلى مدى صعوبة المفاوضات الجارية حالياً لإعادة إحياء الاتفاق النووي، وبصفة خاصة بسبب الأوضاع الداخلية التي تشهدها إيران حالياً قبل نحو 6 أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية التي يصفها كثير من المراقبين بأنها حاسمة ليس فقط بالنسبة للاتفاق النووي ولكن بالنسبة لإيران والمنطقة بشكل عام.

فإيران حالياً تعيش ما يصفه بعض المراقبين بأنه معركة تكسير عظام بين تياري الحكم في إيران وذلك قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 يونيو/حزيران المقبل، ويبدو أن التيار المتشدد الذي يسيطر حالياً على البرلمان أقرب أيضاً للفوز بالرئاسة على حساب التيار الإصلاحي الذي يمثله الرئيس الحالي حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف.

ومع انتهاء الولاية الرئاسية الثانية لروحاني، الذي لا يحق له الترشح لولاية رئاسية ثالثة بموجب القانون الإيراني، يطرح البعض داخل التيار الإصلاحي اسم جواد ظريف كمرشح رئاسي، وهو ما طرح نظريات المؤامرة بشأن تسريب حديث مطول لظريف انتقد فيه الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري والذي اغتالته أمريكا مطلع الماضي، خصوصاً أن توقيت التسريب يأتي قبل وقت قليل من الانتخابات الرئاسية.

وفي هذا السياق يرى بعض المراقبين أن تقرير التلفزيون الإيراني بشأن التوصل لاتفاق تبادل السجناء مع واشنطن ربما يكون متعمداً من جانب التيار الإصلاحي الساعي لإعادة إحياء الاتفاق، كنوع من إظهار أن هناك تقدماً في المفاوضات وأن طهران تحقق ما تريده.

مفاوضات الاتفاق النووي والانتخابات الرئاسية

المفاوضات الجارية حالياً في فيينا ليست سهلة بالتأكيد، فالقصة لا تحمل ملفاً واحداً بين طرفين لكنها أقرب إلى حزمة من الملفات والقضايا بين عدد كبير من الأطراف، كثير منهم ليس متواجداً في فيينا من الأساس.

وهذا ما عبر عنه سفير روسيا الدائم في مكتب الأمم المتحدة بجنيف ميخائيل أوليانوف السبت، في مؤتمر صحفي عقب اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، حيث قال: "الاجتماع بحث عدة محاور، وعلى رأسها عودة واشنطن للاتفاق النووي مع إيران"، وأشار المسؤول الروسي إلى أن "المباحثات تسير على الطريق الصحيح"، بحسب تقرير لوكالة الأناضول التركية.

وأوضح أوليانوف، الذي يترأس الوفد الروسي في المفاوضات، أن "الاجتماع تناول أيضاً رفع العقوبات الأمريكية عن إيران"، فيما نفى وجود جدول زمني متفق عليه للمفاوضات، مؤكداً أن "ممثلي الدول يهدفون إلى إنهاء الاجتماعات بنجاح في غضون 3 أسابيع".

السفير الروسي، دعا الولايات المتحدة وإيران لإيجاد "لغة مشتركة" بينهما، من أجل تحقيق نتائج ملموسة، بينما أشار ممثل الاتحاد الأوروبي لانتهاء الأسبوع الثالث من الاجتماعات، لافتاً إلى أن "وتيرة التقدم في الاجتماعات متوسطة، وأن كثرة التفاصيل تزيد من تعقيد الاجتماعات، وتعيق التوصل لنتائج".

الرئيس الإيراني حسن روحاني

وتفيد الأنباء المتواترة عن كواليس اجتماعات فيينا إلى أن الأمريكيين يدركون مدى توتر الوضع الداخلي الإيراني والضغوط المتزايدة على التيار الإصلاحي الذي يتفاوضون معه، وفي هذا السياق نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية تقريراً الأربعاء الماضي أفاد أن إدارة بايدن "منفتحة لتخفيف بعض العقوبات ضد العناصر الأساسية في الاقتصاد الإيراني، بما في ذلك النفط والتمويل، في محاولة لدفع المحادثات في فيينا، وتضييق الخلافات في المحادثات النووية الجارية".

وكان مسؤولون إيرانيون قد قالوا لرويترز الشهر الماضي إن التوصل إلى اتفاق مؤقت ربما يكون وسيلة لكسب الوقت لتسوية دائمة تشمل إلغاء تجميد الأموال الإيرانية المحظورة بموجب العقوبات الأمريكية.

وتقول إيران إن 20 مليار دولار من عائداتها النفطية مجمدة في دول مثل كوريا الجنوبية والعراق والصين بموجب العقوبات الأمريكية منذ 2018، بينما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان لشبكة ABS أمس الأحد إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق مع إيران في فيينا.

لكن سوليفان أضاف موضحاً: "ما زالت هناك مسافة كبيرة ينبغي قطعها لسد الفجوات المتبقية. هذه الثغرات تتعلق بتحديد العقوبات التي يجب على الولايات المتحدة ودول أخرى رفعها. كما تتعلق بالقيود النووية التي ستقبلها إيران على برنامجها لضمان عدم تمكنها من الحصول على سلاح نووي".

وفيما يتعلق بقضية زاغاري راتكليف، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب لإذاعة تايمز في وقت سابق اليوم "نحن ندرك أنه يجب سداد الديون… ونبحث في ترتيبات لتأمين ذلك"، في إشارة واضحة إلى أن التقرير الإيراني بشأن قصة تبادل السجناء ورفع بعض العقوبات ليس نابعاً من فراغ.

والخلاصة هنا هي أنه لن يكون مفاجأة أن يعلن المجتمعون في فيينا عن التوصل لنوع ما من الاتفاق بين طهران وواشنطن قريباً، أو بمعنى أدق قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية في إيران، وعلى الأرجح لن يكون الاتفاق شاملاً جميع التفاصيل بل الأقرب أن يكون اتفاقاً جزئياً ترفع بموجبه واشنطن جزءاً من العقوبات مقابل التزام جزئي من جانب طهران ببعض بنود الاتفاق النووي الأصلي، بغرض شراء مزيد من الوقت لمواصلة التفاوض وفي الوقت نفسه تقديم دفعة للتيار الإصلاحي تحيي آمال فوز مرشحه بالرئاسة.

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي