تقلص الاستثمارات في الطاقات المستدامة
2020-07-01
وليد خدوري
وليد خدوري

تشير استنتاجات دراسة أجريت في بداية عام 2020 وأثناء جائحة «كوفيد - 19» أعدها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بمشاركة مدرسة فرنكفورت وقاعدة الإحصاء للطاقات البديلة التابعة لوكالة بلومبرغ، إلى أن هناك تراجعا في قيمة الاستثمارات في الطاقات المستدامة (الشمسية والرياح - باستثناء السدود لتوليد الكهرباء) المخطط لها خلال هذا العقد حتى عام 2030 للحصول على النتائج العالمية المنشودة لتقليص درجة الحرارة درجتين مئوية بحلول عام 2030. الذي سيترتب عليه تقليص ثاني أكسيد الكربون بحسب اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015.
شملت الدراسة الاستثمارات الحكومية التي تقلصت في مختلف أرجاء العالم، ومن ثم حجم الطاقات المستدامة التي سيتوجب على القطاع الخاص تبنيها لتحقيق مجمل الأهداف المرجوة. وما هي قيمة الاستثمارات المالية التي سيتوجب على القطاع الخاص تحمل نفقاتها لكي تحقق الحكومات إمكانية تقليص درجات الحرارة درجتين مئوية. كما تقارن الدراسة أهداف 87 دولة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس بتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي من المفروض أن تشمل تشييد حوالي 721 غيغاواط من الطاقة خلال هذا العقد لطاقة مستدامة جديدة (باستثناء السدود النهرية لتوليد الكهرباء).
تدل أهم استنتاجات الدراسة على الآتي:
- لقد التزمت الحكومات والشركات (بالقطاع الخاص) بتشييد نحو 826 غيغاواط بالاستثمار في الطاقات المستدامة (غير السدود المولدة للكهرباء) حتى عام 2030 بقيمة تريليون دولار. تشكل قيمة استثمارات هذه المشاريع التي تم الالتزام بها أقل بكثير مما هو بحاجة إليه لتقليص درجة حرارة العالم إلى أقل من درجتين مئوية بحلول عام 2030، كما أن المبالغ المخصصة أثناء هذا العقد أقل بكثير أيضا من مبلغ 2.7 تريليون دولار الذي تم استثماره فعلا خلال العقد الماضي (2010 - 2019).
- لقد أدت جائحة كوفيد - 19 إلى تباطؤ الاستثمار في الطاقات المستدامة، كما هو الأمر في بقية القطاعات الاقتصادية، الأمر الذي ترك بصماته على استثمارات 2020 وبقية سنوات هذا العقد. لكن، من المتوقع أن تعود الحكومات ثانية إلى نشاطها وإعادة البناء بعد الجائحة التي من المفروض أن تشمل الإسراع لتقليص الانبعاثات الملوثة وتبني التقنيات الحديثة لتقليص الانبعاثات الملوثة بأسعار تنافسية.
- أدت هذه التطورات إلى بروز وضع حرج جدا. فإذا لم يتم انتهاز الفرصة خلال هذه الفترة، فسيكون من الأصعب بكثير في مرحلة ما بعد «كوفيد - 19» الحصول على الاستثمارات الكافية لتقليص ثاني أكسيد الكربون في المرحلة اللاحقة. والسبب هو توقع ازدياد الديون الحكومية التي ستتراكم لمكافحة «كورونا» المستجد من جهة، والضغوط المتراكمة على إمكانيات التمويل من قبل القطاع الخاص، الذي أصيب بضربات قاسية خلال مرحلة «كوفيد - 19».
- لقد تم إضافة 184 غيغاواط في عام 2019 من الطاقات المستدامة (باستثناء توليد الكهرباء من السدود). وكان هذا أعلى معدل لزيادة سنوية من الطاقات المستدامة، فقد كانت 20 غيغاواط أكثر مما تم تشييده في عام 2018، وقد شملت هذه الزيادة حوالي 118 غيغاواط من الطاقة الشمسية و61 غيغاواط من توربينات الرياح.
- انخفضت الاستثمارات في الطاقة الشمسية 3 في المائة في عام 2019 لتسجل 131.1 مليار دولار، بينما ارتفعت الاستثمارات في طاقة الرياح خلال نفس الفترة 6 في المائة إلى 138.2 مليار دولار. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2010 التي فاقت فيها قيمة الاستثمارات في طاقة الرياح عن الطاقة الشمسية. يعود السبب في تراجع المبالغ اللازمة للطاقة الشمسية إلى انخفاض النفقات الرأسمالية للطاقة الشمسية وإلى تباطؤ نمو سوق الطاقة الشمسية الفوتوفولتيك في الصين.
- ازدادت الاستثمارات في تشييد توربينات طاقة الرياح في البحار إلى أعلى مستوياتها، فسجلت نحو 29.9 مليار دولار، أو زيادة سنوية نحو 19 في المائة في عام 2019 عن العام الذي سبقه. وقد ازداد تشييد التوربينات البحرية بشكل ملحوظ في كل من الصين وفرنسا وبريطانيا. كما تم الاستثمار ولأول مرة في 3 توربينات لطاقة الرياح في المياه التايوانية.
- فاقت الولايات المتحدة أوروبا في استثمارات الطاقات المستدامة لعام 2019، فقد استثمرت الولايات المتحدة نحو 55.5 مليار دولار، بزيادة 28 في المائة عن العام السابق وذلك من خلال الاستثمار الواسع في توربينات طاقة الرياح في اليابسة، للاستفادة من قوانين ضريبية خلال فترة محددة. هذا، بينما استثمرت أوروبا نحو 54.6 مليار دولار، أو 7 في المائة أقل من العام 2018.
- استمرت الدول النامية في ازدياد معدلات استثماراتها في الطاقات المستدامة عن تلك في الدول المتطورة. فقد التزمت الدول النامية استثمار حوالي 152.2 مليار دولار في عام 2019 مقارنة بحوالي 130 مليار دولار للدول المتطورة. لكن، من الملاحظ، حدوث تطورات مهمة. فقد تراجعت استثمارات الصين والهند، بينما ازدادت استثمارات «دول نامية أخرى» نحو 17 في المائة إلى 59.5 مليار دولار. ويشمل هذا أكبر استثمار في العالم في قطاع الطاقة الشمسية، نحو 4.3 مليار دولار، لمشروع المكتوم في دولة الإمارات العربية المتحدة لأربع منشآت للطاقة الحرارية وللطاقة الفوتوفولتيك.
- من الملاحظ، أن الاستثمارات في الطاقات المستدامة قد فاقت بكثير حجم الاستثمارات في الطاقات التقليدية. وقد سجل هذا التفوق للطاقات المستدامة في كل من حجم السعة الطاقوية التي تم إضافتها وفي قيمة الاستثمارات، إذ بلغ 78 في المائة من صافي الغيغاواط لتوليد الطاقة الكهربائية التي تم إضافتها في عام 2019 في مجال الطاقات المستدامة من رياح وشمس وعضوية وسدود مائية صغيرة الحجم. وتقدر حجم الاستثمارات في الطاقات المستدامة (باستثناء السدود النهرية الكبيرة لتوليد الكهرباء) ثلاث مرات أكثر من الاستثمارات في مصانع توليد الكهرباء المعتمدة على الوقود الأحفوري.
- زادت الطاقات المستدامة (باستثناء السدود الضخمة) حصتها من تزويد الطاقة الكهربائية العالمية إلى 13.4 في المائة في عام 2019 مقارنة بنحو 12.4 في المائة في عام 2018 مقارنة بالطاقات التقليدية، وفقط 5.9 في المائة في عام 2009، وهذه الزيادة النسبية السنوية للطاقات المستدامة ترتفع تدريجيا وببطء نظرا إلى الموقع المهيمن للوقود الأحفوري وتوفر البنية التحتية لتوزيعه على المستهلكين. لكن رغم هذا الموقع المهيمن للوقود الأحفوري، فإن نسبة الزيادة في الطاقات المستدامة خلال عام 2019 قد سمحت بتقليص الانبعاثات الملوثة نحو 2.1 غيغاواط من ثاني أكسيد الكربون.
- هناك اتجاه عام يدل على استمرار انخفاض تكاليف تشييد محطات الكهرباء للطاقات الشمسية ومحطات الرياح. يعود السبب في استمرار انخفاض تكاليف التشييد إما للحجم الضخم للمشاريع الجديدة وإما للمنافسات القوية ما بين الشركات أثناء المناقصات. فبالنسبة للطاقة الشمسية الفوتوفولتيك، كان ثمن تكلفتها خلال العقد الثاني من عام 2019 نحو 83 في المائة أقل من التكلفة قبل عقد تقريبا. هذا بينما كانت التكاليف أقل بالنسبة لتوربينات الرياح في المناطق اليابسة خلال نفس الفترة نحو 49 في المائة وفي المناطق البحرية أقل 51 في المائة.

* نقلاً عن الشرق الأوسط



مقالات أخرى للكاتب

  • دور شركات البترول في الطاقات المستدامة
  • صناعة غاز شرق المتوسط: تحديات جيوسياسية وصناعية
  • استقرار أسعار النفط رغم حروب الشرق الأوسط





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي