ما الذي يجعل بومبيو يتحدى كورونا بزيارته الخاطفة إلى تل أبيب؟
2020-05-15
كتابات عبرية
كتابات عبرية

أُجريت الأحد مقابلة تلفزيونية عبر شبكة “بي.بي.سي” بالعربي مع صحافي سعودي يدعى عبد الحميد الجوبان، ولم يكن في أقواله لبس. فالسعوديون لا يهمهم الفلسطينيون، بل يريدون إسرائيل. وقال إنه “لم يعد هذا تأييداً جماهيرياً للتطبيع وتنمية العلاقات مع إسرائيل فحسب، إنما مل جمهورنا وأدار الظهر للفلسطينيين بشكل عام”.

وأضاف الجوبان: “هذه مصلحتنا الاستراتيجية، وفقاً لمصالحنا الاقتصادية المستقبلية.. الحفاظ على علاقات متينة مع إسرائيل. فإسرائيل دولة متطورة ويمكننا أن نكسب منها”. “الفلسطينيون”، كما قضى، “خسروا”.

تصريحات الجوبان ليست نزوة رجل واحد. ففي أثناء شهر رمضان، يبث التلفزيون السعودي مسلسلين يعرضان اليهود وإسرائيل في ضوء إيجابي.

يعرب زعماء السلطة الفلسطينية عن اشمئزازهم مما يرونه كهجران للدول العربية. وفي حديث مع ملحق “إسرائيل اليوم” الأسبوعي، وصف مصدر رفيع المستوى في السلطة بمرارة التنديدات العربية لخطة السيادة الإسرائيلية وخطة ترامب للسلام بأنها ليست بأكثر من “ضريبة كلامية”.

تعلق منظمات اليسار في البلاد آمالها لتقويض خطة السيادة على الاتحاد الأوروبي. والثلاثاء، نشر ببروز عن نية فرنسا ولوكسمبورغ وإيرلندا وبلجيكيا تمرير قرار في الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على إسرائيل في حالة بسطها السيادة على غور الأردن والاستيطان الإسرائيلي وفقاً لخطة ترامب. ولكن، مثل الفلسطينيين، فإن اليساريين سيخيب أملهم أيضاً، وذلك لسببين: الأول، أن تمرير العقوبات داخل الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى إجماع، وهذا ليس موجوداً.

ثانياً، يجدر بالذكر أن خطوة إسرائيلية لفرض القانون على أجزاء من يهودا والسامرة لن تنفذ كخطوة إسرائيلية من طرف واحد. فهي ستنفذ كخطوة إسرائيلية في إطار مبادرة أمريكية. وعليه، فإن عقوبات أوروبية ضد إسرائيل تفرض كعقاب على تنفيذ خطة ترامب، حينئذ ستعد في نظر واشنطن خطوة مناهضة لأمريكا. وهذه الحقيقة ستقلص عدد الدول التي تستعد لتأييد الخطوة. وختاماً، رغم إرادة بعض منظمات اليسار، فلا ترتقب خطوات عقابية أوروبية ضد إسرائيل.

الكل يريد العمل مع إسرائيل

ثمة سبب آخر في أنه لا حاجة لإسرائيل أن تخاف من أي ضرر سياسي أو اقتصادي جراء تطبيق قوانينها في أجزاء من يهودا والسامرة وغور الأردن. ولفهم ذلك يجب أن ننتبه إلى السبب الأساس الذي جلب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى البلاد يوم الأربعاء.

حاول محللون كثيرون الأسبوع الماضي فهم سبب حضور بومبيو إلى إسرائيل في منتصف كورونا. فبومبيو لا يتحرك منذ شهرين، مثل معظم زعماء العالم.

ادعى معظم المحللين بأن خطة السيادة جاءت به إلى القدس. غير أن هذا ليس معقولاً. فبين تصريحات السفير ديفيد فريدمان لـ “إسرائيل اليوم” الأسبوع الماضي وتصريحات بومبيو لـ “إسرائيل اليوم” هذا الأسبوع.. واضح أن الأمريكيين يواصلون تأييد نية إسرائيل لبسط السيادة، بل إن فريدمان يرى الأمر مسألة ملحة. كما أن الأمر ليس بسبب إيران؛ إذ لا حاجة لبومبيو لأن يأتي إلى إسرائيل ليتحدث عن الموضوع. فإسرائيل والأمريكيون ينسقون فيه تماماً.

ثمة، أغلب الظن، سببان جعلاه يأتي إلى إسرائيل هذا الأسبوع تحديداً: واحد ثانوي وآخر أساسي. السبب الثانوي هو الصين. فالأمريكيون، في الحزبين، قلقون جداً منذ زمن بعيد من العلاقات التكنولوجية والبنى التحتية التي تطورها إسرائيل مع الصين، ففي مقابلة نشرت الثلاثاء في موقع “Washington Free Beacon”، قال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر: “لا نريد أن يدخل الإسرائيليون في منظومة علاقات إشكالية مع الصين”. وركز شينكر أقواله على قلق أمريكي في مسألة بناء بنى تحتية في البلاد، بما فيها بناء شركات صينية للميناء الجديد في حيفا. وعلى حد قوله، فإن “الصين ترى قيمة عليا في علاقاتها مع إسرائيل. تحتاج إسرائيل لكل أنواع البنى التحتية، وهي تنظر لهذا الغرض نحو الصين. وتتقدم الصين بعروض أسعار متدنية وتقوم الشركات الصينية بكل العمل. ولكن ثمة أمور يجب أن تؤخذ بالحسبان. فلنا مصالح ونريد أن نكون قادرين على العمل مع إسرائيل”.

وشدد بومبيو نفسه على نيته البحث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الموضوع، قبل أن يبدأ لقاؤهما. لا شك أن اهتمام الأمريكيين المتزايد في علاقات إسرائيل مع الصين، كنتيجة لنشرها كورونا، يؤدي إلى تشديد الضغوط على إسرائيل لتخيف علاقاتها مع القوة العظمى في الشرق. ومع ذلك، كان يمكن نقل هذه الرسالة حتى من خلال “زووم” آمن. فليس من أجل هذا فحسب جاء وزير الخارجية إلى القدس. وهذا يأتي بنا إلى كورونا.

الخيال الصهيوني

الثلاثاء الماضي، أعلن المعهد البيولوجي في “نس تسيونا” بأن باحثيه أنهوا “تطويراً علمياً اختراقياً” نحو إنتاج علاج محتمل لفيروس كورونا، على أساس مضادات معطل الفيروس. وأشير في بيان المعهد بأنه في سياق تسجيل براءة الاختراع على التطوير، وبعد تسجيله، سيتوجه المعهد لشركات إنتاج دولية كي تنتجه.

وزير الدفاع نفتالي بينيت الذي زار المعهد،الخميس الماضي، مع رئيس الدولة روبين ريفلين، كي يقف عن كثب على التطوير.. أعلن في ختام الجولة: “وجهت تعليماتي لجهاز الأمن والمعهد البيولوجي في التقدم بالسرعة القصوى وصولاً إلى إنتاج دواء جماهيري. لن نوفر المال أو المقدرات. وكل ذلك من أجل تقصير الوقت حتى الدواء التجاري”.

بين بيان المعهد البيولوجي وزيارة ريفلين وبينيت في “نس تسيونا”، جاء البيان المفاجئ بأن بومبيو سيصل إلى البلاد في غضون أسبوع. وصباح الأربعاء، تناول بومبيو، في أقواله إلى جانب نتنياهو، التعاون في موضوع الفيروس والذي سعى لأن يدفعه إلى الأمام: “تكنولوجيا إسرائيلية، وخبرات طبية إسرائيلية، كل الأمور التي أنت وأنا وطواقمنا يمكننا أن نعمل عليها على نحو مشترك. أثق بأننا سنحقق نتائج طيبة، وسنقلص المخاطر من الفيروس على الناس في كل العالم”.

عندما ذكر بومبيو بأن الصين لا تشرك الآخرين بكل معلوماتها عن الفيروس، قاطعه نتنياهو بابتسامة وقال: “الأمر الأهم هو إنتاج المعلومات ومشاركة الآخرين بها”. كل الخبراء الذين تناولوا تطوير مضادات الفيروس في المعهد البيولوجي قالوا إنه من السابق لأوانه معرفة مدى مغزى الأمر. على أي حال، إذا كانت إسرائيل طورت علاجاً لفيروس عالمي، فإن وضعنا السياسي والاقتصادي سيرتفع مستواه.

ولكن حتى بدون تجسد مثل هذا الخيال، واضح أن القدرات البيوتكنولوجية والحداثة التي تظهرها إسرائيل في معالجة وبحث كورونا ثبتت مكانتها كإحدى الدول الرائدة في العالم في هذه المجالات. الدول العربية التي تجتذب إلينا بسبب الموضوع المشترك مع إيران، ستلتصق بنا على نحو أكبر جراء ذلك. أما الدول الأوروبية التي تسعى لفرض عقوبات علينا بسبب السيادة، سيتعين عليها أن توازن عداءها مع رغبتها في الاستمتاع بالتعاون معنا.

يحتمل جداً أن يكون التحدي الأساس الذي تقف أمامه إسرائيل اليوم في المجال السياسي ليس كيف تقلص المخاطر من بسط السيادة في المناطق، بل كيف ترفع إلى الحد الأقصى مكانتنا الجديدة في العالم بشكل يعززنا على المستوى السياسي والاقتصادي والاستراتيجي للسنوات المقبلة.

 

بقلم: كارولين غليك

إسرائيل اليوم 15/5/2020



مقالات أخرى للكاتب

  • هل سيكون حزيران المقبل شهر استقالات قادة الأجهزة الأمنية؟  
  • هكذا نقل نتنياهو اليهود من "الوصايا العشر" إلى ضربات قصمت ظهر الدولة   
  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي