أيهما المستفيد أكثر من "المرحلة الثالثة" إزاء غزة.. إسرائيل أم حماس؟  
2024-01-02
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

يعلن رئيس الوزراء والجيش إمكانية الدخول إلى المرحلة الثالثة من الحرب في غزة. فبعد السيطرة على شمال القطاع والأعمال المركزة في منطقة خان يونس، يخطط لمرحلة يتغير فيها نمط القتال: قوتها ستقل، والمناورة البرية تستبدل بها عمليات مركزة أساسها اجتياحات برية وغارات من الجو ترمي لإسقاط حكم حماس.

قد تشكل المرحلة الثالثة وصفة لحرب استنزاف طويلة، وأساساً إذا ما وجدت إسرائيل صعوبة في العثور على قيادة حماس وضربها أو الدفع باتجاه انهيار المنظمة التي سبق أن أثبتت في الـ 86 يوماً من القتال قدرتها على خوض مواجهة مريرة، حتى لو جبت هذه من الفلسطينيين ثمناً دموياً باهظاً. أما حماس، فربما ترى في المرحلة الثالثة فرصة؛ لأنها ستسمح لها بأن تدعي أنها بقيت على حالها، حتى ككيان مضروب يسيطر على جيب صغير. وربما يعتبر صورة نصر في نظرها: رغم التقتيل والتدمير اللذين أوقعا بالقطاع، وأن نصفه تحتله إسرائيل، فإن مجرد نجاتها ومواصلة القتال في غزة وخارجها، ستشكلان تجسيداً لتحقق مبدأ “الصمود”.

فضلاً عن ذلك، فإن الوضع الغامض قد يصعّب على إسرائيل أن تثبت وضعاً آخر في غزة. فاستمرار القتال في القطاع لن يسمح بتثبيت نموذج إيجابي في الشمال يكون مختلفاً عنه في الجنوب. ستسعى حماس لتقويض كل محاولة لإقامة أجهزة سيطرة مدنية مستقرة في القطاع وسيمتنع الجمهور الفلسطيني عن التعاون مع هذه الأجهزة ما استمر القتال في القطاع (بما في ذلك في قسمه الشمالي حيث ستحاول حماس مواصلة العمل)، وسيمتنع المستثمرون الخارجيون عن الدفع قدماً بمشاريع في المنطقة التي تعاني من نقص عضال في الاستقرار.

ومن شأن الواقع الغامض أيضاً أن ينظر إليه بشكل إشكالي في النطاق الإقليمي. فأعداء إسرائيل وأصدقائها قد يفسرون الوضع المعقد على سبيل صعوبة إسرائيل في الوصول إلى أهدافها الاستراتيجية، وبالمقابل كنجاح من حماس في تحقيق “عقيدة المقاومة”؛ أي كسر الجهود الإسرائيلية من خلال إبداء طول نفس وقدرة تضحية. كل هذا سيفرض المصاعب على قدرة ترميم صورة الردع الإسرائيلية، بل سيصعد التوتر في جبهات أخرى وعلى رأسها الشمالية.

على إسرائيل أن تنظر مرة أخرى في جدوى المرحلة الثالثة. فالسبيل الوحيد للاقتراب من تحقيق الأهداف الاستراتيجية للحرب، وعلى رأسها تصفية قدرات حماس العسكرية والسلطوية والسيطرة على كل القطاع مع الثمن الباهظ والزمن الطويل الذي سيجبيه مثل هذا السيناريو. الأمر سيتيح لإسرائيل التأكد من أنها أبادت بنى حماس التحتية العسكرية، وأن قيادتها تضررت، وأن نظاماً آخر سيقام في منطقة الحدود بين غزة ومصر، وبعد ذلك سيكون ممكناً محاولة تثبيت “نظام آخر” في غزة.

 في هذا الإطار، من الضروري أن تجري حماس حواراً ثاقباً مع الولايات المتحدة، الحليفة الاستراتيجية المتينة التي تسرّع الانتقال إلى المرحلة الثالثة في ضوء تخوفها من الضرر المتراكم للجمهور الغزي. في هذا الإطار، من الحيوي أن تشرح لواشنطن التحديات التي تنطوي عليها هذه المرحلة وعلى رأسها غياب الحسومات العسكرية الواضحة. ففضلاً عن الضرر لإسرائيل، سيؤثر الأمر سلباً على الولايات المتحدة أيضاً في ضوء ما سيفسر كفشل آخر لها ولحليفتها في التصدي لمعسكر المقاومة بقيادة إيران، وكأنه استمرار لتجارب أمريكية مريرة في العراق وأفغانستان.

لقد جسد مفهوم 7 أكتوبر الحاجة للامتناع عن أوضاع تنطوي عليها تناقضات حادة وانعدام وضوح بنيوي. فالدخول إلى وضع محايد ربما ينتهي في نهاية الأمر، وبعد إحباط شديد، إلى الوضع إياه الذي تحاول إسرائيل ظاهراً الامتناع عنه في هذه المرحلة، أي السيطرة على كل القطاع.

 

 ميخائيل ميلشتاين

 يديعوت 1/1/2024

 



مقالات أخرى للكاتب

  • هل سيكون حزيران المقبل شهر استقالات قادة الأجهزة الأمنية؟  
  • هكذا نقل نتنياهو اليهود من "الوصايا العشر" إلى ضربات قصمت ظهر الدولة   
  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي