هل يحمل اليهود جينات التدمير الذاتي؟
2023-01-17
كتابات عبرية
كتابات عبرية

كان مؤسسو دولة إسرائيل ضالعين في التوراة والوصايا، لكنهم تمردوا على الواقع اليهودي في الشتات وتوجهوا نحو طريق جديدة، دون انتظار المسيح والمخلص من السماء. “تم تدميره الهيكل الأول بسبب العمل الغريب وسفاح القربى وسفك الدماء. أما بخصوص الهيكل الثاني، فنعرف من الذين كانوا يحرصون على الوصايا ونعرف كل صفة جيدة لهم. لماذا تم تدميره؟ الذين كانوا يحبون المال ويكره بعضهم بعضاً كراهية غير مبررة، التي هي أصعب من العمل الأجنبي وسفاح القربى وسفك الدماء”. هذه المقدمة لم تغب عن عيون مؤسسي الدولة.

إن كابوس الحرب الأهلية في القدس المحاصرة، عندما قام متعصبون بإحراق مخازن الطعام والعدو يقف على الباب، لم يكف عن إقلاقهم. السؤال الذي كان ينطوي على ذلك بخصوصهم هو: هل اليهود قادرون على أن يكونوا شعباً له دولة أم أن في أوساطهم غريزة الشجار، وميلاً معيناً للوقوف عند الصغائر، وجينات من التدمير الذاتي، التي تمنعهم من إقامة دولة لفترة طويلة، ومن تقديم التنازلات التي تكتنف وجودها، ومن التسامح المطلوب من قبل حكامها وضبط النفس في الأقوال والأفعال الضرورية لإجراء حوار يستوعب فيه الطرفان بعضهما.

اعتاد اللاساميون على مر الأجيال على عرض اليهود كشعب من الطفيليين؛ فهم غير قادرين على إقامة دولة، لذلك يلتصقون بالعرق المحصن لأمة أخرى ويتمتعون من قدرتها على إحلال النظام والحكم. لا يوجد يهودي، قالوا، يمكنه العمل في الحقل أو أن يكون مقاتلاً. بل يمكنه العيش فقط كضيف غير مدعو داخل شعب جذري، الذي خلافاً له يمكنه إقامة دولة. تعلمنا في هذه الأثناء أن اليهود قادرون على أن يكونوا فلاحين ومقاتلين.

لقد اعتقدنا أن شتيمة الكراهية المجانية تحلق فوق رؤوسنا. فها هي دولة إسرائيل تقترب من عيد ميلادها الـ 75 وبهذا تصل إلى سنوات وجود مملكة الحشمونيين، أو المظهر الأخير من مظاهر الدولة اليهودية.

لكني في الأشهر الأخيرة أشعر بأن رعب مؤسسي الدولة يغمرنا من جديد من أن الشعب اليهودي غير قادر على تحمل دولة.

أساس وجود دولة اليهود كان الاتفاق بأنه داخل اليهود المستعدين لقبول الأخلاق اليهودية، لكنهم لا يقدسون الشريعة، يوجد يهود متعصبون لدينهم، ويوجد غير يهود حقوقهم الشخصية والمدنية مكفولة. هذا توازن هش، الذي لا يمكن أن يحافظ عليه إلا نظام ديمقراطي.

من مفارقة التاريخ أن إحدى اللحظات المثيرة في سنوات وجود الدولة وحرب الأيام الستة، كانت تلك التي بدأت فيها عملية تآكل هذا الاتفاق الذي شكل عائقاً أمام الكراهية المجانية. منذ ذلك الوقت، وبدون أن نشعر، في لحظات مدهشة وفي لحظات مخيفة، شيئاً فشيئاً، حطمت هذه العملية النسيج الحساس الذي قام عليه الإجماع الوطني، وهو الاعتراف باليهود كأمة بغض النظر عن الدين، كما كتب دافيد بن غوريون في وثيقة الاستقلال “مثل كل أمة”.

الاعتراف بأننا “مثل كل أمة” لا يناقض الاعتراف بأن لدينا مكونات دينية، في جزء منا أكثر وفي جزء أقل، لكن الذي يوحدنا هو التضامن القومي. لسنا “شخصاً أجنبياً مقدساً”، ولسنا أفضل من الأمم الأخرى.

أمس، عندما وقفت تحت الأمطار الغزيرة قرب ميدان “هبيما” مع جمهور واسع، مصمم على الدفاع عن الديمقراطية الإسرائيلية، شعرت بالأخوة التي تجتاز حدود الطبقات والطائفة والمعتقدات. القصيدة التي رددها من يقفون بجانبي كانت قصيدة الحاخام نحمان من بارسلاف: “الأساس – أن لا نخاف أبداً”.

كانت لحظة أمل، سيتبين أن للشعب اليهودي قدرة على أن يكون شعباً يقيم دولة مع اعتراف بالالتزامات التي تكتنف وجودها.

إسرائيل يمكنها أن تعيش، لكن كدولة ديمقراطية، متسامحة وعلمانية. إذا اهتزت هذه الأسس سنضطر إلى العودة والندم على الخطأ. لأنه خطيئتنا هي سبب نفينا من بلادنا.

بقلم: أنيتا شبيرا

هآرتس 17/1/2023



مقالات أخرى للكاتب

  • هل سيكون حزيران المقبل شهر استقالات قادة الأجهزة الأمنية؟  
  • هكذا نقل نتنياهو اليهود من "الوصايا العشر" إلى ضربات قصمت ظهر الدولة   
  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي