رسالة إقليمية ببريد حوثي.. هل تعنى إيران بأزمة إماراتية تشبه الأوكرانية؟
2022-01-26
كتابات عبرية
كتابات عبرية

في الوقت الذي يصعد فيه خطر الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى رأس جدول الأعمال العالمي، هناك مواجهة أخرى تشتد في المنطقة، قد تكون لها تداعيات عالمية كبيرة. وهذه الأمور يرتبط ببعضها ببعض بصورة غير مباشرة، وقد تؤثر في قضايا استراتيجية حاسمة من ناحية إسرائيل.

مؤخراً، شدد المتمردون الحوثيون في اليمن، المدعومون من إيران، هجماتهم على الإمارات. في الأسبوع الماضي، حدث هجوم مشترك بصواريخ بالستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة على منشآت نفط في أبوظبي. وحسب التقارير، أصيبت في الهجوم ناقلات نفط، وكان هناك قتلى وجرحى في مطارات الإمارات. وحسب التقديرات، فإن الصواريخ والطائرات المسيرة أطلقت من مسافة 1300 كم. في ليلة الاثنين – الثلاثاء الماضية، حدث هجوم آخر في الإمارات، وتضمن كما يبدو صواريخ كروز. حسب المنشورات، تم اعتراض عدد من الصواريخ والطائرات المسيرة بمساعدة منظومات أمريكية.

رافقت الهجوم الأخير دعوة الحوثيين للشركات الأجنبية بإنهاء أعمالها في الخليج. لعبت الإمارات دوراً نشطاً في الحرب الأهلية داخل اليمن، إلى جانب السعودية التي عملت مع حكومة اليمن ضد المتمردين. في 2019 بعد هجوم إيراني كبير أصيبت فيه مواقع نفط شركة “أرامكو” في السعودية، قلص الإماراتيون مشاركتهم في الحرب، وسحبوا معظم قواتهم من اليمين. جاء الهجوم الحوثي الحالي رداً على زيادة هجمات السعودية في اليمن.

قدرت أجهزة الاستخبارات الغربية أن الحوثيين لم يكونوا ليعملوا بدون توجيه، أو على الأقل إذن، من إيران التي يشارك فيها رجال حرس الثورة في حرب اليمن. للحوثيين سبب خاص بهم للعمل، لكن ربما استهدفت زيادة الضغط على الإمارات، رغم سحب قواتها قبل سنتين تقريباً، بث رسالة إقليمية أوسع من قبل طهران. ما دامت إيران تستخدم ضغطاً مباشراً على الإمارات، فإنها تمس بالعلاقات بينها وبين السعودية وتضعف المعسكر الإقليمي الذي يعمل ضدها.

يجب أن نذكر بأن هناك محادثات نووية في فيينا تجري حتى الآن، يحاول ممثلو الدول العظمى التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران لتقييد مشروعها النووي. استعراض القوة والتصميم العسكري الإيراني في الخليج، حتى لو تم ذلك بواسطة مبعوثين، ينقل رسالة على خلفية استمرار المحادثات.

أزمة أوكرانيا تغطي على المحادثات النووية

تتابع إسرائيل ما يحدث في الخليج، بموازاة متابعتها التأثيرات غير المباشرة لما يحدث على الحدود بين روسيا وأوكرانيا. حتى الوقت الأخير، تفاخرت الإدارة الأمريكية بتنسيق ناجح نسبياً تم إنجازه مع الروس في المحادثات النووية. روسيا في الحقيقة لعبت دور الشرطي الجيد في محادثات فيينا، لكنها بقيت على علاقة مباشرة مع ممثلي الولايات المتحدة الذين لا يشاركون مباشرة في المفاوضات مع الإيرانيين.

التوتر في شرق أوروبا يشوش الآن بشكل كبير على العلاقات بين الدول العظمى، ويهدد التعاون فيما بينها أيضاً في المحادثات مع إيران. عندما تهدد روسيا باستخدام القوة العسكرية وتقوم بتجميع وحدات مشاة ومدرعات، وتتحدث الولايات المتحدة عن إرسال قوات مساعدة إلى شرق أوروبا، بنفسها أو في إطار حلف الناتو، فهذا يضعف تنسيق مواقفهما بخصوص المحادثات النووية.

في الأسابيع الأخيرة، قامت طائرات سلاح الجو الروسي بطلعات استثنائية في جنوب سوريا، بمحاذاة الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان وفوق شرق البحر المتوسط. وهي طلعات تمت بالتعاون مع طائرات سورية. يبدو أن الأمر يتعلق باستعراض قوة إقليمية تعتمدها موسكو. في 2015، على خلفية احتلال شبه جزيرة القرم وأجزاء في شرق أوكرانيا، الذي كلفها عقوبات غربية، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تقديم المساعدة الجوية لنظام الأسد الذي كان يواجه في حينه هزيمة في الحرب الأهلية في سوريا.

تدخل روسيا غير وجه المعركة وأنقذ الطاغية السوري، وفي الوقت نفسه خدم روسيا باستعراض قوتها واستعدادها للعمل في الساحة الدولية. روسيا موجودة هنا هذه المرة، والاستقرار النسبي الذي يتمتع به النظام السوري لا يقتضي منها الخروج عن أطوارها في الشرق الأوسط.

إسرائيل تقلق أيضاً من مستوى إصغاء الإدارة الأمريكية لتهديد إيران، الذي من ناحيتها هو الأول في سلم التهديدات. كلما تم توجيه اهتمام أمريكا لما يحدث في أوكرانيا، فسيصعب على إسرائيل إقناعها بمواصلة استخدام الضغط في المحادثات مع إيران. تقدر إسرائيل بأن واشنطن ستخفف قدمها عن دواسة البنزين بالتدريج في القضية النووية كلما اشتدت المواجهة في أوكرانيا. هذا السلوك سيمكن طهران من مواصلة إطالة الوقت، في حين تواصل التقدم في تخصيب اليورانيوم، مع تقصير “مسافة الاختراق” لإنتاج القنبلة في المستقبل.

يمكن التقدير بحذر أن ثمة محادثات وتحسسات تجري في هذه الأيام في المربع الذي يقع بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات وإسرائيل حول مسألة كيفية الرد على الهجمات الأخيرة من اليمن على الإمارات. نشرت إسرائيل عدة بيانات تدين الهجوم الأول على أبوظبي، وأظهرت تأييدها للإمارات. هذه الأمور تجري في فترة تعزز العلاقات بين الدول بعد أكثر من سنة على توقيع اتفاقات التطبيع، وفي الوقت الذي تقام فيه زيارات وأحداث علنية تشارك فيها الأطراف.

أمس، تم النشر عن زيارة مخطط لها لرئيس الدولة إسحق هرتسوغ في الأسبوع القادم إلى الإمارات. مع ذلك، عندما تهاجم الإمارات، لا يمكن أن تفعل إسرائيل الكثير لمساعدة علنية للحفاظ على أمنها. الدول التي لها علاقات مع الإمارات لديها انطباع بأن الهجمات رفعت من نسبة الضغط في دبي وأبوظبي.

تتابع إسرائيل القدرات التنفيذية التي يظهرها الحوثيون ومعهم منظمات أخرى مدعومة من إيران مثل المليشيات الشيعية في العراق. في السنة الماضية، تم إسقاط طائرة إيرانية بدون طيار في أراضي إسرائيل في منطقة غور بيسان، وكان هناك اعتقاد بأنها أطلقت من الأراضي العراقية.

وعدد من الطائرات المسيرة وصواريخ كروز في اليمن ربما يصل مدى هجومها إلى منطقة إيلات، رغم أن الأمر يتعلق بمسافة تبلغ أكثر من 2000 كم. في عدد من المنشورات في الصحف الإيرانية والعربية أسمعت مؤخراً تهديدات بأن إسرائيل ستكون هدف الحوثيين المقبل. وهناك شك كبير في حدوث هذا في القريب، لكن جهاز الأمن يأخذ هذه الاحتمالية في الحسبان.

بقلم: عاموس هرئيل - هآرتس 26/1/2022
*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس

 



مقالات أخرى للكاتب

  • لغانتس "الساذج" وآيزنكوت "المغبون": ساعر حجر نتنياهو الأخير لـ "الإخفاق المطلق"  
  • شلهوب وديمقراطية إسرائيل".. ما معنى أن يعبر "غير اليهودي" عن رأيه في مؤسسة أكاديمية؟    
  • الاستخبارات الإسرائيلية تسائل نفسها: هل قتلنا مروان عيسى؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي