اليمنيون مخاوف مشروعة وانسداد أفق
2021-12-25
عبدالواسع الفاتكي
عبدالواسع الفاتكي

بعد زهاء سبع سنوات من الحرب، باتت مخاوف اليمنيين من تأخر إسقاط انقلاب المليشيات الحوثية، واستعادة الدولة مشروعة، تعكس مدى التدمير والتدهور الذي حل بوطنهم، وانعدام مقومات الحياة والعيش المشترك، في ظل تمزق البنية الاجتماعية، وغياب المؤسسات التي تتحمل مسؤولياتها في بسط سلطة النظام والقانون.

دخل الوضع في اليمن مرحلة مستعصية، فليس هناك على المدى المنظور حسم عسكري، ولا أمل في تسوية سياسية أو حتى هدنة، تخفف من حدة الحرب، التي أضحت خليطا غير متجانس من الحرب الأهلية والإقليمية والتدخلات الدولية، إذ أن الحرب في اليمن لم تعد مجسدة لصراع داخلي مستقل، بل صارت تمثل وجها من وجوه صراع مركب متعدد الأطراف، تتداخل فيه المصالح الأميركية والإيرانية والعربية، ممزوجة بعوامل طائفية وسياسية وجهوية.

في الوقت الذي أصبح اليمن فيه مرهونا بالصراعات والحسابات الإقليمية والدولية، بدا السلام المنشود بعيدا، مع تزايد الصراعات والانقسامات الداخلية، وتباين المصالح للدول ذات العلاقة بالشأن اليمني، حيث اتسعت رقعة الصراع؛ لينتقل من الداخل؛ ليهدد الأمن الإقليمي والدولي عبر مهاجمة منشآت حيوية في السعودية والاعتداء على السفن في البحر الأحمر.

لا يمكن النظر للوضع في اليمن، بمعزل عن التباينات الحادة بين مكوناته السياسية والقبلية والطائفية والجهوية، فضلا عن غياب العدالة في توزيع الثروة والبطالة والجهل.

بينما تبدو المليشيات الحوثية جبهة واحدة موحدة، يرى مراقبون أن السلطة الشرعية ممثلة بالرئاسة والحكومة اليمنية، لم تتمكن من إعادة رسم الخريطة السياسية والعسكرية والاجتماعية؛ لتكوين جبهة عريضة موحدة؛ لإسقاط المشروع الانقلابي الحوثي، بل اكتفت بأداء دور المراقب للحرب من الخارج، إذ أن المكونات التي تقاتل تحت راية الشرعية، تظهر وكأنها جزر معزولة عن بعضها البعض، لها أهدافها وقيادتها الخاصة واتصالاتها المستقلة مع قيادة التحالف.

تفتقر السلطة الشرعية لصياغة رؤية واضحة، تزيل أي تباينات في وجهات النظر بينها وبين التحالف؛ لاستنهاض الشعب اليمني، عبر برنامج زمني محدد للتحرير، واضح المعالم والخطوات، ناهيك عن أن المواطن اليمني يشعر أن الشرعية وضعت نفسها، إما مسلوبة الإرادة أو فاشلة في الاضطلاع بمسؤولياتها.

تعصف باليمن جملة من التحديات، تتعامل معها النخب والقوى السياسية والاجتماعية، بمنطق لاوطني عصبوي، يهدف للتملك السلطوي، القائم على فرض أمر واقع، مجانب للوضع السياسي الطبيعي وتجلياته الوطنية، ففي كل مرحلة من مراحل الصراع، تحرص القوى المتصارعة على نقل صراعاتها لأوساط المجتمع، دون أن تخرج اليمن من مشكلاته العتيقة.

إن أي مفاوضات لحلول سياسية، تنهي الحرب في اليمن، وإن لم تعالج أسبابها وتداعياتها؛ تتحول غطاء لكل الإخفاقات المؤدية لجولات من الاحتراب، متعدد المبررات والأسباب، وتنقلب لمتنفس؛ لتبادل الاتهامات والتنصل عن المسؤولية، في جولات جديدة من الصراع المفتوح، المتسم ببؤس التفكير وفقر في الخيارات الوطنية.

نحن أمام سيناريوهات متعددة، أقلها استدامة العنف والصراع لسنوات قادمة، ما يحتم على السلطة الشرعية والمملكة العربية السعودية؛ كونها قائدة تحالف دعم الشرعية، أن توحد المكونات الرافضة والمقاومة للمليشيات الانقلابية، من منظور وطني، لا مكان فيه للجهويات أو الفئوية أو النزعات المناطقية؛ لتبسط سلطات الدولة الشرعية سلطتها، على كامل التراب الوطني، وتشرع في إعادة إعمار اليمن، ووضعه على طريق النهوض الاقتصادي.

*كاتب يمني
*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس

 



مقالات أخرى للكاتب

  • الاصطفاء الحوثي والهوية اليمنية !
  • فقه الانقلاب والثورة في العالم العربي
  • العقل السياسي العربي والأيدلوجيات المغلقة






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي