هل تغيب شمس الصحافة الإلكترونيّة؟
2021-12-14
 فايز الشهري
فايز الشهري

كان السؤال منذ مطلع الألفيّة الثانية عن قرب وفاة الصحافة المطبوعة مع اكتساح الإنترنت وصحافتها للفضاء الإلكتروني وإقبال الجماهير عليها. وهذا ما حصل تقريباً إذ أخذت الصحف الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا تحتضر ورقياً بشكل تدريجي وبطبيعة الحال كان الوضع ذاته في معظم بلدان العالم. وكانت النتيجة أن غابت أكشاك بيع الصحف وضعُفت الاشتراكات ومعها موزعو الصحف وكانت النتيجة رحيل المعلنين إلى الوسائط الرقميّة الجديدة.

ولأن سوق الولايات المتحدة المؤشر الأكبر في صناعة الصحافة يذكر مركز "بيو للأبحاث" أن إجمالي التداول اليومي المقدر للصحف الأميركيّة (المطبوعة والرقميّة مجتمعة) عام 2020 حوالي 24.3 مليون أسبوعياً. وهذا الرقم "متواضع" جدّاً إذا ما قارناه مع إحصاءات عام 1990 حيث بلغ عدد الصحف المتداولة في أيام الأسبوع 63.2 مليونًا. وبالمقارنة مع مؤشر تنامي عدد سكان الولايات المتحدة الذين كانوا عام 1990 حوالي 250 مليون نسمة مع عدد السكان عام 2020 المقدّر بحوالي 340 مليوناً يتبين حجم الهبوط الحاد في استهلاك الصحف. وتشير الأرقام أيضاً إلى أنه تبعاً لانخفاض إيرادات الصحف انخفض التوظيف أيضًا ففي عام 2020، بلغ عدد العاملين في صناعة الصحف الأميركيّة 30820 عاملاً، في حين كان عدد العاملين عام 2006 يزيد على 74410 عمال بنسبة انخفاض تزيد على 58.5 %.

وهكذا وبدءاً من عام 2004، تم إغلاق حوالي 1800 صحيفة أميركيّة، معظمها (1700) كانت أسبوعيّة أي أنه يتم إغلاق 100 صحيفة في المتوسط كل عام حتى عام 2020. وبطبيعة الحال انخفضت عائدات الإعلانات في الصحف بشكل حاد في عام 2020 إلى 8.8 مليارات دولار بالمقارنة مع عام 2005 حين حققت الصحف الأميركيّة رقماً قياسياً بلغ 49.4 مليار دولار من عائدات الإعلانات وحدها.

والسؤال اليوم عن حال الصحف الإلكترونيّة وما سيبقى وما سيرحل منها؟ صحيح أن التكاليف النسبيّة للصحافة الإلكترونيّة منخفضة جداً مقارنة بالصحافة المطبوعة، ولكن الشواهد تقول إن الصحف الإلكترونيّة الصغيرة والمتوسطة لن تعيش طويلاً. وينسحب هذا التوقّع على (المواقع) والخدمات الإخباريّة الإلكترونيّة للصحف المطبوعة التي وجدت نفسها مضطرة للرحيل إلى الفضاء الرقمي. نعم هناك نجاحات ولكنها محدودة (نيويورك تايمز/ واشنطن بوست/ وول ستريت جورنال) ولكن بقيّة الصحف بدأت في تخفيض نفقات خدماتها الرقميّة بشكل واضح. أمّا في عالمنا العربي فيمكن التنبؤ بسهولة والقول إن معظم "المنشورات" الإلكترونيّة العربيّة ستبهت ثم تبلى وتختفي فلا محترفون يديرونها ولا عمق السوق يدعمها، ولا ثقة القارئ فيها متحقّقة.

قال ومضى:

من يضحك على (صوت) العقل اليوم، سيبكيه يوماً (سوط) الندامة.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس –الرياض-



مقالات أخرى للكاتب

  • هل «غوغل» أمين عصر المعلومات؟






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي