كيف تعاملت الولايات المتحدة مع عملائها بعد انسحابها من أفغانستان؟
2021-08-16
كتابات عبرية
كتابات عبرية

سقطت كابول، عاصمة أفغانستان، أمس في أيدي طالبان. وهذا من ناحية فعلية لا يغير الكثير، لأن معظم الدولة في الأصل تم احتلالها سابقاً من قبل طالبان. الرئيس نجح في الهرب. ولم يبق سوى إنقاذ من يعملون في السفارة الأمريكية، الذين أرسل الرئيس جو بايدن من أجلهم أكثر من ثلاثة آلاف جندي. هذه الصور وهذه الأفلام هي التي رسمت انتهاء عشرين سنة قتال، وستُنقش في ذاكرة أفغانستان التاريخية.

بقي أمر واحد فقط لم يتم إغلاقه، صحيح أنه هامشي مقارنة بالحدث الدراماتيكي، الذي سلبت فيه دولة من رعايا الدولة العظمى الأقوى في العالم من قبل طالبان، لكنه أمر مأساوي. بعد مغادرة آخر جندي أمريكي وطاقم السفارة والمقاولين والمواطنين الأمريكيين الدولة، وبعد أن يتم إتلاف جميع الوثائق السرية التي بدأت الآن بهذه المهمة، سيبقى في أفغانستان آلاف، وربما عشرات آلاف، الأفغانيين الذين ينتظرون قتلهم. هؤلاء هم العملاء والمترجمون وقوات المساعدة المدنية الذين عملوا إلى جانب القوات الأمريكية. عمل البعض منهم في ذلك لسنوات، منذ احتلال الدولة في 2001. كان القادة الأمريكيون بحاجة إلى مترجمين، الذين عملوا بالترجمة التقنية، بل شرحوا وفسروا الثقافة والقانون القبلي وقواعد السلوك المطلوبة من أجل احتلال دولة تقوم على أسس عرقية متنوعة جداً. عمل المترجمون أيضاً مع مقاولين أجانب، ووجهوهم لإتمام الصفقات، وأقاموا علاقات ونقلوا معلومات استخبارية مهمة لمن شغلوهم. الكثيرون منهم قتلوا في سنوات الحرب عندما انضموا إلى قوات المقاتلين، وبعضهم أصيبوا وأصبحوا معاقين. الآن بقي هؤلاء في الخلف بحماية ضبابية تتمثل في بذل الولايات المتحدة قصارى جهدها لإنقاذهم من الدولة وإعطائهم ملجأ فيها أو في دول أخرى، يبدو أنه وعد سهل التنفيذ إلى أن يصطدم ببيروقراطية الولايات المتحدة المرهقة.

حتى هذا الشهر احتاجت الإجراءات الرسمية من طالبي اللجوء الحصول على تأشيرات دخول خاصة، وهو مكانة خاصة قام الكونغرس بإعطائها الشرعية في 2008 لصالح المتعاونين من أفغانستان والعراق. حوالي 50 ألف مترجم عملوا في خدمة الجيش الأمريكي. ومنذ العام 2008 نجح حوالي 70 ألفاً منهم، وأبناء عائلاتهم، في الحصول على التأشيرة الخاصة وانتقلوا إلى الولايات المتحدة. التقدير هو أن 20 ألف مترجم على الأقل ينتظرون المصادقة الآن. يتوقع أن يصل عددهم مع أبناء عائلاتهم إلى الضعف تقريباً.

حسب هذا الإجراء، يجب على من يطلب التأشيرة المرور بـ 14 محطة قبل معرفة إذا ما صودق على طلبه. وحسب وثيقة لوزارة الخارجية الأمريكية في 2017 يحتاج الأمر إلى ثلاث سنوات تقريباً بالمتوسط للانتظار بين تقديم الطلب واتخاذ القرار. كان هناك من انتظروا أكثر من ست سنوات. بداية، العملية هي في جمع المعلومات وتأكيد العمل مع القوات الأمريكية، وعلى طالب التأشيرة البحث عمن شغلوه وعن قادته، الذين عاد بعضهم منذ زمن إلى أمريكا أو غيروا وظيفتهم، والتوجه إلى الجيش الأمريكي على أمل أن تكون بياناتهم محدثة، وبعد ذلك تقديم الوثائق للسفارة.

هنا تبدأ عملية طويلة لفحص الخلفية الامنية لمن يطلب التأشيرة هو وأبناء عائلته. وفي النهاية، إذا ما تم إعطاء المصادقة، فيجب على طالب التأشيرة التوجه إلى السفارة وطلب التأشيرة. تمتد مدة الانتظار للمقابلة الأولى 270 يوماً بالمتوسط. وإذا اجتاز المقابلة بنجاح فسيمر 370 يوماً آخر حتى انتهاء معالجة طلبه. وعندما يدخل طالب التأشيرة إلى الولايات المتحدة، لن تنتظره سلة استيعاب أو مساعدة خاصة. هؤلاء المهاجرون بشكل عام يتوجهون إلى الجاليات الأفغانية التي استقرت هناك، ويطلبون مساعدتهم في السكن وإيجاد أماكن عمل.

أعلن بايدن هذا الشهر عن إجراء جديد يعطي للمترجمين والعملاء مكانة أفضلية خاصة من أجل تسريع عملية المصادقة على تأشيراتهم. ولكنه إجراء يتطلب من طالب التأشيرة مغادرة أفغانستان قبل البدء في معالجة طلبه، فالتوقع أنه لا يمكن للقنصليات والسفارات العمل بعد أو أنها ستعمل فقط بدرجة معينة بعد الاحتلال من قبل طالبان. هكذا، سيضطر المترجمون والمتعاونون في البداية إلى أن يكونوا لاجئين خارج دولتهم. مؤخراً، جرت نقاشات بين الإدارة الأمريكية وقطر وألبانيا وكوسوفو وكازاخستان وأوزباكستان من أجل استيعاب مؤقت لطالبي اللجوء في أراضيها، ولكنها بدون نجاح حتى الآن. صحيح أن قطر وافقت على استيعاب ثمانية آلاف شخص، لكن لم يتم بعد التوقيع على اتفاق حول ذلك. الدول الأخرى رفضت الطلبات خوفاً من تسرب الإرهابيين وحاملي فيروس كورونا إلى أراضيها.

حتى لو نجح طالبو التأشيرات في الحصول على الإذن لدخول بعض هذه الدولة، فمن المتوقع أن يمكثوا فترة طويلة في مخيمات لاجئين، مقطوعين عن مصادر الدخل وعن المدارس والخدمات العامة الأخرى، إلى أن يصادَق على طلبات تأشيراتهم. وهؤلاء هم المحظوظون الذين تم شملهم في قائمة من يستحقون الحماية من قبل الإدارة الأمريكية. مئات آلاف اللاجئين والمهجرين الذين سبق وفقدوا بيوتهم وهم يتحركون الآن في الطرق المغبرة في أفغانستان لا احتمالية لهم لإيجاد ملجأ سوى في باكستان وإيران.

الأمم المتحدة تحذر من مأساة إنسانية فظيعة، يتوقع أن تحدث في أفغانستان. ولكن دعوتها حتى الآن دعوة فارغة، لم تحرك الدول لوضع برامج مشتركة للإنقاذ. هي مشغولة الآن بإنقاذ أبنائها من هذه الدولة المدمرة.

 

بقلم: تسفي برئيل

هآرتس 16/8/2021



مقالات أخرى للكاتب

  • هل سيكون حزيران المقبل شهر استقالات قادة الأجهزة الأمنية؟  
  • هكذا نقل نتنياهو اليهود من "الوصايا العشر" إلى ضربات قصمت ظهر الدولة   
  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي