الانتخابات الفلسطينية بين المزايدة على الوطنية وتأبيد الوصاية السياسية
2021-03-15
د. زهير الخويلدي
د. زهير الخويلدي

"وحدة القدس روح فلسطين"

لقد تم اصدار مرسوم تنظيم الانتخابات من طرف مؤسسة الرئاسة الفلسطينية وهي قد تكون المحطة الموالية بعد الانتخابات السابقة ويأتي هذا التوجه في ظرف صحي صعب يشهد فيه العمق الفلسطيني انتشار كبير للوباء وتزايد الانقسام بين الفصائل وداخل كل فصيل والخوف من تكريس واقع التفرد وعرقلة كل الجهود المبذولة من أجل التوحد وتراجع الحريات والتضييق على المحور المقاوم وتعطيل المشروع الوطني الممانع.

لقد اتفقت غالبية الفصائل وخاصة فتح وحماس على آليات اجراء الانتخابات وأعلن رئيس لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية الانطلاق في تسجيل الناخبين في العملية التي ستجرى في المستوى التشريعي والرئاسي ومنذ ذلك الإعلان تعاظمت الشكوك حول إمكانية اجراء الانتخابات في موعدها وحول نجاحها في توحيد الفلسطينيين على برنامج وطني واضح المعالم وانهاء الانقسام بين القوى السياسية والعسكرية بصورة ميدانية.

لقد كان هذا التوجه نحو الانتخابات ثمرة تفاهم بين حماس وفتح حول ترميم المؤسسات الوطنية وخاصة مؤسسة الرئاسة وانتخاب خليفة لمحمود عباس ومؤسسة البرلمان أو المجلس الوطني وإعادة تشكيل الحكومة وضبط استراتيجية مشتركة للتصدي لموجة التهويد والاستيطان التي تتعرض لها مدن وقرى الضفة الغربية.

غير أن التصور الإسرائيلي للعملية الانتخابية الفلسطينية يحمل الكثير من التوجس والتوظيف ويتخوف الحكام في الكيان من صعود حماس والقوى المقاومة التي تتناقض مع وجود الاحتلال وتنادي بضرورة زواله التام ولذا يعتبرها الإسرائيليون تهديد للأمن القومي ويطلبون بإبرام اتفاق سلام تشارك فيه حماس لفلسطين الجديدة.

أما داخل المشهد الفلسطيني فقد اندلع الصراع على خلافة عباس داخل حركة فتح وبين قيادات التيار الوطني وضمن التيار المقاوم وصعدت الكثير من الأسماء والزعامات سواء التي تقبع في سجون الاحتلال مثل القيادي مروان البرغوثي أو الشخصيات الفلسطينية التي تنشط في قطاع غزة أو زعامات تقطن بالخارج.

في ظل الخلافات الكبيرة داخل حركة فتح قد تكون الفرصة مواتية لتيار المستقلين وحركة حماس لتعزيز مواقعها وتسجيل حضورها في البلديات والمناطق التي تقلصت شعبيتها فيها وخاصة في محاور من القطاع وفي مدن الضفة الغربية وقراها وفي المخيمات والشتات وتتمكن من التغلب على العوائق الاتصالية الراهنة.

كما يمكن أن تشكل هذه الانتخابات فرصة سانحة للجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وبقية التكتلات والتحالفات والأحزاب والمجموعات للبروز على المشهد السياسي والدعاية المنظمة لأطروحاتها والاتصال المباشر بالناس وافتكاك زمام المبادرة من القوى التقليدية وفرض واقع برلماني مغاير يتوافق مع مواقفها.

في نهاية المطاف يمكن أن تحدث الانتخابات القادمة ديناميكية سياسية في الحالة الفلسطينية وتمنح الأفراد والمجموعات جرعة من الديمقراطية وتسمح لهم باستنشاق هواء الحرية بعيدا عن قمع الاحتلال وأجهزته وتفضي الى فتح المعابر والأماكن والأسواق المغلقة وتمكين الفلسطينيين من التزود بالغذاء والدواء والماء. لكن ما الذي يضمن ألا تكون رواء تنظيم الانتخابات صفقة تكرس الوصاية للاحتلال وتضاعف الانقسام؟

*كاتب فلسفي
*المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

 



مقالات أخرى للكاتب

  • نظرية المؤامرة بين الافتراء والتوكيد
  • التغيرات المناخية والكارثة البيئية
  • ديمقراطية العمل النقابي بين جذرية الفاعلين وبيروقراطية المشرفين





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي