المساواة بالإكراه.. ورطة فنية تفرضها أوسكار على صناع السينما

2020-09-11

أوسكار ترفع شعار لا للعنصرية

تخضع جوائز الأوسكار حاليا إلى تغييرات جذرية، إذ أصبح صناع السينما مضطرون لتقديم أعمال بمقاييس صارمة، ومعايير ترتكز على الشمولية والمساواة؛ لكن ذلك يثير المخاوف والتساؤلات حول وجاهة مثل هذه الخيارات.

وفي مقال له بمجلة "ناشيونال إنترست" (The National Interest) الأميركية، يرى الكاتب سومنترا مايترا أن المعايير الجديدة التي تعتزم الأكاديمية فرضها لاختيار الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار، تعكس فكرا يساريا متصلبا يلغي الجدارة والاستحقاق، ويحاول فرض المساواة بشكل قسري.

ويسخر الكاتب في مقاله من المعايير الجديدة التي تشترط أن يكون واحدا على الأقل من الممثلين في الدور الرئيسي أو الدور المساعد من الأقليات، وأن يكون حوالي 30% من الممثلين من النساء أو حاملي إعاقة أو من المثليين، قائلا إن هذه المعايير ستجعل من الأفلام التاريخية المعروفة وكلاسيكيات السينما قطعا شاذة تُعرض في المتاحف.

تمييز إيجابي

ويضيف الكاتب أن مثل هذه المعايير التفضيلية لا تتعلق بجوائز الأوسكار فقط؛ بل طُبقت على مستوى أكاديمي، فقد وجدت دراسة أجريت عام 2013، على سبيل المثال، أنه دون تمييز إيجابي، كانت جامعة هارفارد ستُصبح مكونة من 43% من الآسيويين و38% من البيض و0.7 % من السود، رغم أن نسبة الآسيويين في المجتمع الأميركي تبلغ حوالي 5% فقط.

وحسب الكاتب، تتبنى جمعية علم النفس الأميركية أيضا هذا الطرح، وتسعى إلى القضاء على "آفة الرأسمالية وتفكيك العنصرية في المؤسسات الأميركية" عبر مجموعة من المعايير الجديدة، وهو ما يُمكن أن نجد له صدى تاريخيا في ممارسات الأنظمة الشمولية.

ويقول الكاتب إنه بغض النظر عن معايير الأوسكار الجديدة، فإن "مشاهدة المؤسسات تنهار من الداخل أو تُدمر نفسها شيء محزن، ويُثير تساؤلات كثيرة حول مشروعية بناء مؤسسات جديدة في وقت لا تتوفر فيه شروط التغيير".

أيديولوجيات ثورية متطرفة

ويرى الكاتب أن الحياد ليس حلا مجديا في مواجهة هذه الأيديولوجيات والنزعات الراديكالية التي تسعى للسيطرة على الفن، ويقترح على أولئك الذين لا تُعجبهم المعايير التمييزية الجديدة أن يمولوا مؤسسات وصناعات تقاوم الموجة السائدة وتُدافع عن معايير الجدارة الحقيقية.

ويعتقد الكاتب أن السوق هو الذي سيقرر في تلك الحالة ما هو الأفضل على الساحة بناء على جودة البحث والأداء، أما إذا بدأت جميع المؤسسات في تأييد موجة التمييز الإيجابي والمعايير التفضيلية على أساس الهويات، فإن النتيجة المنطقية كما يقول ستكون ترسيخ بيروقراطية بغيضة يسيطر عليها أدعياء الدفاع عن التنوع، والذين سيدمرون تلك المؤسسات في آخر المطاف، ويقوضون ثقة الجماهير في وسائل الإعلام الوطنية أكثر من السابق.

ويؤكد الكاتب أن ما يحدث حاليا سبق أن شهده العالم في القرن 20، حين سيطرت الأفكار الثورية على الأدب، ما أدى إلى نتائج كارثية؛ لكن الدروس المستفادة من تلك الفترة سرعان ما أصبحت جزءا من الماضي، ليتكرر الأمر مجددا في الفترة الراهنة التي يحاول فيها البعض الحكم على كل شيء من خلال تلك النظرة الثورية، وإلى فرض المساواة بطريقة قسرية.

ويختم الكاتب بأن فرض التكافؤ والتمييز الإيجابي ونشر "الوعي الوهمي"، سيكون على حساب الجودة والجدارة والجمال، قائلا إن الفشل سيكون مصير هؤلاء الذين يحاولون فرض هذه التوجهات الأيديولوجية الثورية تماما كما حدث عبر التاريخ.

 

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي