الغارديان: شعبية حماس تتزايد وسط المخيمات الفلسطينية في لبنان.. واحتفاء برموز المقاومة في غزة  

2024-04-26

 

لا يتم النظر إلى هجوم 7 أكتوبر على أنه عمل إرهابي، بل عمل مُلهم لكسر قيود السجن (أ ف ب)نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعدته سيمونا فولتين من مخيم برج البراجنة في بيروت، قالت فيه إن تأثير حماس يتزايد بين فلسطينيي لبنان.

وأضافت أن المثلث الأحمر المقلوب موجود في كل مكان، ومرسوم على الجدران وعلى أبواب المتاجر، وهو موضوع دائم يرشد الزوار خلال الأزقة الضيقة التي تقسم مخيم برج البراجنة في بيروت.

ويظهر المثلث بشكل دائم في الفيديوهات التي تنشرها حماس، حيث يقوم مقاتلوها بمهاجمة الدبابات إسرائيلية في غزة. وتقول الكاتبة إن الانتشار الجديد للشعار في المخيم يشير إلى التحول في مواقف الرأي العام من الكفاح المسلح.

وتقول نهاية أيهم إبراهيم (25 عاما) الرسامة التي تزين لوحاتُها جدران المخيم: “نشعر بالفخر، وصرنا أكثر وعيا بالقضية”. وتُظهر إحدى اللوحات الجدارية التي رسمتها، مظليين، في إشارة إلى الطائرات الشراعية التي استخدمها مقاتلو حماس وهم يهبطون داخل إسرائيل لتنفيذ هجوم 7 أكتوبر.

وفي لوحة أخرى، رسمت المتحدث باسم الجناح العسكري لحماس، أبو عبيدة المتلثم بالكوفية الفلسطينية. وقالت إبراهيم: “نحن معهم، رغم ما حدث في غزة ورغم الضحايا”.

وحتى وقت قريب، كانت جدران البنايات المتداعية تحمل شعارات جدارية باهتة، كدليل على قضية أصبحت من الماضي. إلا أن هجوم حماس على إسرائيل وما أعقبه من حرب على غزة، أحيا الآمال بدولة فلسطينية وحلم العودة إلى الأرض التي كانت تعيش فقط في الذكريات البعيدة للجيل القديم. وتقول إبراهيم: “كان الجيل القديم هو من يتحدث عن فلسطين”. وإبراهيم التي ولدت في المخيم هي جزء من جيل ترك السياسة للتركيز على توفير متطلبات الحياة. لكن جيلها يشعر بالتحفيز بطريقة لم تظهر عليه من قبل. وتقول: “لديك أولاد ما بين العاشرة والخامسة عشرة من العمر يتحدثون عما يجري في فلسطين”.

وأصبحت الحرب الشغل الشاغل لسكان المخيم، ففي زيارة قريبة له، شاهدت الصحافية الأطفال وهم يلعبون ألعاب الحرب مسلحين ببنادق بلاستيكية، حيث كان يركضون في الشوارع المكتظة بالسكان ويختبئون خلف الزوايا المرسوم عليها المثلث الأحمر. أما الكبار، فجلسوا في المقاهي يلعبون الورق ويتابعون تغطية الحرب في غزة. وتزايد التوتر على الحدود الإسرائيلية- اللبنانية، حيث يتبادل حزب الله إطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي بشكل يومي. وفي الوقت الذي صنفت فيه الدول الغربية حماس كمنظمة إرهابية، إلا أن الفلسطينيين ينظرون إليها كحركة المقاومة التي تقوم بحرب مشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ولا يتم النظر إلى هجوم 7 أكتوبر على أنه عمل إرهابي، بل عمل مُلهم لكسر قيود السجن. وأصبح المثلث الأحمر والطائرات الشراعية وصورة أبو عبيدة جزءا من الثقافة الشعبية التي تزين الصناديق والقمصان وأكواب القهوة، وتجاوز الاهتمام بها المجتمعات الفلسطينية.

وترى إبراهيم أن دعم المقاومة هو “أخلاقي” وليس سياسيا، ففي الوقت الذي تظهر فيه صورة أبو عبيدة على أنها جزء من التضامن مع المقاتلين في الميدان، إلا أن صور القيادة السياسية لحماس في قطر غائبة. وتقول ماري قرطم، الباحثة في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، إن “الناس يفرقون بشكل جيد بين الجناح العسكري لحركة حماس والمكتب السياسي”، مضيفة أن التغير المؤقت في الدعم لا يعني تغيرا دائما في الولاءات السياسية.

ومن الناحية التاريخية، دعم سكان المخيمات حركة فتح، منافسة حماس والتي تدير السلطة الفلسطينية في رام الله وكذا مخيمات اللاجئين في لبنان. ويظل الموقف العلماني لفتح أكثر قبولا من عقيدة حماس الإسلامية، كما تقول الصحيفة.

لكن فتح واجهت تراجعا في شعبيتها بسبب اتهامات الفساد وفشلها في تحقيق وعود اتفاقيات أوسلو عام 1993. ويشتكي سكان المخيمات الفلسطينية من عدم تحسين فتح ظروف حياتهم، أو الإسهام في إنجاز حقوقهم الأساسية مثل العمل أو تملّك العقارات.

وتخصص السلطة الفلسطينية 15 مليون دولار شهريا للمخيمات في لبنان، لكن معظمها يُنفق على شبكة الرعاية التابعة لفتح، وليس لتقديم الخدمات، بحسب مسؤول.

وسمحت الظروف البائسة في المخيمات وسياسة الأرض المحروقة التي تمارسها إسرائيل في غزة، لحماس كي تعزز موقعها في المخيمات على حساب فتح. وتعلق قرطم من المعهد الفرنسي: “هذه فرصة ممتازة لحماس كي تبني قاعدة شعبية لها في المخيمات”.

ولم تكشف حماس عن جهود التجنيد في المخيمات، خشية تنفير الحكومة اللبنانية أو تحويل المخيمات إلى هدف لإسرائيل، إلا أنها استثمرت في الشبان الجدد. وقال مسؤول لحماس في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، إن مئات من الشباب اتصلوا به في الأشهر الأخيرة وأعربوا عن استعدادهم للقتال، و”يريدون منا تزويدهم بالسلاح، حتى يذهبوا إلى فلسطين من جنوب لبنان ويقاتلوا الكيان الصهيوني بعد ما شاهدوه من مجازر”.

وفي صيدا، يوجد أكبر مخيم فلسطيني، هو عين الحلوة الذي يسكن في أكثر من 120,000 نسمة على مساحة لا تتجاوز نصف كيلو متر مربع. وقال مقاتل في حماس رفض الكشف عن هويته، إن حالة تعبئة بدأت في المخيم بعد اندلاع حرب غزة، حيث اصطف الشبان للانضمام إلى حركة حماس.

وقال أحد المتطوعين الذين انضموا للحركة بعد هجمات أكتوبر إنهم “يعلموننا حول الأسلحة وتفكيكها وتجميعها من جديد”، وقال: “سيكون القتال شرفا”.

وعملية التجنيد لحماس تأخذ وقتا، حيث تبدأ بالتثقيف الديني والفحص الأمني، ويتم التدريب خارج المخيمات بالتنسيق مع حزب الله. وتظل التعبئة العامة مثار جدل في لبنان خاصة أن الأحزاب المسيحية التي والت إسرائيل أثناء الحرب الأهلية، تعارض أي دمج للفلسطينيين في المجتمع اللبناني، خشية أن يؤثر ذلك على التوازن الطائفي.

وقال باسل الحسن، مسؤول لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني: “عقدنا عدة نقاشات مع حماس هنا في لبنان لكي تتوقف”، في إشارة لجهود الحكومة اللبنانية الحد من التجنيد. وأضاف: “قلنا إن لدينا سيادة وهناك عبء من التداعيات على الوضع اللبناني”. لكن عمليات التجنيد ستتواصل كما يقول الحسن، ذلك أن “المعاناة كبيرة، ويركز الرأي العام بين الفلسطينيين على هذا أكثر من أي موضوع آخر”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي