ليمانيتي: الأهداف المعلنة لزيارة ماكرون لإسرائيل تتناقض مع دعمه لاستراتيجية الحرب التي ينتهجها نتنياهو

2023-10-25

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ ف ب)تحت عنوان: “ماكرون في إسرائيل من أجل السلام دون التنصل من الحرب”، قالت صحيفة “ليمانيتي” الفرنسية إن الأهداف المعلنة لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إسرائيل المتمثلة في إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة والتوصل إلى هدنة تمهيدا لوقف إطلاق النار، تتناقض مع الدعم المؤكد لاستراتيجية الحرب التي ينتهجها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأشارت الصحيفة إلى أن إيمانويل ماكرون كان قد أكد في وقت سابق أنه لن يذهب إلى الشرق الأوسط إلا إذا تمكن من “الحصول على عناصر مفيدة” للمنطقة بفضل هذه الزيارة، وتحدث عن “أمن إسرائيل، والحرب ضد الجماعات الإرهابية، وعدم تصعيد الصراع، واستئناف العملية السياسية نحو حل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية”.

وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الفرنسي حتى وإن كان قد دعا إلى رد “دقيق” ضد حماس في غزة من أجل “تجنيب” المدنيين الفلسطينيين، فقد أعرب قبل كل شيء عن دعمه الثابت لتل أبيب. وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، أوليفييه فيران، إن رئيس ماكرون “ سيجري محادثات جوهرية، سواء بالنسبة للمنطقة أو للمواطنين الفرنسيين أو لعائلات الضحايا أو للشعب الفلسطيني”.

وتابعت الصحيفة القول إن إيمانويل ماكرون وصل هذا الثلاثاء إلى منطقة على وشك الانهيار، حيث تواصل إسرائيل، معززة بالدعم الغربي الذي لا يضغط عليها بأي شكل من الأشكال، قصفها لقطاع غزة بشكل عشوائي، والذي تسبب في تضرر مباني وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) حيث حاول ما يقرب من 500 ألف شخص العثور على مأوى؛ و ما تزال المياه والكهرباء منعدمة بسبب الحصار الكامل الذي تفرضه تل أبيب. فحتى ظهر يوم أمس الاثنين، تجاوز عدد القتلى 5 آلاف.

واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن تسليم المساعدات الإنسانية، الذي يفتخر جو بايدن بتسهيله، هو مجرد “مزحة مروعة”، مشيرة إلى دخول 20 شاحنة يوم السبت الماضي في المجمل إلى القطاع الفلسطيني، مقارنة بـ 200 إلى 300 شاحنة يوميا عادة.

ما الذي ينوي ماكرون كسبه؟

ويبقى أن نرى ما الذي ينوي إيمانويل ماكرون كسبه من هذه الزيارة، تقول الصحيفة، مشيرة إلى أن قصر الإليزيه أعلن أن ثلاث نقاط ستحدد هذه الزيارة، أولها يتعلق بمصير الرهائن وإطلاق سراحهم. وهنا، تتحدث حاشية الرئيس الفرنسي عن “مفاوضات صعبة” تتطلب التحدث مع كل من “له تأثير على حماس”، وأيضا اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي يتوقع منها أن تلعب دوراً خاصاً، توضح الصحيفة، مضيفة أنه بالإضافة إلى نتنياهو، يتعين على ماكرون أيضًا إجراء محادثات مع الشركاء العرب في المنطقة، أي مصر والأردن وبعض دول الخليج. ويمكن للرئيس الفرنسي أيضا أن يذهب إلى لبنان.

وتعتزم فرنسا العمل أولاً من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية كمقدمة، كما يقال، للبناء السياسي لوقف إطلاق النار، وهو رهان يبدو عشوائياً جداً في ضوء الاستراتيجية الإسرائيلية، وفق الصحيفة الفرنسية. وأخيرا، النقطة الثالثة، تتمثل في مسعى الدبلوماسية الفرنسية تجنب المواجهة بين الشمال والجنوب، حيث تشعر باريس بالقلق إزاء رؤية العالم منقسما بين أولئك الذين يقفون إلى جانب أوكرانيا وإسرائيل، وأولئك الذين يدعمون الفلسطينيين، تضيف الصحيفة.

فمما لا شك فيه أنه سيكون هناك ما قبل يوم 7 أكتوبر وما بعده. فهل ستقوم فرنسا بتقييم ذلك وتقديم مقترحات تتماشى مع حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإنهاء الاحتلال والاستيطان الاسرائيلي، وهي شروط ضرورية إذا أرادت إسرائيل أن تعيش في سلام؟، تتساءل الصحيفة الفرنسية.

“الشجاعة السياسية” لأسلاف ماكرون

وتحدثت الصحيفة الفرنسية عن “الشجاعة السياسية” لأسلاف إيمانويل ماكرون، موضحة أن الجنرال ديغول طور بعد عام 1967 وحرب الأيام الستة، سياسة أصلية بين الدعم غير المشروط من واشنطن لإسرائيل ودعم موسكو للدول العربية التي تدعي أنها اشتراكية. وذهب جورج بومبيدو إلى أبعد من ذلك عندما جعل الدول الأوروبية حينها تعترف بـ”الحقوق المشروعة” للفلسطينيين. في حين، شارك فاليري جيسكار ديستان في التوقيع على إعلان البندقية في يونيو 1980، الذي دعا إلى الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في الحكم الذاتي وحقوق منظمة التحرير الفلسطينية في المشاركة في مبادرات السلام.

من جانبه، استقبل فرانسوا ميتران، صاحب التوجه العملي، ياسر عرفات في باريس في شهر مايو/أيار 1989. أما جاك شيراك ووزير خارجيته دومينيك دو فيلبان فقد وقفا، داخل الأمم المتحدة، في وجه الولايات المتحدة وسياستها في الشرق الأوسط. لكن نيكولا ساركوزي ثم فرانسوا هولاند دقا ناقوس الموت لهذه التوجهات الدبلوماسية، من خلال دعم السياسة الإسرائيلية. ثم ضاع صوت فرنسا، تقول الصحيفة.

واعتبرت الصحيفة أن حلّ الدولتين يتطلب تحركات قوية يستطيع ماكرون أن يبادر بها، لأن الوقت لم يعد للكلمات بل للشجاعة السياسية التي أظهرها بعض أسلافه. ومن ثم، فإن فرنسا ستجعل نفسها مفيدة حتى يمكن إحلال السلام أخيراً في الشرق الأوسط امتثالاً لقرارات الأمم المتحدة. و حتى تتوقف المحاسبة المروعة عن مقتل المدنيين. فإذا لم يشدد إيمانويل ماكرون على هذه المبادئ، فمن المتوقع ألا يتغير شيء، تختم الصحيفة.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي