اذربيجان تتعثر في جهودها للحد من العنف الأسري ضد النساء

أ.ف.ب - الأمة برس
2021-11-10

ديلارا باغييفا (41 عاما) وهي ضحية عنف أسري، تنظر إلى صورة ابنتها فرح التي قضت على يد أبيها المعنّف، خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في باكو في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2021 (أ.ف.ب)

سرعان ما يكفهرّ وجه ديلارا باغييفا لدى حديثها عن تلك الليلة من تشرين الثاني/نوفمبر 2020 حين دمّر زوجها حياتها... وهي من بين آلاف النساء ضحايا العنف الأسري في آذربيجان، حيث تواجه السلطات صعوبة في الحد من هذه المشكلة المستشرية في المجتمع.

فقد بدأ الزوج العنيف بضرب ديلارا إلى أن فقدت وعيتها، قبل أن يرمي ابنتهما البالغة ثماني سنوات من نافذة شقتهما الواقعة في الطبقة الثالثة عشرة في أحد مباني باكو عاصمة آذربيجان، وفق باغييفا.

وتقول الأم الثكلى، وهي مدرّسة لغة إنكليزية تبلغ 41 عاما، خلال النظر إلى صورة ابنتها على الهاتف "لقد كانت كل شيء بالنسبة لي".

ديلارا باغييفا واحدة من آلاف النسوة اللاتي تحطمت حياتهن بسبب العنف الممارس من الزوج أو رجل آخر في محيطهن في آذربيجان التي تعاني من هذه المشكلة منذ زمن بعيد.

وتحض الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء الحكومة على بذل جهود أكبر لحمايتهن، خصوصا من خلال تعزيز التشريعات الرادعة، لكنها تصطدم بممانعة من المحافظين النافذين في هذا البلد الواقع في منطقة القوقاز والذي يشكّل المسلمون أكثرية سكانه.

وفي 2020، قٌتلت 71 امرأة على يد الزوج أو رجل آخر من محيطهن، فيما بلغ العدد 48 خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، وفق ما أفادت النيابة العامة في باكو وكالة فرانس برس.

ويبلغ عدد حالات العنف الأسري المبلّغ عنها سنويا حوالى ألفين، لكنّ العدد الفعلي أكبر بكثير وفق السلطات، خصوصا بسبب امتناع عدد كبير من الضحايا عن الإبلاغ عن مأساتهن.

وتوضح العضو في اللجنة الحكومية لشؤون الأسرة والمرأة والطفل تاليا إبراهيموفا أن "نساء كثيرات لا يتصلن بالشرطة لأنهن يخشين ردود فعل سلبية من العائلة".

وفي مسعى لحمل النساء على إعلاء الصوت، خصصت الحكومة أخيرا خطا ساخنا في إطار خطة تحرك أوسع لمكافحة العنف الأسري. كما تعمل السلطات على إدخال تعديلات على قانون صادر عام 2010 للتصدي لهذه المشكلة الاجتماعية.

- "قيم عائلية" -

غير أن جمعيات نسوية تعتبر أن هذه التدابير قاصرة عن حماية الضحايا وتتهم الرئيس إلهام علييف بالتقصير في هذا المجال.

وتقول الناشطة النسوية المعروفة في آذربيجان غلنارا مهدييفا لوكالة فرانس برس إن "قتل النساء مسألة سياسية وحل هذه المشكلة يتطلب إرادة سياسية".

وإذ تصف النظام السياسي في بلدها بأنه "استبدادي"، تعتبر مهدييفا أن السلطات "لا تريد للمواطنات أن يعرفن حقوقهن".

وتوضح "المرأة التي تخاف زوجها أو والدها أو شقيقها لن تعارض الحكومة يوماً".

وتشير مهدييفا إلى أن الناشطين مثلها يتعرضون لضغوط متزايدة من أوساط المحافظين، مشيرة إلى أن "موقف المجتمع سلبي إذ يوجه لنا اتهامات بنسف القيم العائلية".

وفيما آذربيجان بلد علماني، غالبا ما يُحصر دور النساء بالموجبات العائلية في هذا المجتمع الذي "تنتشر فيه الذكورية في كل المجالات"، بحسب مهدييفا.

ويشغل الرجال أكثر من 90 % من مواقع المسؤولية في آذربيجان و80 % من المناصب القضائية، بحسب منظمة "بورغن بروجكت" الأميركية غير الحكومية.

وفي مؤشر إلى حجم هذه المشكلة، أعربت السفارة الأميركية في باكو عن قلقها هذا العام بشأن جرائم قتل النساء، عارضة مساعدتها على الحكومة.

كما حضت السفارة البريطانية آذربيجان على التوقيع على اتفاقية اسطنبول الصادرة سنة 2011، وهي معاهدة دولية ترغم أعضاءها على مكافحة العنف ضد النساء.

- تعزيز الحماية القانونية -

وتنتقد المحامية زبيدة صديقوفا عدم تعامل الشرطة "على محمل الجد" مع النساء اللواتي يشتكين لديها بسبب تعرضهن للعنف الأسري.

وتوضح "نساء كثيرات أحاول إقناعهن برفع شكاوى يقلن لي إنهن حاولن ذلك سابقا لكن الشرطة حاولت مصالحتهن مع أزواجهن".

وتشير صديقوفا إلى أن "أكثرية الناس يظنون أن النساء يجب أن يلزمن المنزل كما أن للأزواج الحق في ضربهن".

وتدعو المحامية إلى تعزيز قوانين مكافحة العنف الأسري وتحسين تطبيق تلك الموجودة أصلا.

وفي مؤشر إلى أن الطريق لا يزال طويلا، تروي ديلارا باغييفا أن زوجها ملاحق فقط بتهمة ضربها وليس بسبب قتله ابنتهما التي نُسبت وفاتها في بادئ الأمر إلى حالة انتحار.

وقد فُتح تحقيق في آخر المطاف في قضية قتل، وتبدي باغييفا تصميما على متابعة القضية إلى النهاية.

وتقول "سأناضل حتى الرمق الأخير من أجل الحقيقة والعدالة".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي