شبكة الأمة برس | معاريف: هكذا أصبح الضم مصلحة حيوية والسلام و”حل الدولتين” أمراً تآمرياً


معاريف: هكذا أصبح الضم مصلحة حيوية والسلام و”حل الدولتين” أمراً تآمرياً

بحكم منصبه وزيراً للدفاع، وجه رئيس الوزراء البديل الجيش الإسرائيلي للاستعداد لضم مناطق خلف الخط الأخضر. فعملية بسط السيادة الإسرائيلية على نحو 30 في المئة من المنطقة “ج” يفترض أن تخرج إلى حيز التنفيذ بداية الشهر المقبل. في هذه الأثناء لا توجد خرائط ولا موافقة أمريكية على المخطط، أما عن التنسيق مع الفلسطينيين فلا مجال للحديث. ولكن رئيس الوزراء نتنياهو مصمم، وبديله ينجر وراءه ويمشي على الخط.

يشرح محللون في شؤون نتنياهو بأن هذا هو الإرث الذي يسعى لأن يخلفه قبل أن يخلي بيت بلفور بقوة الاتفاق الائتلافي مع “أزرق أبيض”. آخرون يعتقدون بأن فعلاً سياسياً سيصرف الانتباه عن المحاكمة الجنائية التي تجري ضده. مهما يكن من أمر، فهذه خطة غير مخبوزة، ومخاطرها الكامنة فيها تفوق فضائلها. وعلى كفة الميزان هناك التنسيق الأمني مع الفلسطينيين، والخوف الحقيقي من انفجار موجة إرهاب، وقطع العلاقات مع المملكة الأردنية، وشجب دولي من الحائط إلى الحائط.

على هذه الخلفية، فإن حماسة إسرائيل لخطة ترامب والخطابية العالية حول نافذة الفرص التاريخية التي فتحت بفضل الصداقة الشخصية لنتنياهو مع الرئيس الأمريكي تعكس بدائية بائسة. فإسرائيل تستند إلى زعيم موضع خلاف وعمق الاستقطاب الاجتماعي في بلاده، ويشعل الآن نار العنصرية، ربما كي يصرف الانتباه عن اخفاقاته في مواجهة أزمة كورونا. بكلمات أخرى، ترامب ليس مرسى سياسياً أو أمنياً أو أخلاقياً يجدر التمسك به. ولكن الخطة الإشكالية التي نشرها أعطت ضوءاً أخضر لمؤيدي الضم؛ فقد ضاقت لهم الطريق، الآن وبسرعة، قبل أن ينهي ترامب حياته السياسية. أما الفلسطينيون فعلى أي حال لا يأبهون بهم.

منذ اتفاقات أوسلو والناطقون بلسان اليمين يدعون بأن اليسار أسير في جمود سياسي صعد النزاع الدموي. غير أن رفضهم العنيد الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية يعاني هو أيضاً من جمود محمل بالمصيبة. يؤمن كثير منهم بأن المعارضة القاطعة لإقامة دولة فلسطينية (بأي صورة كانت سواء دولة ناقص أم حكماً ذاتياً زائداً)، إلى جانب توسيع المستوطنات، ستدفع الفلسطينيين إلى اليأس والتسليم بالاحتلال الإسرائيلي. وهم يرفضون وباحتقار الحجة الديمغرافية مثلما يرفضون مخاوف من تحول إسرائيل إلى دولة أبرتهايد. طالما لم يصبح الفلسطينيون محبي صهيون ويقفون صامتين عند إنشاء “هتكفا”، فلا يوجد ما يمكن الحديث فيه. من ناحيتهم، هذه لعبة مبلغها الصفر: إما نحن أو هم. ولا خيار آخر.

لا غرو أن خطة الضم وقعت في أيديهم كثمرة ناضجة، وسرعان ما امتشقت أيضاً صفحة الرسائل التي تتضمن كل الكليشيهات البائسة. بدءاً بأن “الفلسطينيين لم يفوتوا أي فرصة لتفويت الفرص”، عبر القول إنه “لا شريك” وانتهاء بالادعاء بأن “الحد الأقصى الذي يمكن لإسرائيل أن تعطيه لا يلتقي الحد الأدنى الذي يريد الفلسطينيون أن يتلقوه”. ناهيك عن أن “بيرس، وباراك، وأولمرت، عرضوا عليهم كل شيء ورفضوا”. لنفترض أن كل هذا صحيح، فما البديل إذن؟ يتباهى نتنياهو بالعلاقات الخاصة التي نسجها مع رؤساء دول إسلامية لم تقم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بسبب النزاع مع الفلسطينيين. في الأيام التي سبقت كورونا، تباهى بالاقتصاد المتين وبالهدوء الأمني النسبي. ولكن في سنوات ولايته المتواصلة ضيع الوقت؛ فلم يبادر إلى خطة لحل النزاع ولم يعرض رؤيا سياسية. هو الزعيم الإسرائيلي الأول الذي شطب التطلع إلى السلام عن جدول الأعمال. من ناحيته، يمكن التعايش مع موجات إرهاب موسمية، وتنقيط نار وجولات قتال من حين إلى آخر على أن يكون الجيش الإسرائيلي قوياً والقاعدة راضية.

من يتذكر شعار الليكود في حملة انتخابات 1996: “نتنياهو، نصنع سلاماً آمناً”. منذئذ، أحبط بثبات كل مبادرة. وبشكل مفعم بالمفارقة أصبح الضم مصلحة حيوية بينما اتفاق السلام القائم على أساس حل الدولتين يعد تآمرياً وخطيراً. هذه عملياً هي الخلاصة الموجزة لتاريخ الزمن الضائع لدولة إسرائيل.

 

بقلم: اوريت لفي نسيئيل
معاريف 4/6/2020


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-775.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-25 11:04:02