شبكة الأمة برس | الحرب هي الحرب وإن كانت تجارية


الحرب هي الحرب وإن كانت تجارية

ارفعوا راياتكم.. انها الحربحروب ترامب التجارية، أذكى من حروب جورج بوش العسكرية. حروب بوش خسائر وحروب ترامب ارباح.

هي الحرب إذن تدور وقائعها بين الصين وأميركا، لا نرى مدى زمنيا لإيقافها، فمن السهل إعلان حرب بفصولها المرعبة، لكن من الصعب إيجاد آليات تلملم أوزارها بأقل الخسائر.

حرب تجارية، عجزت كل المفاهيم والمصطلحات عن إيجاد أسم بديل لها، مراعاة لشعور رأي عام عالمي، يخشى الحروب وويلات دمارها. لكن آثارها تكاد تقترب من حصاد حرب عسكرية مسلحة، قادرة على شل حركة نمو اقتصادي، يجر المجتمعات الكبرى إلى أزمات مالية أو معيشية، تنهار بتصعيدها قواعد إنتاجية، وترتفع أسهم البطالة، وتغلق بفعلها أسواق العمل جل أبوابها، فكل القطاعات تستنزف قدراتها، وتخسر معظم وارداتها.

الولايات المتحدة والصين بدءا بدفع فواتير خسائرهما، وهاهم المنتجون يتحملون أعباء تكاليفها الباهظة، ومنتجاتهم تتعثر في طريق تسويقها، بضرائب خيالية لا قبل للمستهلك أو المنتج قدرة دفعها.

كفتا ميزان خسائر الطرفين الأميركي والصيني تكاد تقف عند مستوى واحد، وهنا مازلنا في حساب الخسائر الاقتصادية، التي تلقي بظلالها السلبية على واقع اجتماعي وسياسي وربما عسكري.

شركات الإنتاج التي تسوق بضائعها في أميركا والصين، أطلقت صيحات الفزع، وأعلنت أرقاما مذهلة لخسائرها منذ سنة الحرب الأولى، ولا خيار أمامها لاحتواء تلك الخسائر المتعاظمة، فاللاعبان السياسيان المتحكمان بمصير أكبر تجارة عالمية، فشلا في إيجاد مقاربة تحسم حربا متصاعدة.

إدراج الشركة الصينية هواوي التي تعد أكبر مُصنّع لمعدات الاتصالات على مستوى العالم، في قائمة سوداء تجارية في الولايات المتحدة وفرض الحظر التجاري عليها، ألحق أضرارا بمليارات المستهلكين، في أميركا والصين و170 دولة في أنحاء العالم.

واستندت الإدارة الأميركية في حظر التعامل مع هواوي، إلى مخاوف حيال الأمن الوطني الأميركي، فهي وضعتها ضمن ما يُعرف بـ Entity Listوهي قائمة تخضع نشاطات الشركات والأفراد والكيانات التجارية المدرجة فيها لمراقبة كل تحويلاتها المالية خشية محاولة الحصول على سلع أو تقنيات حساسة تتعلق بالأسلحة وقضايا أمنية.

هواوي تشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي، هكذا ترى الإدارة الأميركية، لكن "هواوي تسخر من الإدعاء الأميركي، وتتساءل: "هواوي تشكل تهديدا أمنيا؟ لا يوجد سلاح للجريمة، ولا دخان، إنها محض تكهنات!"

الحرب التجارية التي اختار قواعدها الرئيس دونالد ترامب، وحدد أدواتها، رسمها عقله التجاري، الذي يريد خوض حروب دون تكاليف ترهق ميزانية الدولة، ويجني من ورائها المكاسب التي تعبئ خزائن البنك المركزي الأميركي.

الحرب الصينية – الأميركية متواصلة، وتشهد تصعيدا وصل إلى دوائر القضاء العالمي، بانتظار ما ستقرره منظمة التجارة العالمية على ضوء الشكوى الأميركية التي اتهمت فيها الصين بسرقة حقوق الملكية الفكرية، بما يتعارض مع قواعدها.

دونالد ترامب لا تغمض له عين وهو يقرأ مؤشر الاحتياطي النقدي الأجنبي الصيني وقد وصل إلى أكثر من 3 ترليون دولار أميركي، ففرض على سلعها الواردة إلى أميركا رسوما جمركية تصل إلى 200 مليار دولار أميركي سنويا.

حروب ترامب التجارية، أذكى من حروب جورج بوش العسكرية، فهو ينتزع عصب القوة الاقتصادي من معسكرات خصومه دون الحاجة لسلاح البنتاغون!


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-52.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-20 03:04:47