شبكة الأمة برس | التجربة الإندونيسية


التجربة الإندونيسية

كثيرا ما أشرت إلى وجوب أن تكون مرجعيتنا في التنمية تجربة البلدان الآسيوية التي كانت مثلنا فقيرة ومستعمرة، وخرجت من ذلك مع نهاية القرن العشرين ومطلع القرن الحالي. وبالفعل فقد نظرنا إلى الصين واليابان وتجارب النمور المشهورة في كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وماليزيا.

ولكن كان هناك القليل عن التجربة الإندونيسية التي تماثلنا في غلبة الزيادة السكانية ــــ٢٧٧ مليون نسمة ــــ يعيشون على ضعف مساحة مصر من الجزر ــــ ١٧٠٠٠ جزيرة ــــ ورغم الغالبية الإسلامية فإن الدولة بها ١٣٠٠ جماعة عرقية يتحدثون ٧٠٠ لغة. إدارة هذه التركيبة يشكل معجزة في حد ذاتها، ولكن النتيجة هي أن الدولة عضو في جماعة العشرين، وناتجها المحلي الإجمالي هو 1.389 تريليون دولار، وهي الآن تعد لانطلاقة جديدة تستفيد فيها من وجودها على مفترق الطرق بين المحيطين الهندي والباسيفيكي، وحيث تتقاطع الاستراتيجيات الكبرى للصين والولايات المتحدة التي تحتضن دفاعيا وأمنيا استراليا ونيوزيلندا، ومنطقة جنوب شرق آسيا بأكملها. ولكن ما يشغل إندونيسيا فعلا في هذه المرحلة هو السباق الاقتصادي العالمي والذي تري لنفسها فيه مكانة لا يمكن تركها لآخرين.

في تقرير أخير لدورية «إنترريجنال» للتحليلات الإستراتيجية تحت عنوان «طموح جاكرتا» سوف نجد الكثير من العناوين التي نعرفها في مصر ولكن على نطاق واسع. العنوان الأول الاهتمام بتطوير المناطق الاقتصادية الخاصة (٥٠ مليار دولار)، والثاني تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية (٤٣٠ مليارا في الفترة من ٢٠٢٠ إلى ٢٠٢٤ بعد إنفاق ٣٥٩ مليارا من ٢٠١٥ــــ ٢٠١٩)؛ ورفع قدرات القوي البشرية، وتبني سياسات مالية ونقدية مرحبة بالمستثمرين الأجانب، وتحسين بيئة الأعمال المحلية، والاعتماد على إستراتيجية اقتصادية متطورة فيكون حجم الاقتصاد الرقمي ٣٠٠ مليار دولار عام ٢٠٣٠.

تفاصيل كل ذلك كثيرة، ولكنها غنية بدروس كبيرة تأتي من معالجة قضايا وإشكاليات لا تختلف كثيرا عما نواجه في مصر.. إندونيسيا جزء من بيئة إقليمية ودولية لا تقل تعقيدا أو قسوة عن عالم الشرق الأوسط.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-الأهرام-


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-4204.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-03-29 09:03:22