شبكة الأمة برس | هل يمكن لريشي سوناك أن يجعل قانون القوارب الصغيرة نجاحاً لإدارته؟


هل يمكن لريشي سوناك أن يجعل قانون القوارب الصغيرة نجاحاً لإدارته؟

قدمت سويلا برافرمان بدعم من ريشي سوناك مشروع قانون الهجرة الجديد إلى البرلمان، وفي الواقع لم تكن مسألتا الهجرة واللجوء مثيرتين للجدل وحسب، بل كانت السيطرة على حدود بريطانيا من بين الوعود الرئيسة التي قطعها أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو الوعد الذي عززه الآن تعهد سوناك شخصياً "بمنع القوارب" من جملة تعهداته الخمسة الرئيسة لعام 2023.

ما الأخبار السارة لسوناك؟

يأمل رئيس الوزراء في أن تكون أزمة القوارب الصغيرة ثاني معضلة سياسية مستعصية يمكنه أن ينسب لنفسه الفضل في حلها، فقد كان إطار وندسور (Windsor Framework) أول تلك المعضلات، وهو المشروع البديل الذي استبدله سوناك ببروتوكول إيرلندا الشمالية وحظي بإشادة واسعة النطاق وإن لم تكن شاملة.

ويتمثل هدف سياسة الهجرة هذه في جعل طلب اللجوء في المملكة المتحدة مستحيلاً لمن يصلها بطرق غير قانونية، وهذا كما يقول منطق هذه السياسة لا يشجع على القيام بالرحلة المحفوفة بالأخطار عبر القناة الإنجليزية ويفضي إلى كسر نموذج الأعمال لمهربي البشر، أي أن هذه السياسة هي سياسة ردع.

وعلى رغم أن نجاح سوناك في إطار وندسور لم يكن له تأثير ملموس على مستويات شعبيته نظراً لأن قلة قليلة من خارج إيرلندا الشمالية توليه اهتماماً كبيراً، فالنهاية الملموسة لأزمة القوارب الصغيرة ستكون محل ترحيب واسع النطاق وسيتمكن سوناك من الزعم بأنه صان حق اللجوء عبر طرق آمنة ومأمونة لمجموعات محددة.

ومع النجاح المحتمل في المستقبل في مسائل التضخم وقوائم الانتظار الخاصة بهيئة خدمات الصحة الوطنية والنمو الاقتصادي، قد تترسخ سمعة سوناك كحلّال المشكلات إلا أن النقطة الخلافية ستتمثل في ما إذا كان هذا سيترجم باستعادة الدعم لحزبه.

ما الذي قد لا يسير على ما يرام؟

حظيت الإشكالات الأخلاقية والقانونية لمشروع القانون الجديد بتغطية إعلامية جيدة، وهي حقيقية بما فيه الكفاية، ويقع على عاتق بريطانيا التزام كبير مثل أي دولة أخرى بتوفير المأوى للمضطهدين، كما أن الحق في المطالبة بوضعية اللجوء حق عالمي لا تحكمه أي محاصصة، فبريطانيا ملزمة بتقديم اللجوء بموجب المعاهدة الدولية، وهناك قلة من الخيارات الآمنة المتاحة في بلد ثالث حيث يمكن إرسال طالبي اللجوء المرفوضين.

قد يؤدي إلغاء حق اللجوء للمهاجرين الواصلين عبر القناة ببساطة إلى إزالة أي حافز للاستسلام لقوة الحدود، وعلى رغم أن الأرقام الرسمية قد تنخفض فإن المهاجرين من جميع الفئات قد يذوبون ببساطة في المجتمعات ويعملون لقاء المال في الاقتصاد غير الرسمي بينما يقطنون في أماكن إقامة مكتظة وغير منظمة. سيكون هذا احتمالاً مروعاً، لا سيما بالنسبة إلى النساء والأطفال.

وقد تكون المشكلة الأكثر إلحاحاً هي الاندفاع لطلب اللجوء قبل أن يبدأ التشريع بالسريان، وبالتالي زيادة الأعداد وجعل تعهدات سوناك مثيرة للشفقة إلى حد ما، ناهيك عن أن مثل هذه النتيجة الضارة على المدى القصير لن تصب في مصلحة مستويات شعبيته.

ما الذي قد يحدث؟

على رغم الخطبة المتطرفة التي ألقاها سوناك عن الهجرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتعهده بوقف القوارب ومشروع القانون الجديد، فمن المحتمل ألا يتغير الكثير بحلول الانتخابات العام المقبل، إذ سيواجه مشروع القانون نفسه الذي لم يرد ذكره في بيان عام 2019 صعوبات جمة في مجلس اللوردات، وقد يكون لدى بعض نواب حزب المحافظين أيضاً مخاوف من تقييد المراجعة القضائية وخرق الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان، وحتى وإن حصل التشريع في نهاية المطاف على الموافقة الملكية فسيطعن فيه أولاً في المحاكم البريطانية ثم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، وبالنظر إلى المدة التي تستغرقها مثل هذه القضايا فقد ينتهي الأمر بإلغاء قانون الهجرة غير الشرعية (الجرائم) لعام 2023 أو تعديله بصورة كبيرة من قبل حكومة حزب العمال المقبلة قبل أن يحدث أي تأثير على الإطلاق.

ما آراء الناخبين؟

إنها قضية انتخابية عاطفية ومثيرة للانقسام لأسباب ليس أقلها أنها استخدمت من قبل اليمين المتطرف لإثارة السخط، وقد ينظر بعض الإستراتيجيين المحافظين نظرة استهزاء إلى قوتها كنقطة لإثارة الانقسام، لا سيما في المجتمعات المخذولة التي تحولت من حزب العمال إلى المحافظين خلال السنوات الأخيرة، إذ يعتقدون أن تصوير أداء المعارضة العمالية على أنه "متساهل مع الهجرة غير الشرعية" سيساعدهم في الاحتفاظ بمقاعد الدوائر الانتخابية المعروفة بالجدار الأحمر.

ومع ذلك تشير استطلاعات الرأي إلى أن عدداً من الناخبين لا يعتقدون أن أياً من الحزبين لديه سياسة مقنعة، ومن أولئك الناخبين في الواقع أنصار حزب العمال الذي لم يحرز سوى تقدم طفيف، ويضع استطلاع الرأي الأخير الذي أجرته "مؤسسة يوغوف" والذي يسأل الناخبين عن الحزب الذي سيتعامل بشكل أفضل مع الهجرة واللجوء، حزب العمال في المقدمة بـ 21 في المئة يليه حزب المحافظين بـ 17 في المئة و من ثم أحزاب أخرى. (على سبيل المثال حزب إصلاح المملكة المتحدة) بثمانية في المئة، و الديمقراطيين الليبراليين سبعة في المئة.

وعلى النقيض من ذلك أجاب نحو 19 في المئة بـ "لا شيء" وقال 27 في المئة إنهم لا يعرفون، لذلك كان 46 في المئة ممن استطلعت آراؤهم غير مقتنعين بأي من سياسات الأحزاب، وفي عام 2019 تقدم المحافظون على حزب العمال في هذه القضية بنسبة 26 في المئة إلى 13 في المئة ومنذ ذلك الحين، أدت الصور التلفزيونية لـ 40 ألف زورق صغير يصل سنوياً إلى تقويض الثقة في قدرة الحكومة على أن ترقى إلى مستوى خطابها.

ربما يدرك الناخبون الآن أن القضية أكثر صعوبة مما تبدو عليه، ولو كان تمرير قوانين جديدة صارمة هو الحل لكانت أزمة القوارب الصغيرة من الماضي الآن.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-اندبندنت عربية-


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-4168.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-26 07:04:13