شبكة الأمة برس | ملكة عاصرت 15 رئيس وزراء


ملكة عاصرت 15 رئيس وزراء

عندما توفيت الملكة إليزابيث الثانية يوم 8 سبتمبر الجاري عن 96 عاماً، أصبح ذلك حدثاً عالمياً. إذ لم يكن هناك تدفق مماثل للتعازي والثناء على فرد واحد عبر العالم منذ وفاة نيلسون مانديلا في ديسمبر 2013 ووفاة الزوجة السابقة لابن الملكة، ديانا، في 1997.

خلال الأسبوع المقبل، ستركز وسائل الإعلام العالمية على كل تفصيل من تفاصيل مظاهر الأبهة التي سترافق جنازة الملكة المرتبة بإحكام في 19 سبتمبر. كما ستغطي بتفصيل كبير الجهود الأولى لابنها، الملك تشارلز الثالث (73 عاماً)، من أجل إثبات نفسه في دور جديد تم إعداده له بشكل جيد خلال سني عمره السابقة.

لماذا كل هذا الاهتمام الاستثنائي بوفاة الملكة؟ الواقع أن 90 في المئة من سكان بريطانيا الحاليين لم يعرفوا ملكاً آخر غيرها. والحال أن إليزابيث الشابة لم تولد لتكون ملكة. ففي عام 1936 أصبح والدها، دوق يورك، على نحو غير متوقع، الملكَ جورج السادس عقب تخلي شقيقه الملك إدوارد الثالث عشر عن العرش، وذلك من أجل التزوج من أميركية مطلقة، هي «واليس سيمبسون». وفي سن الخامسة والعشرين، دُفعت إليزابيث إلى قرص الضوء حينما توفي والدُها في 1952. وكملكة عملت مع 15 رئيس وزراء، بدءاً من وينستون تشرشل، وانتهاءً قبل يومين من وفاتها بتوجيه تكليف بتشكيل حكومة جديدة إلى «ليس تراس» عقب استقالة بوريس جونسون.

وبالنسبة لكثير من الأميركيين، الذين اختار أسلافهم الاستقلالَ عن حكم الملك جورج الثالث، مثّلت إليزابيث ميزةً باتت نادرةً في العصر الحالي. فبينما يقترب الأميركيون من انتخابات نصفية مهمة في نوفمبر المقبل، «أضحت الديمقراطية الأميركية في خطر»، وهذه واحدةً من أكثر العبارات تردداً في الولايات المتحدة حالياً، إذ يقول كل من «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» إن خصومَهم يبيِّتون مخططاتٍ للتدخل في العمليات الانتخابية من أجل ضمان فوز حزبهم بمقاعد مهمة جداً في الكونجرس وبمناصب الحاكم في الولايات المهمة. كما تشير استطلاعات الرأي بشكل متزايد إلى أن ثقة الجمهور في المؤسسات الوطنية الأساسية، مثل المحكمة العليا والكونجرس والفرع التنفيذي للسلطة، باتت كلها في أدنى مستوياتها على الإطلاق. ولهذا السبب، يمكن القول إن الأميركيين يغبطون البريطانيين وهم يشاهدون عملية الانتقال السلسة والموثوقة للسلطة التي تمت في بريطانيا، بما في ذلك صعود «ليز تراس» كرئيسة للوزراء والتعيين الرسمي لتشارلز ملكاً جديداً للبلاد.

وبالطبع فإن التفاعل العالمي مع الحدث مبني على عدد من العوامل. فخلال عهدها، سافرت الملكة إلى 117 بلداً، زارت بعضها أكثر من مرة. وقد كانت فخورة بشكل خاص بمنصبها كرئيسة لدول الكومنويلث، وهي مجموعة من 54 بلداً، معظمها كان جزءاً من الإمبراطورية البريطانية. وإذا كانت ذكريات الإمبراطورية لا تقابل بترحيب من قبل بعض الذين لا يُبدون حزناً لوفاة الملكة، فإن أغلبية الأشخاص العاديين في بلدان مختلفة يتذكرونها بعطف، لأسلوبها وقوة تحملها وشخصيتها التي تتميز برباطة الجأش. ذلك أنهم معجبون بقدرتها على الصمود في وجه العديد من التحديات، من الحرب العالمية الثانية إلى صدمتي سلوك أبنائها وما كان يبدو كارثةً وشيكةً جراء تصرفات بعضهم خلال الأيام التي أعقبت وفاة ديانا.

هل سيكون خلَفُها قادراً على إظهار الصورة نفسها وضمان استمرار شعبية النظام الملكي؟ الواقع أنه حين كان أميراً لويلز، كان تشارلز معروفاً بآرائه القوية، التي كان يعبّر عنها بصراحة، حول الهندسة، وتغير المناخ، والهجرة.. ومواضيع أخرى مثيرة للجدل. ولديه آراء ليبرالية قوية، قد يتعين عليه في منصبه الجديد كعاهل للبلاد أن يواريها وألا يجهر بها. ولا شك في أن اختباره الأكبر هو ما إن كان سيستطيع فعلَ ذلك وفي الوقت نفسه تقليص حجم الملكية من دون أن يجعلها تفقد أهميتَها ودورَها! إذا ظل في حالة صحية جيدة، سيكون لديه عقد من الزمن على الأقل ليثبت نفسَه قبل انتقال العرش إلى ابنه، ويليام، وزوجته ذات الشعبية الكبيرة «كيت».

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس – الاتحاد-


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-3810.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-25 04:04:46