شبكة الأمة برس | احذروا أيها المحافظون... بوريس جونسون كارثة للاتحاد


احذروا أيها المحافظون... بوريس جونسون كارثة للاتحاد

من المتوقع أن يكون هذا أسبوعاً صعباً للاتحاد في الحفاظ على وجوده، وهو الذي يعاني من حال سيئة في شكل خاص منذ الاستفتاء على "بريكست" عام 2016. ويجب طرح أسئلة في هذا المضمار على وزير الاتحاد بوريس جونسون (المعين، حسناً، من قبل بوريس جونسون). ففي نواح كثيرة، هو يمثل فشلاً أكبر كوزير للاتحاد منه رئيساً للوزراء. والمسألة تتعلق أيضاً بشخصه، لا بالحزب.

في عام 2016، في الاستفتاء الوثيق جداً بجونسون، صوتت اسكتلندا وإيرلندا الشمالية للبقاء في الاتحاد الأوروبي، وبطرقهما الخاصة، لم تتمكن أي منهما من إرساء توازن كامل بين احتياجات "بريكست" ومصالحهما الخاصة.

ويبدو أن الانتخابات [المجالس] المحلية هذا الأسبوع من المقرر أن تقدم تذكيراً قوياً بذلك العمل غير المكتمل. مثل إشعار الغرامة من شرطة العاصمة، وهو شيء يتوقعه رئيس الوزراء تماماً، لكنه مع ذلك سيتسبب له ببعض الصداع.

منذ "الاتمام" المفترض لـ"بريكست" عام 2020، لم تحل في شكل كامل أي من المعضلات التي أثيرت عام 2016 وأسبغت عليها صفة رسمية في اتفاق الانسحاب البريطاني الأوروبي واتفاقية التجارة والتعاون الأوروبية البريطانية. والواقع أن السخط المحيط بالوثيقتين تفاقم بسبب الوعود الحماسية التي تقدم بها رئيس الوزراء وفلسفته الخاصة بـ"الاحتفاظ بالكعكة وأكلها معاً". وبين المنطقتين، تبدو إيرلندا الشمالية أكثر قابلية للاشتعال.

بحلول نهاية الأسبوع، وللمرة الأولى في تاريخ دويلة إيرلندا الشمالية الذي يبلغ 101 سنة، لن يفوز حزب اتحادي [موال للاتحاد مع بريطانيا] بالانتخابات على مستوى الإقليم، ولن يجد سياسي اتحادي مبررات دستورية تخوله ترؤس حكومة.

ليس هذا فحسب، بل إن الحصيلة الأكبر في برلمان إيرلندا الشمالية لن تكون من نصيب حزب قومي بل جمهوري إيرلندي– الجناح السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي، شين فين Sinn Fein. وعلى الرغم من أن ذلك يتبلور منذ فترة طويلة، سيشكل صدمة للنظام.

بطبيعة الحال، تتلخص طبيعة النظام في إيرلندا الشمالية في أن رئيس الوزراء ونائبه يتوليان فعلياً رئاسة وزراء مشتركة. فإذا استقال نائب رئيس الوزراء، أو لم يُرشح أحد إلى المنصب، تسقط السلطة التنفيذية– أي الحكومة. وهذا يتناقض بشكل صارخ مع الوضع في المملكة المتحدة، حيث إذا قرر نائب رئيس الوزراء دومينيك راب الاستقالة، فمن المرجح أن تواصل الحكومة البريطانية عملها.

ومن الإنصاف الإشارة إلى أن الاتحاديين ممثلين في الديمقراطي الاتحاديين واتحاديي أولستر وصوت أولستر التقليدي، إلى جانب بعض المجموعات الهامشية، يبقون قوة مهيمنة. لكن تفككهم بسبب اختلافات غير واضحة هو نقطة ضعفهم، وليس القضية نفسها.

لذلك فإن الحلول في "المرتبة الثانية" في الانتخابات ليس أمراً يرغب الاتحاديون بتقبله في شكل خاص، حتى لو كان كل شيء آخر على ما يرام. لكن كل شيء آخر ليس على ما يرام، بسبب الطريقة التي يعمل بها بروتوكول إيرلندا الشمالية Northern Ireland Protocol (NIP) [بند خاص في اتفاقية بريكست] كحدود اقتصادية داخل المملكة المتحدة. ويبدو بشكل واضح، سواء أكان الأمر صواباً أو خطأ، أن حكومة إيرلندا الشمالية، في غياب أي تغيير في البروتوكول، ستظل في حال من المراوحة لفترة طويلة.

وكما كان الحال دوماً، يظل خطر انعدام الاستقرار والعنف قائماً، وقد يؤدي ذلك إلى عواقب لا يمكن توقعها. وكان جونسون وقع البروتوكول، الذى يقوض الآن ولاء الموالين والاتحاديين، بعد عدة أشهر أخبر فيها الحزب الديمقراطي الاتحادي DUP أن أي رئيس وزراء بريطاني لا يقدر أو يستطيع الموافقة على [رسم] حدود كهذه على البحر الإيرلندي [أي فصل إيرلندا الشمالية عن البر الرئيس]. وبعدما وافق عليه، طلب من رجال الأعمال في إيرلندا الشمالية أن يرسلوا أي معاملات شاقة إليه في مقر رئاسة الوزراء، حيث سترمى في سلة المهملات. ومنذ ذلك الحين، وجد مصدرو سندويتشات الدجاج صعوبة في نقلها عبر البحر الإيرلندي.

بعبارة أخرى، يتحمل جونسون شخصياً إلى حد كبير المسؤولية عن بروتوكول إيرلندا الشمالية، وهي حقيقة يرددها على نحو منتظم كبير مفاوضيه ديفيد فروست– أصبح اللورد فروست– الذي يخوض اليوم كمرشح من خارج الفريق الحكومي المعركة الانتخابية الفرعية المقبلة في تيفرتون أند هونيتون، وسيستمر في إثارة المتاعب أينما ذهب.

على الرغم من مسؤوليته الشخصية عن بروتوكول إيرلندا الشمالية، لا يبدو جونسون، كالعادة، ميالاً إلى أن الدفاع عن الوثيقة أو التخلي عنها. بل إنه يفضل بدلاً من ذلك التردد والتأخير، ما يثير غضب الأطراف المهمة المؤيدة للبروتوكول والمعادية له في آن في إيرلندا الشمالية. وقد يتساءل أصدقاء الاتحاد داخل حزب المحافظين ما إذا كان هو أفضل رجل لإبقاء إيرلندا الشمالية في سلام وجزءاً من المملكة المتحدة.

والحق أن جونسون غير شعبي بالقدر نفسه في اسكتلندا. فهو، أكثر من أغلب الساسة المحافظين حتى، ظهوراً كشخصية إنجليزية في شكل متعمد تقريباً، محاطة بشخصيات رجعية أخرى مثل جاكوب ريس-موغ [نائب ووزير الدولة لفرص بريكست وكفاءة الحكومة]، التي مواقفهم الإمبريالية وتصورهم عن قساوتهم تعزز الشعور بالتميز لدى الاسكتلنديين، الذين يحبون أن يعتبروا أنفسهم أكثر كرماً وتقدمية.

ومن دون داع [مسوغ]، حاول رئيس الوزراء منع نيكولا ستيرجن من ارتياد مؤتمر الأطراف الـ26 في غلاسكو ناعتاً إياها بـ"هذه المرأة اللعينة الشبيهة بوي جيمي كرانكي [شخصية تلفزيونية اسكتلندية كوميدية]". وهي تبادله أشد الاحتقار لشخصه ولأدائه السياسي. وبمزيد من عدم اللامبالاة، ظهر ريس-موغ في أستوديو برنامج "نيوزنايت" الذي تبثه "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) ليصف زعيم المحافظين الاسكتلنديين، دوغلاس روس، بأنه "خفيف الوزن". وحث روس وسالفته، روث ديفيدسون، جونسون على الاستقالة بسبب "بارتي غيت" (على الرغم من تراجع نبرة روس منذئذ، في شكل غير مقنع).

بالنتيجة، يبدو أن من المرجح أن يتكبد "المحافظون" خسائر فادحة في انتخابات المجالس المحلية، وأن يدفعوا إلى المركز الثالث بعد حزب العمال للمرة الأولى منذ سنوات. وعلى الرغم من أن المرء قد لا يرغب في المبالغة في تقدير الأمور، فإنها ستشجع ستيرجن في سعيها إلى استفتاء آخر على الاستقلال، ترغب في إجرائه العام المقبل.

وسيتحتم على المحافظين إلى الشمال والجنوب من الحدود [بين إنجلترا واسكتلندا] أن يفكروا في ما إذا كان جونسون، حتى مع امتلاكه السلطة الرسمية في نقض محاولة استفتاء، يشكل دعماً فعلياً في النضال من أجل إبقاء اسكتلندا في اتحادها مع إنجلترا. فوجوده في منصبه يجعل الفوز في أي استفتاء مقبل أمراً أكثر صعوبة.

وقد يكون المركز الثاني لحزب العمال أيضاً بمثابة إحياء صغير ولكنه مهم لحظوظه في اسكتلندا– هو لا يشغل سوى مقعد واحد [عن اسكتلندا] في برلمان المملكة المتحدة– وفرصة أعظم لبروز حكومة بقيادة [زعيمه كير] ستارمر في الانتخابات العامة المقبلة، ربما بدعم من الحزب القومي الاسكتلنديSNP في برلمان المملكة المتحدة. وهذا بدوره من شأنه أن يثير تساؤلات جديدة حول موقف حزب العمال من الاستفتاء ومستقبل الاتحاد. ولدى المحافظين مصلحة قوية في حشد التأييد في اسكتلندا، وقد أثبت جونسون أنه رهان خاسر هناك.

كما هي الحال مع إيرلندا الشمالية، سيحتاج المحافظون في اسكتلندا بل وفي مختلف أنحاء المملكة المتحدة إلى أن يسألوا أنفسهم عن مدى قدسية الاتحاد في نظرهم حقاً، وما إذا كانوا سيشعرون بسعادة أكبر كحزب قومي إنجليزي، وفي الحالين، كيف تستمر زعامة جونسون في خدمة مصالحهم.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس – اندبندنت عربية-


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-3480.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-03-29 12:03:46