شبكة الأمة برس | حرب أوكرانيا.. درس للصين والهند!


حرب أوكرانيا.. درس للصين والهند!

عقب انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، في 24 فبراير الماضي، فرض كل أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا ونيوزيلاندا عقوبات على روسيا. بل حتى سويسرا، الدولة المحايدة تقليدياً، وافقت على كبح تعاملاتها المالية مع روسيا. غير أن عدداً مفاجئاً من البلدان لم يشارك في العقوبات حتى الآن، بما في ذلك المكسيك والبرازيل والأرجنتين وبلدان محورية في الشرق الأوسط لديها علاقات وثيقة مع روسيا.

في آسيا، رفض العملاقان الهند والصين أيضاً التنديد بروسيا أو فرض عقوبات عليها. علاقات الهند الوثيقة بالاتحاد السوفييتي بدأت النمو في منتصف خمسينيات القرن الماضي وتواصلت مع روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991. كان أساس هذه العلاقة في البداية استراتيجياً في وقت كانت تعترض فيه الولايات المتحدة على سياسة الهند الحيادية وكانت واشنطن تُعدُّ مزوِّداً رئيسياً لباكستان بالأسلحة. وعقب حرب عام 1962 الحدودية بين الهند والصين، أصبحت الهند زبوناً رئيسياً للأسلحة السوفييتية. وخلال السنوات الأخيرة، نمت التجارة بين روسيا والهند ووقَّع البلدان اتفاقيات تعاون تتعلق بالعديد من المشاريع في مجالات الدفاع والطاقة والعلوم والتكنولوجيا، بما في ذلك مشاريع الفضاء. وتُعد الخطط الخاصة بتطوير ربطٍ لوجستي بري بين الهند وإيران وآسيا الوسطى وروسيا بديلاً مهماً لمشاريع «الحزام والطريق» الصينية، التي تهدف إلى تحسين الوصول البري والبحري بين الصين وشرق آسيا مع آسيا الوسطى وأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.

الصين وروسيا عززتا علاقاتهما الوثيقة قبيل أيام قليلة من العملية العسكرية الحالية، وذلك خلال فعاليات أولمبياد بكين الشتوي، حيث وقَّع البلدان اتفاقيةً طويلةَ الأمد موجهةً ضد الولايات المتحدة والغرب بلغ عدد كلمات نصها 5000 كلمة. واللافت أن الهجوم الروسي لم يَحدُث إلا بعد نهاية الألعاب الأولمبية. غير أن الصين تواجه موقفاً صعباً للغاية في اتخاذ قرار بالرد إيجابياً على طلب موسكو للمساعدة العسكرية والاقتصادية، بالنظر إلى الصعوبات التي يواجهها اقتصاد روسيا والعثرات التي تعترض طريق جيشها في أوكرانيا.

وإذا كان زعماء روسيا والصين يكنّان خوفاً وكرهاً مشتركين للغرب، فإن الصين لا تستطيع تحمل كلفة تدهور العلاقات مع أقوى شركائها الاقتصاديين. ففي عام 2021، بلغ حجم تجارة الصين مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قرابة 1600 مليار دولار، في حين لم يتجاوز حجم تجارتها مع روسيا 150 مليار دولار. ومما لا شك فيه أن صعود الصين اللافت إلى مصاف القوى العالمية ما كان يمكن أن يَحدث، لولا وصولها إلى الأسواق والتكنولوجيا الغربية. وعلاوة على ذلك، فإن مستقبلها الاقتصادي، وبالتالي الأمن السياسي للحزب الشيوعي، سيظل مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالسوق العالمية.

وفضلا عن ذلك، فإن إخفاقات الجيش الروسي في إخضاع أوكرانيا بسرعة لا بد أنها تبعث برسالة مهمة للصين.

وعليه، فإنه مصلحة كل من الهند والصين تتمثل في العمل على الوصول إلى نهاية سريعة للحرب في أوكرانيا، اللهم إلا إذا استطاعت روسيا تجاوز مصاعبها الحالية وفرض سيطرتها على ساحة المعركة. وهذا الأمر يمكن أن ينقذ خطط موسكو ويرجئ أي تدخل صيني وهندي مباشر نيابةً عن روسيا. غير أن نهاية الأعمال العدائية لن تؤدي إلى أي إعادة اعتبار لروسيا من قبل الغرب، ما لم يتم التوصل لتسوية تشمل تعويضات لأوكرانيا عن الخسائر الفادحة والجسيمة التي تسببت فيها الحرب.

وختاماً، إذا ظلت الولايات المتحدة وأوروبا واليابان متحدةً جميعاً في بحثها عن تسوية طويلة الأمد للأزمة الأوكرانية الحالية، فستكون الحرب قد أثبتت القوة المالية المتواصلة للنظام المصرفي الدولي الحالي وقدرته على التسبب في ألم مالي لمن يتعرضون للعقوبات من جانبه. ولا شك في أن هذا درسٌ لكل من الهند والصين اللتين سترغبان في تسريع طرق لتطوير آليات مالية بديلة أقل تأثراً، في المستقبل، بأنواع العقوبات التي فُرضت غربياً على روسيا.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس – الاتحاد-


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-3353.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-03-29 08:03:37