شبكة الأمة برس | أي الطرفين تنازل للآخر.. إيران أم الغرب؟


أي الطرفين تنازل للآخر.. إيران أم الغرب؟

التعتيم الإعلامي الشديد المفروض على محادثات الاتفاق النووي في فيينا بين ممثلي دول الغرب وروسيا والصين وبين الوفد الإيراني، يصعب معرفة ما الذي تحقق بالضبط، ومن الذي تنازل لمن، وهل يتوقع التوقيع على اتفاق قريباً. المندوب الروسي، ميخائيل أوليانوف، الذي اعتاد استخدام “تويتر” لتجاوز التعتيم، نشر في الأسبوع الماضي تغريدة كتب فيها: “يمكن التوقيع على اتفاق مطلع شباط”. وقال مندوب الصين، وانغ كوان، إن “المحادثات تسير إلى الأمام ومستمرة”. وتظهر الولايات المتحدة تفاؤلاً حذراً، وتؤكد فرنسا أن كان هناك تقدم، لكنها تضيف بأن “الطريق ما زالت طويلة”. في هذه التصريحات ما يشير إلى أن التشاؤم وعدم الثقة بإمكانية وجود مفاوضات مع بدئها، والخوف من محاولة إيران كسب الوقت، استبدلت بفرضية أن جميع الأطراف، بما في ذلك إيران، معنية ببلورة اتفاق وبسرعة. والخطاب الذي يسمع مؤخراً في إيران ربما يشير إلى حدوث اختراق.

على سبيل المثال، بعد أن نشر أوليانوف على “تويتر” بأن روسيا والصين قد أقنعتا إيران بالموافقة على عدد من التنازلات، ثارت عاصفة في طهران. أي إشارة إلى تراجع لإيران – خصوصاً إذا جاءت من روسيا التي تعتبر حليفتها – يعارض الرواية التي تحاول إيران بثها والتي تقول بأن الغرب هو الطرف الذي يتنازل. المتحدث بلسان وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، سارع للرد، وقال: “إذا كانت لنا موافقة مشتركة على صيغة، فهذا بعد أن أدرك الغرب بأن عليه التراجع عن مواقف الحد الأعلى. الآن، نشهد تراجعاً كهذا، وللدقة، واقعية، لدى الغرب”. خطيب زادة الذي لم يعط أي تفاصيل عما تنازل عنه الغرب، أكد في أقواله بوجود نص معين متفق عليه. الصيغة السابقة، الاتفاق النووي من العام 2015، أي هذه الصيغة لا تستند إلى طلبات إيران الجديدة، التي عرضت في 29 تشرين الثاني.

إذا كان ما نشر صحيحاً، نستنتج بأن الدول الغربية وإيران أيضاً قد نزلت عن الشجرة. بايدن، كما نتذكر، كان يطمح بأن توافق إيران على مناقشة برنامج صواريخها البالستية، أو على الأقل وضع أساس لمحادثات مستقبلية تقلق الغرب، مثل دعمها لمنظمات الإرهاب وتدخلها في النزاعات الإقليمية. وإيران من ناحيتها طلبت في البداية رفع جميع العقوبات قبل استئناف المفاوضات بعد تجميدها في حزيران بسبب الانتخابات الرئاسية. بعد ذلك، قدمت ثلاث وثائق تم فيها تفصيل شروطها الجديدة. طلبت مرة أخرى رفع العقوبات، وكذلك ضمانات من أمريكا بأن لا تنسحب في المستقبل من أي اتفاق يتم توقيعه، وإقامة آلية متفق عليها تراقب تطبيق رفع العقوبات.

من هنا جاء غضب إيران من روسيا، لأنها تعتبر الآن كمن تضر بصورة إيران المتصلبة، بل و”تتآمر مع الولايات المتحدة ضد إيران”، هذا حسب أقوال محللين إيرانيين. والدليل على هذا التآمر عثر عليه المحللون في المقابلة المصورة لأليانوف مع رئيس طاقم الولايات المتحدة، روبرت مالي. على أي حال، التجربة تعلم بأنه عندما ينشب خلاف بين الشركاء في المفاوضات حول مسألة هوية الطرف المتنازل، يمكن القول بأن ثمة تنازلات. والسؤال هو ما إذا كان فيها ما قد يصل إلى اتفاق.

 ستقدم الإجابة عن ذلك بعد الزيارة المخطط لها للرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، هذا الشهر في موسكو، التي سيلتقي فيها الرئيس بوتين. رئيسي يطمح إلى التوقيع مع موسكو على اتفاق تعاون أمني، وفيه شراء طائرات “سوخوي 35” وتحسين وتحديث طائرات “ميغ” الموجودة لدى الجيش الإيراني، وشراء أنظمة صواريخ مضادة للطائرات من نوع “اس400”. نطاق هذه الصفقات يبلغ 10 مليارات دولار خلال عشرين سنة. ويتوقع أن تمولها إيران بصفقة مقايضة النفط مقابل السلاح. مشكوك فيه إذا كانت روسيا ستصادق على بيع صواريخ “اس400” بالتحديد في الوقت الذي تدخل فيه إلى معركة ثنائية سياسية مع واشنطن حول مسألة أوكرانيا وكازاخستان. إضافة إلى ذلك، ربما ستضع روسيا شروطاً مرتبطة بالاتفاق النووي أيضاً على أجزاء الصفقة الأخرى.

في الوقت نفسه، يبدو أن الضغط الداخلي نحو الاتفاق النووي آخذ في التزايد. في بداية الشهر الحالي، زار رئيسي مدينة قم، المركز الديني، كعادة رؤساء الحكومة والزعيم الأعلى. وقال له فقهاء الشريعة الكبار أثناء الالتقاء معه بأن هناك إلحاحاً للدفع بالمفاوضات قدماً وتبني سياسة تخرج إيران من عزلتها الدولية التي فرضت عليها. “إيران مضطرة إلى الاتصال بالعالم. وفي الوقت نفسه الحفاظ على كرامتها وسلطتها. يجب على الحكومة بث رسالة سلام وصداقة مع كل العالم”، قال آية الله صافي غولفيانغاني. وثمة شخص كبير آخر هو عبد الله امولي، حث رئيسي على إجراء المفاوضات مع الغرب. “علينا التفاوض معهم ومصافحتهم إذا أردنا ذلك أم لا. ولكن علينا عد أصابعنا بعد ذلك”. لم يخش عدد من فقهاء الشريعة من انتقاد رئيسي لفشله في وعوده بتحسين اقتصاد إيران، واتهموه بـ “قيادة القطار إلى حافة الهاوية”.

سمع رئيسي هذه الاتهامات مرة أخرى، بلغة أكثر شدة، من أعضاء البرلمان بعد أن عرض عليهم الميزانية، التي فيها عجز، المخططة للسنة القادمة. خلافاً لفقهاء الشريعة، لأعضاء البرلمان صلاحية للمطالبة بإقالة وزراء فاشلين وحتى إقالة رئيس الحكومة.

 

بقلم: تسفي برئيل

هآرتس 10/1/2022


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-3121.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-20 02:04:30