شبكة الأمة برس | حديث دخاني عن السلام اليمني!


حديث دخاني عن السلام اليمني!

على وقع القصف الصاروخي الحوثي الذي طال أحياء سكنية في مدينة مأرب وتسبب في قتل وجرح العشرات من المدنيين من بينهم أطفال، تصاعدت مجددا الجهود الأميركية والأممية لحلحلة ملف السلام في اليمن، في ظل دخان كثيف من التعقيدات التي لا يبدو أنها تشير أبدا إلى سلام ممكن أو متاح إلا على أنقاض الأطراف المتحاربة وبقاء طرف واحد أو اثنين على أكثر تقدير لتقاسم كعكة اليمن المحترقة.

وتكمن أبرز عقبات التوصل لحل سياسي في الأزمة اليمنية في رغبة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران لتحقيق انتصار حاسم وقاهر على خصومها، مستفيدة من ارتباك وضعف المواقف الدولية التي مازالت تستجدي أي تنازل حتى شكلي يمكن أن تتقدم به الميليشيات الحوثية المزهوة بانتصاراتها الخاطفة في عدد من جبهات مأرب.

وينطلق الحوثيون في تصعيدهم العسكري من جهة وتجاهلهم كل التحركات الدولية من جهة أخرى على عاملين أحدهما داخلي يتمثل في رغبتهم جني حصاد سبع سنوات من أخطاء وصراع المتخندقين في الجبهة المناوئة لهم، فيما يأتي العامل الآخر نتيجة رغبة غربية – أميركية ملحة لعقد صفقة مع إيران حول الملف النووي تشمل كما يبدو تقديم تنازلات لصالح مشروع طهران في المنطقة وفي مقدمة ذلك الملف اليمني.

وانطلاقا من هذه المعطيات يواصل الحوثيون تصعيدهم العسكري باتجاه مأرب غير عابئين بالإدانات الدولية، وعيونهم على أحد أهم أهدافهم العسكرية منذ بداية الحرب والتي أعاقت تقدمهم نحو إكمال مخطط إسقاط اليمن وتهديد المنطقة برمتها، بصفتهم وكيلا رخيصا وغير مكلف للنظام الإيراني الذي بات اليوم يستخدم الورقة اليمنية كإحدى أهم أوراق ابتزازه للمجتمعين الإقليمي والدولي.

ومع تزايد شعور العالم بأن قدرته على انتزاع أي تنازلات من الحوثيين ضرب من العبث، في ظل المعطيات اليمنية والإقليمية والدولية التي تخدم أجندة محور إيران، تواصل الدبلوماسية الأميركية من خلال زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان للمنطقة بالتزامن مع جولة قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ وشملت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، وهي تحركات يبدو مما تسرب عن تفاصيلها أنها استمرار لنهج الضغط على كل القوى التي تواجه المشروع الحوثي لتقديم المزيد من التنازلات، كتعويض عن الفشل المزمن في إجبار الحوثيين على تقديم أي تنازلات في المقابل، في صورة فاقعة لحالة البراغماتية التي يتعامل بها العالم مع الحروب والأزمات المتصاعدة كما حدث في أفغانستان ويحدث في اليمن.

ومن يتفحص اليوم خارطة الصراع العسكري والسياسي للملف اليمني يدرك جيدا أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والتحالف العربي بقيادة السعودية قد قدما أقصى ما يمكن تقديمه من تنازلات للتوصل إلى حل على الأرجح إن تم سيكون شكليا ومؤقتا ولن يدوم طويلا على غرار اتفاقات سابقة أفرغها الحوثيون من محتواها وطوعوها لخدمة مشروعهم الأيديولوجي المرتبط بمنظومة المصالح الإيرانية العابرة للحدود، وهو ما يعني أن تقديم المزيد من التنازلات كما ترغب واشنطن والأمم المتحدة يعني الإقرار عمليا بتسليم اليمن لإيران وتمكين طهران من خاصرة النفط العربية.

ومع الانسداد في أفق السلام الحقيقي في اليمن وغض المجتمع الدولي نظره عن الهجوم الذي يستهدف مدينة مأرب آخر معاقل الحكومة الشرعية في شمال اليمن وهو الأمر الذي يبدو منسجما مع اعتقادات استطاع الحوثيون ترسيخها في أذهان عدد من المسؤولين الدوليين ومفادها أن سيطرة الحوثي على مأرب ستكون نهاية المطاف لمشروعهم العسكري قبل الانخراط في جولات الحوار السياسي لوضع نهاية للحرب في اليمن، يبدو أن الرهان القادم سيكون السعي لإبرام اتفاق دولي وإقليمي حول عدد من القضايا المشتعلة في المنطقة يكون الملف اليمني أحد بنودها، بما يكفل نقل الصراع اليمني من طوره الإقليمي والدولي وتحويله إلى ملف صراع واقتتال داخلي على غرار ما حدث في الصومال على سبيل المثال.

 

  • صحافي يمني

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-2838.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-20 03:04:22