شبكة الأمة برس | الصراع الديمغرافي لم ينتهِ


الصراع الديمغرافي لم ينتهِ

نحن نشهد مؤخرا موجة تحذير من كثرة السكان في إسرائيل. يقال لنا انها مكتظة هنا أكثر مما ينبغي وسنكون حريديم أكثر مما ينبغي وربما يهودا أكثر مما ينبغي. أطفال صاخبون في ساعات الراحة وسيارات عائلية تسد الطرقات.

في العقود السابقة دار في البلاد جدال معاكس، حول إنذارات من فقدان قريب للأغلبية اليهودية. وقد اعتمدت على الاخفاقات مثل الإحصاء المزدوج للعرب في شرقي القدس (مرة كسكان إسرائيل ومرة كسكان المناطق) وتجاهل الهجرة العربية المكثفة من البلاد. واضيف إلى ذلك تقليص ساحق في هجرة اليهود من البلاد، ارتفاع كبير في التكاثر الطبيعي لليهود من كل الطبقات الاجتماعية والثقافية (باستثناء الحريديم، الذين تباطأ تكاثرهم قليلا) وهبوط ثابت في التكاثر الطبيعي العربي في إسرائيل وفي المناطق. من كل هذه الظواهر، فان التقلص في الهجرة المضادة والارتفاع في التكاثر الطبيعي لليهود هما اللذان يقضان مضاجع الكُتّاب في الصحيفة الصهيونية سابقا “هآرتس”. احدهم، عوفر ايلاني، بالغ ودعا إلى استئناف “زخم” الهجرة المضادة من البلاد وإلى “تصدير” اليهود، لتحسين المجتمعات في بلدان الهجرة. وهو قلق من حقيقة أن إسرائيل موضع جذب للمهاجرين (ليس بقدر كاف) وللإسرائيليين وفقا للتقلص في الهجرة المضادة وعودة الإسرائيليين إلى البلاد.

نوعاما شورك ورام فورمن يهاجمان التكاثر الطبيعي اليهودي. هي من الناحية البيئية وهو من ناحية الكراهية اللاذعة للحريديم. كل هذه الهجمات سخيفة ومثيرة للشفقة: فالناس لن يقرروا الهجرة أو الإنجاب وفقا لاعتبارات ايلاني، شورك وفورمن. كما لن ينجح السوط تقليص الدعم للأولاد. لقد تعاظمت إسرائيل اقتصاديا بينما سياسة الرفاه لديها صغيرة جدا. وعليه فان الجمهور في البلاد لن يسمح بمس كبير بالدعم للأولاد. تقليصات وزير المالية نتنياهو اتيحت في ساعة أزمة اقتصادية، وهي أيضا اثرت بشكل طفيف. في النظام الديمقراطي، بخلاف الطغيان مثل الصين، فان تأثير الحكومة على الإنجاب هامشي.

في بداية الدولة مثلا، لم تنجح الدولة في اقناع الاشكناز بزيادة عدد العائلات، أو الشرقيين بتقليصها. مثال آخر: الهبوط الديمغرافي الكاسح الذي تشهده اوروبا الأن، لدرجة الأزمة الاجتماعية – الاقتصادية والثقافية تجرب رغم سياسة رفاه سخية للغاية.

حجة الاكتظاظ تبدو جديدة، ولكن عمليا توجد لها خلفية تاريخية طويلة من الاخفاقات بالتوقعات وسوء فهم بأن تكاثر البشر هو مقدر هام. الادعاءات البيئية مصدرها تحذيرات الديمغرافي طوماس مالتوس في نهاية القرن الثامن عشر التي تقول إن الزيادة السكانية ستحدث مجاعة وأزمة اقتصادية نهايتهما تقليص مجدد للسكان. قيد البريطانيون هجرة الضائقة الاشكنازية إلى البلاد بحجة عدم القدرة الاقتصادية على استيعاب الملايين. ونسخت ادعاءاتُهم في المؤسسة الإسرائيلية في الخمسينيات وعادت في مواقف المعارضين للهجرة غير المحدودة، مقابل المؤيدين لها برئاسة دافيد بن غوريون وغولدا مائير.

المعارضون في حينه لا يختلفون جوهرا في ادعاءاتهم عن المحذرين اليوم، ولا يقلون عنهم بالعمى التاريخي. لقد ضرب الشعب اليهود ديمغرفيا بشدة. هذا حصل منذ وقت غير بعيد. والآن فقط بدأ ينتعش.

الصراع مع العرب على سيطرتنا في البلاد لم ينته وهو متعلق بالولادة، إلى جانب الهجرة وتقليص اقصى لهجرة غير اليهود إلى البلاد. صحيح، لا يمكن أن نعرف كيف تؤثر اعتبارات جماعية كهذه على قرارات الولادة لدى العائلات. معقول ان يكون التفاؤل والحيوية العامة يؤثران أكثر. ويحتمل ان يكون هذا هو هدف المحذرين على انواعهم: تكدير السماء لأجل الردع عن إنجاب الأطفال إلى العالم.

يجب الاعتراض على هذه التخويفات. فالسبيل إلى الخروج من الاكتظاظ هو الاستيطان المديني المركز والعالي (وليس القروي إذ هنا مؤيدو البيئة محقون) خارج كتلة تل ابيب. الزيادة يجب توجيهها إلى متروبولين بئر السبع، العفولة وإلى بيسان، في نهاية الطريق السريع من الخضيرة وحريش؛ إلى بناء مكثف متجدد لمعاليه افرايم في الغور، في نهاية طريق 5 من راس العين؛ والى مدينة جديدة في جنوب الغور، في نهاية طريق 1. وليس اقل اهمية – التوسيع الكبير لكتسرين، ارئيل ومعاليه ادوميم اللواتي وضعها مخيف ويحتاج إلى علاج سريع.

 

آفي برئيلي

إسرائيل اليوم – 1/8/2021


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-2566.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-25 07:04:15