شبكة الأمة برس | ماذا لو أقام الفلسطينيون "مستوطنة طارق" وسط تل أبيب؟


ماذا لو أقام الفلسطينيون "مستوطنة طارق" وسط تل أبيب؟

تخيلوا فلسطينياً أطلق جندي إسرائيلي عليه النار وقتله. ورداً على ذلك، قرر فلسطينيون ثأرهم من إسرائيل، فأقاموا بؤرة استيطانية في ميدان الدولة بتل أبيب. ثم جاءت قوات الأمن الفلسطينية تساعدهم وترسل الجرافات العسكرية لشق الطريق إلى المستوطنة الجديدة، باستثمار يبلغ أكثر من مليون شيكل، وبأموال من تبرعات مجهولة. وخلال بضعة أسابيع، غير ميدان المدينة وجه المدينة، إذ أقيمت على أراضيها قرية فلسطينية. ثم أخذ الغزاة يكذبون بقولهم إن ميدان المدينة “أراضي دولة”، في حين تقول إسرائيل إنها “أراض خاصة”، ثم تقول السلطة الفلسطينية إنه يجب “فحص” مكانة الأرض، فربما تكون “أراضي تسوية”. هكذا وجدت في ميدان الدولة مستوطنة جديدة باسم “طارق”، على اسم “طارق صنوبر” الذي قتل على أيدي الجنود الإسرائيليين بعد يومين على ولادة ابنه البكر.

قرية “طارق” ستبقى في الميدان إلى الأبد، وكل يوم سينشئون فيها مباني جديدة. 52 عائلة فلسطينية تعيش فيها الآن، وأصبح فيها مسجد ومركز ثقافي. ثم تبدأ حكومة التغيير الفلسطينية تتباطأ في إخلاء البؤرة، وكلما مر الوقت يتحول هدمها إلى سيناريو مقطوع عن الواقع. مئات اليهود من سكان منطقة ميدان الدولة يخرجون للتظاهر ضد القرية الجديدة التي بنيت على أراضيهم، والشرطة الفلسطينية تطلق النار الحي عليهم وتقتل 6 أشخاص منهم.

السكان القدامى في الميدان محطمون وقلقون. فهم يقومون بفتح نوافذ بيوتهم ويدهشون من رؤية الغزاة الذين استوطنوا مركز الميدان على أراضيهم الخاصة، أمام عيونهم التي ترفض تصديق ذلك. كل جهودهم للتظاهر أو التوجه إلى السلطات وطلب إعادة استرجاع أراضيهم ذهبت هباء. قرية “طارق”… حقيقة قائمة.

أتذكر مقابلة مع ناشطة من المستوطنين، دانييلا فايس، بعد مرور يومين أو ثلاثة أيام على العملية في مفترق “تفّوح” التي قتل فيها يهودا غويتا. بعيون لامعة وكلام معسول، كالعادة، قالت فايس إنها ستقيم مستوطنة جديدة. وعندما يصل الأمر إلى سرقة الأراضي، فإن السارقين القدامى لا يموتون ولا يختفون، ولن يتوقفوا عن السرقة. فايس كذبت بوقاحة في حينه. لأن كل شيء مباح من أجل أرض إسرائيل.

وقالت إن الأمر يتعلق بأراضي دولة، حتى لو لم يكن لها أي حق في غزو أراضي الدولة. يجب على المتشككين مشاهدة صفحة جمعية “كيرم نبوت” في “فيسبوك”، فهذا باحث الاستيطان، درور ايتكس، أثبت هناك بالصور الجوية أن الفلسطينيين قاموا بفلاحة هذه الأراضي قبل سيطرة الجيش الإسرائيلي عليها في الثمانينيات. وبعد بضعة أيام على ذلك، ذهبت إلى “أفيتار”. حوالي 20 وحدة سكنية كانت هناك، وكان في مركزها جرافة عسكرية كبيرة جاءت للمساعدة. جنود بالزي العسكري تم توثيقهم وهم يشاركون في البناء. عدد من الضباط وقفوا جانباً وهمسوا لرؤساء المستوطنين حول تصالح جديد. بعد فترة قصيرة ستصبح “أفيتار” موجودة إلى الأبد.

الحقيقة هي أن وجود “أفيتار” لا يغير الكثير. المستوطنون انتصروا منذ زمن، و52 عائلة أصبحت تعيش في “أفيتار”. لن يقوم شخص ما في أي يوم بإخلاء 700 ألف مستوطن. وهذا ما سيحدث؛ فلن يقوم بإخلاء الـ 52 عائلة. فقد تحول الواقع إلى أمر لا رجعة عنه. ولكن التلال التي تحيط بـ”أفيتار” غارقة بدماء خمسة فلسطينيين قتلوا عليها، وبدماء عشرات الأشخاص الآخرين الذين أصيبوا بنار الجيش الإسرائيلي، الذي هو أحد الجيوش المميزة في العالم إلى جانب جيش ميانمار الذي يقتل المتظاهرين بالرصاص الحي.

بنظرة تاريخية، فإن الاستيطان في “أفيتار” غير مهم بحد ذاته، ولكن العدل الصغير وحق الملكية لسكان القرى الثلاث التي تحيطها يجب إعادتهما. فوق كل شيء، “أفيتار” تعد امتحاناً للحكومة الجديدة.

بنظرة تاريخية، فإن الاستيطان في “أفيتار” غير مهم بحد ذاته، ولكن العدل الصغير وحق الملكية لسكان القرى الثلاث التي تحيطها يجب إعادتهما. فوق كل شيء، “أفيتار” تعد امتحاناً للحكومة الجديدة.

وإذا بقيت “أفيتار” فسنعرف أخيراً أن حكومة اليمين، كما تخوفنا، هي حكومة عدم التغيير. لا يوجد امتحان أكثر وضوحاً من ذلك. فأي مصالحة لا تشمل إعادة جميع الأراضي لأصحابها، وهدم جميع المباني التي أقيمت هناك، ستكون ضربة أخرى للعدالة. من أجل السكان الذين يرون زعران المستوطنين الإسرائيليين وهم يستطونون في أراضيهم برعاية الجيش، وأنهم عاجزون أمامهم، فعلى كل إسرائيلي عاقل أن يصلي من أجل خراب “أفيتار” ومحو هذا العار عن وجه الأرض. إن جريمة منظمة مثل هذه يجب تدميرها من جذورها.

 

بقلم: جدعون ليفي

هآرتس 24/6/2021


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-2401.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-26 08:04:25