شبكة الأمة برس | الهند.. "كورونا" وانتخابات الولايات


الهند.. "كورونا" وانتخابات الولايات

شهدت الهند انتخابات تشريعية على مستوى الولايات في خمس ولايات هي: آسام وبنغال الغربية في الجزء الشرقي من البلاد، وكيرالا وبودينشبري وتاميل نادو في الجزء الجنوبي. ولئن كان تحقيق فوز في كل هذه الولايات يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لحزب بهاراتيا جاناتا، فإن فوزاً في ولاية بنغال الغربية كان يعتبر أولى الأولويات بالنسبة للحزب الحاكم. غير أنه مني بانتكاسة كبيرة لطموحاته في بنغال الغربية على أيدي ترينامول، وهو حزب محلي تقوده كبيرة الوزراء الحالية في هذه الولاية «ممتا بينرجي»، التي عادت إلى السلطة للمرة الثالثة، بعد أن تقدمت على بهاراتيا جاناتا في معركة انتخابية محتدمة.
كان هناك اهتمام سياسي كبير في البلاد بما حدث في انتخابات بنغال الغربية، وذلك لأنها كانت من بين المعاقل السياسية الأخيرة القليلة التي كان حزب بهاراتيا جاناتا يرغب في السيطرة عليها. فبعلامته التجارية القومية، نجح هذا الأخير في توسيع مجال نفوذه بعيداً عن شمال البلاد ووسطها، بفضل شعبية رئيس الوزراء «مودي». ونجح في توسيع مجال نفوذه إلى مناطق مختلفة من البلاد، متغلباً على الصورة السائدة عنه باعتباره حزباً للطبقة العليا فقط. وحدث هذا بفضل شعبية رئيس الوزراء «مودي» ومستشاره الاستراتيجي وزير الداخلية «أميت شاه». ومع أن الحزب مني ببعض الانتكاسات في بعض الانتخابات الولائية سابقاً، إلا أنه استمر في السيطرة على المشهد السياسي للبلاد.
رئيس الوزراء «مودي»، الذي صمدت شعبيته رغم وباء كورونا وتباطؤ النمو الاقتصادي، كان وجه حملة الحزب الحاكم الانتخابية في بنغال الغربية. والجدير بالذكر هنا أنه في الهند تخاض انتخابات الولايات بالارتكاز على المواضيع المحلية، ومن المعروف أن الناخبين يصوّتون بشكل مختلف في الانتخابات الوطنية وانتخابات الولايات. ومن العوامل الأخرى وراء عودة ممتا بينرجي إلى السلطة ككبيرة الوزراء للمرة الثالثة، نجاحها في وصف «مودي» بأنه متطفل في الولاية عبر تشديدها على الفخر البنغالي. كما نجحت في الحصول على أصوات الأقليات والنساء لصالحها في هذه الانتخابات.
وعلى الرغم من أن نتائج الانتخابات شكّلت من دون شك انتكاسة للحزب الذي يحكم في المركز إضافة على أغلبية من الولايات الهندية، إلا أنها لم تمثّل إلغاء تاماً لبهاراتيا جاناتا. ذلك أن الحزب رفع عدد مقاعده في الجمعية التشريعية التي يبلغ عدد مقاعدها 294 مقعداً، من 3 مقاعد فقط في انتخابات 2016 إلى 77 مقعداً في الانتخابات الحالية. واستطاع شغل المكان الذي كان يشغله سابقاً «المؤتمر الوطني الهندي» والأحزاب اليسارية. ولهذا، فإنه بات اليوم في وضع أقوى في الولاية مما كان عليه. وهذا يمثّل بكل تأكيد نوعاً من العزاء لحزب بهاراتيا جاناتا.
وقد كانت هناك أيضاً بعض الأخبار السارة للحزب الحاكم، إذ احتفظ بالسلطة في ولاية أسام الواقعة شمال شرق البلاد. ولكن كما كان متوقعاً، لم يحقق الحزب نتائج جيدة في الولايات الجنوبية. وعلى سبيل المثال، ففي ولاية كيرالا، فازت «الجبهة الديمقراطية اليسارية»، وهي عبارة عن تحالف لأحزاب يسارية، وعادت إلى السلطة مرة أخرى. أما في تاميل نادو، وهي ولاية كان يأمل بهاراتيا جاناتا أن يقوّي حضوره فيها، فقد وصل حزب «دي إم كي» المحلي إلى السلطة. وهذا يُظهر أن جهد الحزب الحاكم الرامي إلى زيادة حضوره السياسي في الولايات الهندية الجنوبية ما زال صعباً.
بيد أن أكبر انتكاسة ربما هي تلك التي مني بها حزب «المؤتمر الوطني» الهندي، ذلك أن الحزب الذي يبلغ عمره مئة عام عجز من جديد عن ترك بصمته في هذه الجولة من الانتخابات، إذ خسر أمام «بهاراتيا جاناتا» أو أمام أحزاب محلية أخرى في كل هذه الولايات. ومن الواضح أن هذا مؤشر إلى أن حزب «المؤتمر» ما زال يعاني ويحتاج إلى إعادة بناء استراتيجيته نظراً لأنه عجز حتى الآن عن إبداء معارضة فعلية لحزب رئيس الوزراء مودي.
وكانت الانتخابات في الولايات الهندية الخمس أُعلنت من قبل «لجنة الانتخابات الهندية» في فبراير من هذا العام. وبحلول أوائل مارس، كانت حالات الإصابة بفيروس كورونا قد بدأت في الارتفاع بولاية ماهاراشترا. ولكن التحذيرات من أن الهند توجد وسط موجة ثانية أكثر خطورة تجوهلت، إذ عُقدت تجمعات انتخابية ضخمة من قبل كل الأحزاب المتنافسة. ومنذ ذلك الحين، بدأ عدد الإصابات في الارتفاع. وكان هناك تخوف بشأن إجراء الانتخابات في هذه الظروف بالنظر إلى العدد المتزايد من حالات الإصابة بـ«كوفيد-19»، ولكن لجنة الانتخابات رفضت تغيير التواريخ المقررة.
الآن، كل الأحزاب السياسية طلبت من منتسبيها الإحجام عن الاحتفال بفوزها. وبالنسبة للحكومات الجديدة في الولايات التي تظهر بعد هذه الانتخابات، فإن التحدي الآن يكمن في التعاطي مع وباء كورونا. وفي هذا الصدد، أعلنت «ممتا بينرجي» أن أولى أولوياتها هي محاربة الموجة الثانية من الوباء.
لقد تسببت التجمعات الانتخابية في كثير من الضرر، وقد آن الأوان الآن لكي يحارب كل من «المركز» وحكومات الولايات معاً الوباء من أجل إنقاذ أرواح عشرات الآلاف من ضحايا الفيروس.

 

*كاتب وأكاديمي هندي 


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-2206.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-18 05:04:51