شبكة الأمة برس | الخطاب الدينى.. بين التجديد والتجميد!


الخطاب الدينى.. بين التجديد والتجميد!

أفهم معنى تجديد الخطاب الدينى بأنه العودة إلى القرآن والسنة وإجماع فقهاء المسلمين، والبعد عن الجدل والعادات والتقاليد والآراء والاحكام المتطرفة، وكل مايتم نسبته للإسلام رغم ابتعادها عن مقاصده الحقيقية.
مثلاً: نريد خطاباً دينياً حول المرأة والإسلام، مستمد من القرآن والسنة، وبعيد عن عادات وتقاليد الشعوب التى ألحقت بالنساء أشد الضرر، وجرى تصويرهن على أنهن درجة ثانية، ومغتصبات الحقوق ولا كيان لهن.
نريد خطاباً حقيقياً لا يخضع للأهواء الشخصية، ولا ينصرف إلى إهانة المرأة التى كرمها الإسلام أشد تكريم ويلحق بها المتطرفون إهانات شديدة، يتم نسبتها للإسلام زوراً وبهتاناً.
فتاوى كثيرة تتعلق بسن زواج البنت وأحكام الطلاق والميراث وخروج المرأة للعمل، وغيرها من الأفكار التى تعشش فى بعض العقول المنغلقة.
ومثلاً: نريد خطاباً دينياً صحيحاً حول علاقتنا بشركاء الوطن المسيحيين، يكون دستوراً يقمع رغبات المتطرفين فى إشعال الفتن والحرائق، واستحضار أحداث أفنت دولاً وشعوباً، وجعلت بحور الدماء تجرى بلا انقطاع.
فلا نريد أن نستقبل مناسباتنا الدينية والوطنية بخرافات فتاوى الظلام التى تحرم الاحتفال برأس السنة وشم النسيم وتبادل التهنئة مع المسيحيين، وغيرها من فتاوى التشرذم، ولنغلق هذا الباب تماماً، وتتم مساءلة من يحاول اقتحامه.
ومثلاً: نريد خطاباً دينياً راسخاً حول الأديان والأوطان بعد أن دشنت الجماعة الإرهابية مفهوم التعارض بينهما، ضربا للهوية الوطنية ومحاولة تدميرها ومحوها، وجرياً وراء أوهام الخلافة التى لا تقوم إلا على أنقاض الأوطان وهدم ثوابتها.
ومثلاً: نريد خطاباً دينياً مجدداً فى مسائل الجهاد المشروع والقتل الإجرامى، وفى مجتمعاتنا الإسلامية يبيح الارهابيون قتل أبناء الوطن، ويقسمون الناس بين "مؤمنين" و"رويبضة" وكأنهم يمسكون موازين الحساب ويمتلكون مفاتيح الجنة والنار.
نريد خطاباً دينياً يزيح الجهل عن العقول والغل من القلوب، ويوقف نزيف الدم، ويضرب الأطماع السياسية التى ترتدى عباءة دينية، وتعتبر الإسلام مجرد وسيلة لاقتناص الحكم.
عشنا أياماً انتشرت فيها أفكاراً تعتنق الخرافات وتهلل لكل ما هو ضد العقل والمنطق، مثلما روجوا فى اعتصامى رابعة والنهضة بأن سيدنا جبريل يأتى كل يوم لصلاة الفجر، وأن الوقوف برابعة أفضل من الوقوف بعرفات، وأن وضع صورة مرسى فى أكفان القتلى تخفض عذاب القبر.
نريد خطاباً دينياً رشيداً يصنع حدوداً فاصلة بين الدين والسلطة، ويمنع استثمار المشاعر الدينية فى اعتلاء السلطة، والتحكم فى مصائر الناس بالسياف والجلاد، بعيداً عن مظلة القانون والعدالة والمساواة.
نريد أشياء كثيرة لنصل إلى خطاب دينى يرفع شأن الأمم والشعوب ويعمم مفاهيم الإنسانية والعدالة والمساواة، ويسمو بالإسلام الذى أنزله المولى عز وجل لخدمة البشرية وإسعادها، وليس نشر الفزع والخوف والرهبة.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن الأمة برس


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-2203.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-18 11:04:39