الحرب بطبيعتها ظالمة لإنها تستنطق القوة وتغيب العقل .. ولأن منطقها هو منطق الغلبة ، وشرعتها هي القتل والموت والدمار .. ووقودها هم الأبرياء.
اما الحرب التي لا تنتج سلاما فهي حرب ليست ظالمة فقط بل عبثية أيضا ، هي حرب لن ينتصر فيها احد ، واذا ما انتصر فهو مهزوم ..
الحرب العالمية الأولى استمرت اربع سنوات والثانية ست سنوات ، وكلاهما انتهت بمنتصر ومهزوم .. واستمرت الحياة ، وعجلة التنمية لم تتوقف..
بينما حربنا استمرت ست سنوات - ولا تزال- دمرت الدولة والمجتمع ، وتوقفت الحياة واعادتنا سنوات ضوئية إلى الوراء.
ست سنوات حرب ، مزقت النسيج الاجتماعي اليمني ، وقضت على الألفة والمحبة بين الناس ، اثارت النزعات المذهبية، والعرقية، الطائفية، والمناطقية، وايقضت روح الكراهية بين النخب والعامة..!!
هي حرب لم تدمر الدولة والمجتمع فقط ، بل دمرت الدين ايضا، وقضت على الاخلاق والقيم، وسلبت الكرامة..
دخان ونار:
ست سنوات دخان ونار، حولت اليمن إلى ساحة حرب بالوكالة على دماء اليمنيين .. انتهكت فيها السيادة الوطنية واحتلت الجزر والموانئ اليمنية ، وصودر القرار السياسي اليمني بصورة مخيفة ومخجلة.
ست سنوات من الحرب .. تغريب للهوية الوطنية .. احدثت انقسامات طائفية وجهوية ، قسمت اليمن إلى كانتونات صغيرة .. واوجدت عصابات تقتل، وتسرق، وتنهب، وتقطع الطريق، وتمتهن كرامات الناس.
كان عندنا دولة واحدة ، وعاصمة واحدة ، وحكومة واحدة ، ومرجعية دستورية واحدة ، وجيش واحد ، وبالحرب صارت عندنا ثلاث دويلات، وثلاث عواصم ، وثلات مرجعيات ، وثلاثة جيوش .. وثلاث مصائب !!!
ست سنوات حرب منعت المواطن من التنقل بامان في وطنه ..كنا نسافر من صنعاء إلى عدن والعكس خلال اربع إلى خمس ساعات بمتعة وأمان ، واصبحنا نسافر منها واليها خلال ثلاثة إلى اربعة أيام ، ويصل المسافر منا إذا كان له في العمر بقية.
كانت لدينا سبعة مطارات واصبح لدينا ربع مطار تحت إمرة المندوب السامي (احمد البلوشي)، وكانت موانئنا وجزرنا تخضع للسيادة الوطنية، واصبحت اليوم تحت قبضة وسيطرة "الاستحمار" الجديد.
حرب سراب:
نكرر ونقول أن حربنا هي حرب ظالمة وغير عادلة .. وبالتأكيد كلكم يعرف لماذا ؟!!
ومن هنا ، من كل هذا العبث والموت والدمار نقول كفى حربا ؟!
إنها حرب ظالمة وخاسرة، وغير عادلة.. ولن تنتج لكم نصرا، لأنها سراب.
*المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع