شبكة الأمة برس | مناسبات لا يحكمها التعصب ..!!


مناسبات لا يحكمها التعصب ..!!

قال: ما هذا ؟! ألست بمسلم؟!
قلت: لا حول ولا قوة الا بالله .. ايش حصل ؟! وليش تشتي تخرجني من الاسلام ؟!!
قال: هذا التماهي والاطناب في تزيين مناسبات "النصارى" و"الكفار" ماذا تسميه اليس كفرا؟!
قلت: كفراااا مرة واحدة ؟!
وبدأ يقل من ادبه فانهيت الدردشة، اما متمذهب متعصب آخر فعلق يقول:
" تتشدق ... وعادك تتغزل بهم وتذم بلدك وشعبك.. " !!!
رجعت الى ما كتبته في عمود الاسبوع الماضي تحت عنوان (احتفالاتهم برأس السنة) ولم اجد فيه لا كفرا بديني ولا ذما لشعبي وبلدي !!
تحدثت عن عالم اخر لا يحكمه التعصب، ولا تسيطر عليه نوازع الحقد والكراهية، وليس منشغلا بقتل بعضه، بل كتبت مشاهدات بريئة عن مبدعبن منشغلين برسم البسمة وصنع الحياة.. يستحقون التهنئة وإلقاء السلام، وهم يحتفلون بأعيادهم بهذه الطريقة المثلى..
وارى انه من حق العالم كله ان يحتفي برأس السنة الميلادية لعدة أسباب أهمها:
1) المناسبة هي مناسبة ميلاد نبي الله عيسى عليه السلام، الذي حمل رسالة الديانة "المسيحية" ثاني أقدس الديانات السماوية، التي أسهمت بتغيير مسار حركة التاريخ.
2) رأس السنة الميلادية يمثل بالنسبة لكل العالم (مسيحيين ويهودا ومسلمين وبوذيين، وهندوس، وزرادتش، ووثنيين، وشيوعيين وملحدين...الخ) تاريخاً مهماً، لأنهم جميعا لا يتعاملون في حياتهم العامة والخاصة بتقويماتهم الدينية أو القومية الخاصة، وإنما هم يتعاملون بتقويم السنة "الميلادية"، وكل تعاملاتهم اليومية المالية والمصرفية تتم تبعا لأحداثها..
3) المواطنون في كل الدنيا يعدون شهورهم وأيامهم ومناسباتهم، وأفراحهم وأتراحهم بأيام وشهور التقويم الشمسي، ويتسلمون أجورهم ومرتباتهم نهاية كل شهر ميلادي، وليس نهاية شهر هجري أو يهودي أو صيني.
مرت دورات تاريخية بين الحضارات غيرت موازين القوى، فبينما كان التاريخ الهجري ظاهراً في زمن ازدهار الحضارة الإسلامية (ثقافة وعلما واقتصادا)، أصبح التاريخ اليوم في زمن العولمة وثورة العلم والتكنولوجيا غيره بالأمس، فهو لمن يمتلك مفاتيح السيطرة والتطور والازدهار، وهو لمن ينتج هذا الكم الهائل من ضرورات الحياة ومقتنياتها المعاصرة، التي لا يمكن لأي إنسان أو مجتمع في العالم ان يعيش بدونها، وهذه حقيقة لا يمكن لعاقل تجاهلها..
• العالم العربي والإسلامي اليوم يؤرخ لأبرز أحداثه المعاصرة بالتاريخ الميلادي، فالثورات العربية (مثلا) من يوليو 1952 في مصر، ويوليو تموز في سوريا والعراق، و سبتمبر واكتوبر 62-63 في اليمن، والفاتح في ليبيا، وحتى الربيع العربي ومنتجاته المدمرة يؤرخ له بالميلادي.
وإذاً فقد أصبحت السنة الميلادية سنة عالمية، ومهمة بالنسبة الى كل مجتمعات العالم لحقيقة واحدة فقط، هي أنها ترتبط بحركة الحياة ودورتها المعاصرة المذهلة،
ولذلك ولاننا نتعامل بالتقويم الشمسي - الميلادي في حلنا وترحالنا، فنحن ببساطة أصبحنا نتشارك مع (النصارى) هذا التاريخ، الذي أصبح جزءاً ملازما لحركتنا اليومية شئنا ام ابينا.
يقول البعض من إخواننا - جزاهم الله خيراً- إن الاحتفال مع النصارى باعياد رأس السنة محرم، وهو قول فيه مغالاة، ولا يستند الى نص، ويسميه اخرون "بدعة"، مع ان الحياة كلها بدعة وابتكار، ولولا ان هناك ابتداع وتجديد لكنا لا نزال نعيش تفاصيل زمن السقيفة، فالبدعة في اللغة هي الابتكار والاختراع ، ونحن العرب والمسلمين في الوقت الراهن لم نبْرع الا في اختراع الكراهية وانتاج الظلم والموت والاستبداد.
وإذن، فهؤلاء المبدعون المنشغلون برسم البسمة وصنع الحياة .. يستحقون التحية والتهنئة وإلقاء السلام، واعتقد أننا كعرب ومسلمين نستحق ان نتعلم من بعض ما عندهم لنحفظ ما تبقت لنا من اوطان وما بقي لنا من أمل..

*كاتب وسياسي يمني 
*المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع


شبكة الأمة برس
https://thenationpress.net

رابط المقال
https://thenationpress.net/articles-1719.html


تمت طباعة المقال بتاريخ 2024-04-20 07:04:25