لعنـة اليمــن !
2019-09-19
حسن عبدالوارث
حسن عبدالوارث

كتب صحافي عربي أنه كلما أعتقد بأنه يعرف اليمن وأهله ، أدرك أنه يجهله ! ، برغم أنه يُعَدّ من ذوي الاختصاص بالشؤون اليمنية .
ومنذ سنوات عدة ، ذهبتُ لوداع صديق فرنسي كان سفيراً لبلده في اليمن ، وقد أعترف لي بأنه رغم طول فترة اقامته وعمله في اليمن ، سيخرج منها كما دخلها لأول مرة .. لا يدري حقيقة ما يحدث فيها !
وحكى لي الكاتب المصري الكبير كامل زهيري أنه يعتقد بأن اليمنيين قوم من الجن ! .. وشيء من هذا القبيل سمعته من وزير ثقافة أوروبي .

...

نحن لسنا موغلين في الغموض والأحاجي الى درجة عصيَّة على الفهم ..
ولسنا قوماً من الجن أو رهطاً من العفاريت ..
قد توحي بعض أفعالنا بشيء من الأولى ، وبعض أشكالنا بشيء من الثانية ..
لكننا - في صُلب المُقام وصلصال المشهد - أبسط من البساطة ذاتها .. وأكثر آدمية من معظم شعوب المعمورة ..
لكن مشكلتنا الحقيقية هي أن الله أبتلانا بنفرٍ من الأوباش قُدِّر لهم أن يحكمونا ، فأوغلوا فينا نهشاً وبطشاً ، حتى باتت أحوالنا على شاكلة المسوخ !

...

لنا تاريخ ظل حبيس الماضي ، على غير تاريخ غيرنا من الشعوب الذي أمتد دافقاً الى الحاضر ومنطلقاً نحو المستقبل ..
لنا عقول لا تستطيع الابداع الاَّ اذا انطلقت من اسار الوطن الى خارجه ، بحيث يمكنك الاعتقاد بأن العقل اليمني لا يصلح البتة للعمل في اليمن !
لنا ثروات لا يتصوّرها بشر ، في امكانها اغراق أهل هذي البلاد في محيط من العسل يتدفّق من جبال من ذهب .. لكن فينا كائنات أسطورية لها قدرات سحرية على احالة العسل الى خل والذهب الى روث !

...

أبتلانا الله بموقع طبيعي استراتيجي يُغري الغُزاة ويُسيل لُعاب اللصوص ، فاستحالت النعمة لدينا الى نقمة . عدا الابتلاء بطعنةٍ نجلاء ضربتنا في الخاصرة من جيران سوء . بات الجار الشمالي يتوغَّل ويتغوَّل أكثر مما كان دأبه منذ زمن بعيد . أنضمَّ اليه الجار الشرقي الذي ظل لزمن طويل يلتحف مسوح الرهبان . وثمة الجار البعيد الذي ترك جُزُره محتلة وجاء يحتل جُزُرنا . ولم يبقَ الاَّ الجار جنوب غربي - البحري - ليكتمل محور الشر ، فاذا به قرصاناً فاق بشروره قراصنة القرن الثاني عشر !

غير أن البلاء الأكبر والابتلاء الأعظم جاءنا من بعض أهلنا أكثر مما جاءنا من جيران السوء . فقد أنبرى بعضنا ينهش في لحمنا لاختلاف في المِلَّة الصغرى وخلاف في العِلَّة الكبرى ، وهي الحالة التي استشرى داؤها واستعصى دواؤها منذ 14 قرناً . وانبرى بعضنا يشرب من دمنا بُغية انسلاخ يرومه عن اللُحمة وانفصال ينشده عن الكلمة واختلال في بُنيان الأُمَّة التي فُتَّ في عَضَدها ونخر في كبدها سُمُّ الغُمَّة . وانبرى بعضنا يُقاتل بعضنا على شريعة استنكرها الله واحتكرها الشيطان ... فاذا بالفتنة حَلَبة مشهودة ، واذا بالفطنة طفلة موؤدة !

...

اليمن هي الملاك الذي لعنه الله وسخطه على هذه الصورة ..
ولن يتلاشى أثر هذه اللعنة مادام هؤلاء الأوباش يحكموننا !

 



مقالات أخرى للكاتب

لا توجد مقالات أخرى للكاتب





كاريكاتير

إستطلاعات الرأي